بعد خيباته المتراكمة .. النظام الجزائري يفتح جبهة جديدة ضد الإمارات    في خطوة رمزية خاصة .. الRNI يطلق مسار الإنجازات من الداخلة    وداعاً لكلمة المرور.. مايكروسوفت تغيّر القواعد    برشلونة يهزم بلد الوليد    منتخب "U20" يستعد لهزم نيجيريا    العثور على ستيني جثة هامدة داخل خزان مائي بإقليم شفشاون    إسرائيل تستدعي آلاف جنود الاحتياط استعدادا لتوسيع هجومها في قطاع غزة    من الداخلة.. أوجار: وحدة التراب الوطني أولوية لا تقبل المساومة والمغرب يقترب من الحسم النهائي لقضية الصحراء    الوداد يظفر بالكلاسيكو أمام الجيش    جلالة الملك يواسي أسرة المرحوم الفنان محمد الشوبي    الناظور.. توقيف شخص متورط في الاتجار في المخدرات وارتكاب حادثة سير مميتة وتسهيل فرار مبحوث عنه من سيارة إسعاف    حقيقة "اختفاء" تلميذين بالبيضاء    مقتضيات قانونية تحظر القتل غير المبرر للحيوانات الضالة في المغرب    البكاري: تطور الحقوق والحريات بالمغرب دائما مهدد لأن بنية النظام السياسية "قمعية"    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    أمسية احتفائية بالشاعر عبد الله زريقة    نزهة الوافي غاضبة من ابن كيران: لا يليق برئيس حكومة سابق التهكم على الرئيس الفرنسي    52 ألفا و495 شهيدا في قطاع غزة حصيلة الإبادة الإسرائيلية منذ بدء الحرب    تقرير: المغرب يحتل المرتبة 63 عالميا في جاهزية البنيات المعرفية وسط تحديات تشريعية وصناعية    قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها    تفاصيل زيارة الأميرة للا أسماء لجامعة غالوديت وترؤسها لحفل توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة للا أسماء وغالوديت    المغرب يبدأ تصنيع وتجميع هياكل طائراته F-16 في الدار البيضاء    ابنة الناظور حنان الخضر تعود بعد سنوات من الغياب.. وتمسح ماضيها من إنستغرام    حادث مروع في ألمانيا.. ثمانية جرحى بعد دهس جماعي وسط المدينة    العد التنازلي بدأ .. سعد لمجرد في مواجهة مصيره مجددا أمام القضاء الفرنسي    توقيف شخص وحجز 4 أطنان و328 كلغ من مخدر الشيرا بأكادير    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    مجموعة أكديطال تعلن عن نجاح أول جراحة عن بُعد (تيليجراحة) في المغرب بين اثنين من مؤسساتها في الدار البيضاء والعيون    الملك: الراحل الشوبي ممثل مقتدر    وصول 17 مهاجراً إلى إسبانيا على متن "فانتوم" انطلق من سواحل الحسيمة    كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة تحتضن أول مؤتمر دولي حول الطاقات المتجددة والبيئة    الإمارات وعبث النظام الجزائري: من يصنع القرار ومن يختبئ خلف الشعارات؟    العصبة تفرج عن برنامج الجولة ما قبل الأخيرة من البطولة الاحترافبة وسط صراع محتدم على البقاء    إسرائيل تعيد رسم خطوط الاشتباك في سوريا .. ومخاوف من تصعيد مقصود    تونس: محكمة الإرهاب تصدر حكما بالسجن 34 سنة بحق رئيس الحكومة الأسبق علي العريض    الملك محمد السادس يبارك عيد بولندا    كازاخستان تستأنف تصدير القمح إلى المغرب لأول مرة منذ عام 2008    بيزيد يسائل كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري حول وضعية مهني قوارب الصيد التقليدي بالجديدة    الإقبال على ماراثون "لندن 2026" يعد بمنافسة مليونية    منحة مالية للاعبي الجيش الملكي مقابل الفوز على الوداد    الداخلة-وادي الذهب: البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية    أصيلة تسعى إلى الانضمام لشبكة المدن المبدعة لليونسكو    اللحوم المستوردة في المغرب : هل تنجح المنافسة الأجنبية في خفض الأسعار؟    الكوكب يسعى لوقف نزيف النقاط أمام "الكاك"    غوارديولا: سآخذ قسطًا من الراحة بعد نهاية عقدي مع مانشستر سيتي    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدعاء وعدم المؤاخذة
نشر في ميثاق الرابطة يوم 04 - 03 - 2011

"لا يكلف الله نفسا اِلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو اَخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين" [سورة البقرة، الآية: 286].
قد يقال أيضا بأن هذا الدعاء تلقين من جانب الله، كما لقن المؤمنون التحميد في سور الفاتحة. وقد يقال أيضا إنه محكي على لسان طائفة من المؤمنين في قوله تعالى: "وقالوا سمعنا وأطعنا"[1]. وأيا كان الأمر؛ فإن أبرز ما يمكن ملاحظته أنه مبتدأ بحقيقتين أساسيتين من الحقائق الكبرى التي يتميز بها الدين الإسلامي:
تتمثل الحقيقة الأولى في حقيقة التكاليف الإسلامية التي صورها قوله تعالى: "لا يكلف الله نفسا اِلا وسعها". ومفاد هذه الحقيقة تناغم واتساق أحكام التكليف في هذا الدين مع وسع الإنسان ومع طاقاته المختلفة في فهمها وتعقلها وتفقهها من جهة، وفي العمل بها والاهتداء بها من جهة ثانية.
