التعاضدية العامة تعتمد برنامج عمل لتقويم الأداء والرفع من المردودية    جيبوتي تتخذ المغرب نموذجا في نشر القوانين وتعتبر تجربته رائدة    الناجي: "الاتحاد الاشتراكي" أصبح يتيما بعد وفاة الحسن الثاني وأُصيب بفراغ فكري ونرجسية سياسية عطّلت قدرته على التجديد    شبكة صحية: المصحات الخاصة تبتلع ميزانية "أمو تضامن" وتهدد استمرارية المستشفى العمومي    رفيق بناصر يترأس لقاء تنظيميا لحزب التجمع الوطني للأحرار بالجديدة    الحكومة تعتمد مسطرة تفاوضية لتسريع إصلاح 91 مركزا استشفائيا    تونس توضح حقيقة منع تصدير التمور إلى المغرب    فرنسا.. سرقة مجوهرات "لا تقدر بثمن" خلال عملية سطو استهدفت متحف اللوفر بباريس    "أشبال الأطلس" على بعد خطوة من معانقة اللقب العالمي    المدرب الأرجنتيني :نهائي مونديال الشيلي لأقل من 20 سنة .."المنتخب المغربي خصم قوي وما حققه في البطولة لم يكن بالأمر الهين "    فتحي جمال في حوار مع (فيفا): إنجاز أشبال الأطلس في كأس العالم لأقل من 20 سنة ثمرة استراتيجية تطوير محكمة    سرقة مجوهرات خلال عملية سطو في متحف اللوفر بباريس    بعد صدور حكم بالبراءة لصالحها.. سيدة الأعمال الملقبة ب"حاكمة عين الذياب" تلجأ للقضاء الإداري للمطالبة بوقف قرار الهدم لمطعمها    5 سنوات لزعيم شبكة القروض بالجديدة .. أفرادها استغلوا هويات موظفين بالعمالة قبل حصولهم على 72 مليونا    مباراتان وديتان : المنتخب المغربي النسوي يواجه اسكتلندا وهايتي ضمن تجمع إعدادي من 19 إلى 28 أكتوبر    نهائي مونديال الشيلي.. جيسيم: "عازمون على انتزاع اللقب العالمي"    حسن واكريم.. الفنان المغربي الذي دمج أحواش والجاز في نيويورك    ملايين في أميركا يحتجون ضد ترامب تحت شعار "لا للملوك"    نتانياهو يعلن عزمه الترشح مجددا لرئاسة الوزراء في الانتخابات المقبلة    استدعاء كاتب فرع حزب فدرالية اليسار بتاونات بسبب تدوينة فايسبوكية    الجيل الرقمي المغربي، قراءة سوسيولوجية في تحولات الحراك الإفتراضي وإستشراف مآلاته المستقبلية.    باكستان/أفغانستان: اتفاق على "وقف فوري لاطلاق النار" بعد محادثات في الدوحة    إسرائيل تتعرف على هوية جثة رهينة    طقس الأحد: أجواء حارة بالجنوب الشرقي وسحب بالسواحل    ارتفاع مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي ب 64 في المائة عند متم شتنبر في ميناء طانطان    بعد توقف ثمانية أيام.. حركة "جيل زد" تستأنف احتجاجاتها في أكثر من مدينة وسط أجواء سلمية    "مرحبا بيك".. إينيز وريم تضعان بصمتهما الفنية في كأس العالم النسوية بالمغرب    "الأشبال" ينهون التحضيرات للقاء الأرجنتين    انتقادات تطال وزيرة المالية وسط صمت حكومي وتأخر في عرض مشروع قانون المالية على الملك    الصحافة الأرجنتينية: قيمة فريق "التانغو" تفوق خمس مرات "أشبال الأطلس".. لكن الحسم سيكون فوق العشب    مدرب بركان: "لن نخجل من الهزيمة"    خبير مغربي: إعادة إعمار غزة تتطلب دعما عربيا وإسلاميا كبيرا (مقابلة)    شركة يابانية تختار تطوان لبناء مصنع ضخم للسجائر    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    جشع الباعة بالتقسيط ينفخ أسعار "اللحوم البرازيلية" في مجازر المغرب    حادث اشتعال بطارية يحول مسار طائرة صينية    فتح بحث قضائي لتحديد ظروف وملابسات وخلفيات إقدام موظف شرطة على محاولة الانتحار    