منذ سنوات والرياضة المغربية تراوح مكانها، بل إنها بدل أن تمضي إلى الأمام فإنها تتراجع إلى الخلف، ففي معظم الرياضات لا صوت يعلو فوق صوت الإخفاقات، وحتى إذا تحققت بعض النتائج الطيبة، فإنها لا تتعدى النطاق الإفريقي.ليس خافيا على أحد أن كرة القدم الرياضة الشعبية الأولى في المغرب تتخبط منذ سنوات، فالمنتخب الوطني منذ 12 سنة وهو عاجز عن تحقيق ربع إنجاز، بل إنه منذ سنة 2004 لم يتمكن من بلوغ الدور الثاني لكأس إفريقيا، أما كأس العالم فتلك حكاية أخرى، ذلك أنه منذ سنة 1998 عندما شارك في مونديال فرنسا وهو خارج نطاق الخدمة، فقد غاب عن كأس العالم طيلة 20 سنة بالتمام والكمال. ألعاب القوى دخلت بدورها متاهة كبيرة، فكل ذلك الماضي الجميل تحول إلى مجرد ذكريات نعود إليها بين الحين والآخر لمتابعة الزمن الجميل ل»أم الألعاب» وضرب كف بكف حسرة على ما آلت إليه أوضاعها. أما الواقع فإنه أليم جدا، فالبوديوم لم نعد نصعد إليه، بل إن مسؤولي الجامعة إذا ما بلغ عداء أو عداءة نهائي مسابقة عالمية فإنهم باتوا يحولون الأمر إلى إنجاز ما بعده إنجاز.عودوا إلى دورات الألعاب الأولمبية وبطولات العالم لألعاب القوى ونظيرتها للعدو الريفي لتدركوا إلى أين وصلت هذه الرياضة، علما أن ما هو أسوأ هو أن الخلف يكاد يكون غائبا. هذا حال رياضتي كرة القدم وألعاب القوى التي تحصل على دعم مالي كبير، ولا تعاني من أية مشاكل مالية. في بقية الرياضات، هناك الكثير مما يقال، فكرة اليد ظلت تعاني بسبب مشاكل التسيير، قبل أن تستقر بها الأوضاع أخيرا، ورغم ذلك فإن المنتخب الوطني أنهى بطولة إفريقيا في المركز السادس، أما كرة السلة فإنها كانت على وشك سنة بيضاء، وقد تابعنا حروبها الأهلية التي نشبت ومعارك مسيريها. هذه فقط بعد النماذج، هنا لابد أن نتساءل مرة أخرى عن مآل توصيات المناظرة الوطنية الثانية للرياضة التي جرت بالصخيرات يومي 24 و25 اكتوبر 2008، وعن مآل خارطة الطريق التي جاءت بها الرسالة الملكية، والتي حددت الأعطاب ورسمت خارطة الطريق. إن الرياضة المغربية مازالت تعاني، فبينما تتقدم الأمم في هذا المجال، وتجدد دماءها وترصد آليات جديدة، وهناك مراكز بحث تكشف النقائص وتضع وصفات العلاج، فإن رياضتنا مازالت في دار غفلون، ومازالت رهينة قبضة من المسيرين، حيث تختلط المصالح بالسياسة، وبالنفوذ، وبالريع. أين هي وزارة الشباب والرياضة، وما دورها هي التي تحولت إلى «خيط أبيض» تبرم الصلح بين أبناء الرياضة الواحدة، ما هي استراتيجيتها للمرحلة المقبلة، بل ما الذي قامت به الحكومة برمتها في المجال الرياضي. اللجنة الأولمبية تراوح مكانها، فمنذ ثماني سنوات لم تعقد جمعها العام، بل إن هناك مقرا جديدا لها لم يفتتح بعد، ماذا ينتظرون اللهم أعلم، أما متى سيصبح للجنة الأولمبية دور حقيقي، وليس صوريا، ومتى ستتحول إلى مؤسسة، فإنه علينا أن ننتظر كثيرا. الدولة مغيبة للشأن الرياضي، ولا تهتم به، علما أنها تتابع «المال السايب» هنا وهناك بدون حسيب أو رقيب. ما الذي جعل أنصارا للمغرب التطواني يحملون شعارات عنصرية ضد فريق اتحاد طنجة ومدينته، يبدو السؤال محيرا، أما ما وقع في ملعب سانية الرمل فإنه محير أكثر. كيف تتحول مباراة في كرة القدم إلى ساحة للعنصرية والشعارات البغيضة؟ قبل أن نبحث عمن رفع اللافتات، يجب أن ينصب التحقيق حول من يغذي الأحقاد ويزرع الفتنة بين الجماهير، ويحول الملاعب إلى ساحات حرب ودم. ما وقع يرقى إلى مستوى «الكارثة»، إنه شغب ما بعده شغب، ويجب تطبيق القانون ضد كل من تسول له نفسه أن يرفع شعارات عنصرية ضد أبناء البلد الواحد.