وتتجسد الحقيقة الثانية في حقيقة الجزاء الإسلامي الذي ورد في قوله تعالى: "لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت". ومفاد هذه الحقيقة مسؤولية هذا الإنسان بكل ما تعنيه من تحمله لنوعية اختياراته ولطبيعة أعماله وأفعاله وتصرفاته ومواقفه في هذه الدنيا.
لم يمنع علم المؤمنين بهاتين الحقيقتين ولم يعق رسوخهما في كيانهم من أن ينطلقوا في دعائهم بأن يحقق الله تعالى لهم سبعة مطالب، نبدأ هذه الحلقة بأولها، وهو عدم المؤاخذة على النسيان أو الخطأ لقوله تعالى: "ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو اَخطأنا". والمؤاخذة من الرب عقاب منه، ولهذا دعا هؤلاء المؤمنين الله عز وجل بألا يعاقبهم على ما يترتب عن نسيانهم أو أخطائهم. والنسيان أو الخطأ المقصودان هنا هو كل ما لا قدرة للبشر على تحمله وما يشق عليهم اجتنابه لقوله تعالى في الآية: "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت". فكل ما يقترفه الإنسان ويرتكبه في هذا الباب من نسيان وأخطاء هو من صنف ما يعذر صاحبه؛ لأنه مهما أجهد نفسه في توخي ما هو حق وما هو طيب وما هو خير؛ فإنه معرض لأنواع من الضعف العملي والتقصير النظري الذي يستوجب دائما مزيدا من المراجعة والمساءلة، والتصحيح والتحقيق. ولعل هذا هو ديدن وحال من يواظب على أسباب الفلاح والإبداع، لكن، بسبب من نسبيته ومحدودية قدراته، يقع في مهاوي النسيان أو يسقط في شرك الأخطاء. ولله در من قال: "لا يخطئ من لا يمارس الحياة".
إن ما لا يعذر فيه الإنسان هو كل ما كان داخلا تحت طاقته، وكان قادرا على تحمله، من تركه للتروي ومن إهماله للتريث، ومن غفلته عن اليقظة، وتفريطه في الرزانة، وافتقاره إلى الاحتياط...، فكلها وسائل وإمكانات تدخل في دوائر طاقات الإنسان، إذ يستطيع النهوض بمقتضياتها ويمكنه تحمل تبعاتها. وعليه إن كل من تغافل عن تحصيل أسباب اليقظة والتصحيح المستمر فهو مؤاخذ؛ لأن الأصل في الإنسان كخليفة لله في الأرض هو المسؤولية التي يتحمل من خلالها تبعات اختياراته ونتائج أفعاله ومآلات مواقفه وتصرفاته. ولهذا أوجبت الشريعة الضمان في إتلاف الخطإ والدية في الجناية. النسيان أو الخطأ هنا مذموم، بل قد يؤاخذ عليه كما في قوله تعالى: "نسوا الله فنسيهم" [سورة التوبة، جزء من الآية: 67]، وقوله تعالى: "فنسي ولم نجد له عزما" [سورة طه، جزء من الآية: 115]. ولهذا آخذ الله تعالى فريقا من أهل الكتاب على نسيانهم؛ لأنه كان إهمالا منهم لقوله تعالى: "ونسوا حظا مما ذكروا به" [سورة المائدة، جزء من الآية: 13]، وقوله تعالى: "فنسوا حظا مما ذكروا به" [سورة المائدة، جزء من الآية: 14].
لا يؤاخذ الله تعالى على النسيان أو الخطأ الخارجين عن إرادة الإنسان وإمكاناته العقلية وطاقاته الجسدية وقدراته المادية. وعلى الرغم من علم المؤمنين برحمة الله تعالى وعدله؛ فإنهم يدعون بهذا الدعاء؛ لأن المقصد هو إظهار مزيد من التضرع إليه ومزيد التذلل بين يديه، كما في قوله تعالى: "قل رب احكم بالحق" [سورة الأنبياء، جزء من الآية 112]، وقوله: "ربنا وءاتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة" [سورة اَل عمران، جزء من الآية 194]. لا يعنى طلب المؤمنين من الله تعالى عدم مؤاخذتهم ومعاقبتهم على ما يترتب عن نسيانهم أو أخطائهم من عواقب أنهم لا يجهدون أنفسهم في الاحتياط وفي التحري وفي التفكر وفي التذكر وفي التريث. عدم النهوض بهذه الواجبات من السلبيات التي ينفر منها الدين الإسلامي؛ لأن المؤمن لا يأخذ الحياة الدنيا والحياة الأخرى بضعف. ونحن أمرنا أن نأخذ الحياة بقوة كما هي في قوله تعالى: "يا يحيى خذ الكتاب بقوة" [سورة مريم، جزء من الآية 12]. والقوة مقول عليها بالتشكيك وبالتنوع إذ متفاوتة في مراتبها، وهي متنوعة في مظاهرها؛ لأن منها ما هو مادي، ومنها ما هو إرادي أو عقلي أو عاطفي أو روحي.
------------------------
1. التحرير والتنوير؛ ج 3، ص: 135.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.