الهندسة رافعة التنمية... سودو يؤكد أن المهندس المغربي في قلب مشروع مغرب 2030    الفنان فؤاد عبدالواحد يطلق أحدث أعماله الفنية    خريبكة تحتضن الدورة 16 للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بمشاركة دولية ومحلية واسعة    انتقاء أفلام المهرجان الوطني للفيلم.. جدلية الاستقلالية والتمويل في السينما    ارتفاع المداخيل الجبائية إلى 258 مليار درهم خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025    مشروع "ميهادرين" الإسرائيلي لإنتاج الأفوكادو بالمغرب يثير جدلاً وسط أزمة المياه وتزايد الدعوات لوقف التطبيع    باحث روسي: مؤشرات الاقتصاد المغربي تؤهله لشراكة استراتيجية مع موسكو    الدفاع المدني ينعى 9 أشخاص في غزة    "الحال" يفتتح فعاليات الدورة 25 من المهرجان الوطني للفيلم في طنجة    وفاة الفيزيائي تشين نينج يانج الفائز بجائزة نوبل    مغربيان ضمن المتوجين بجائزة كتارا للرواية العربية    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    414 مليار درهم قيمة 250 مشروعا صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمار    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدعاء وعدم المؤاخذة
نشر في ميثاق الرابطة يوم 04 - 03 - 2011

"لا يكلف الله نفسا اِلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو اَخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين" [سورة البقرة، الآية: 286].
قد يقال أيضا بأن هذا الدعاء تلقين من جانب الله، كما لقن المؤمنون التحميد في سور الفاتحة. وقد يقال أيضا إنه محكي على لسان طائفة من المؤمنين في قوله تعالى: "وقالوا سمعنا وأطعنا"[1]. وأيا كان الأمر؛ فإن أبرز ما يمكن ملاحظته أنه مبتدأ بحقيقتين أساسيتين من الحقائق الكبرى التي يتميز بها الدين الإسلامي:
تتمثل الحقيقة الأولى في حقيقة التكاليف الإسلامية التي صورها قوله تعالى: "لا يكلف الله نفسا اِلا وسعها". ومفاد هذه الحقيقة تناغم واتساق أحكام التكليف في هذا الدين مع وسع الإنسان ومع طاقاته المختلفة في فهمها وتعقلها وتفقهها من جهة، وفي العمل بها والاهتداء بها من جهة ثانية.
وتتجسد الحقيقة الثانية في حقيقة الجزاء الإسلامي الذي ورد في قوله تعالى: "لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت". ومفاد هذه الحقيقة مسؤولية هذا الإنسان بكل ما تعنيه من تحمله لنوعية اختياراته ولطبيعة أعماله وأفعاله وتصرفاته ومواقفه في هذه الدنيا.
لم يمنع علم المؤمنين بهاتين الحقيقتين ولم يعق رسوخهما في كيانهم من أن ينطلقوا في دعائهم بأن يحقق الله تعالى لهم سبعة مطالب، نبدأ هذه الحلقة بأولها، وهو عدم المؤاخذة على النسيان أو الخطأ لقوله تعالى: "ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو اَخطأنا". والمؤاخذة من الرب عقاب منه، ولهذا دعا هؤلاء المؤمنين الله عز وجل بألا يعاقبهم على ما يترتب عن نسيانهم أو أخطائهم. والنسيان أو الخطأ المقصودان هنا هو كل ما لا قدرة للبشر على تحمله وما يشق عليهم اجتنابه لقوله تعالى في الآية: "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت". فكل ما يقترفه الإنسان ويرتكبه في هذا الباب من نسيان وأخطاء هو من صنف ما يعذر صاحبه؛ لأنه مهما أجهد نفسه في توخي ما هو حق وما هو طيب وما هو خير؛ فإنه معرض لأنواع من الضعف العملي والتقصير النظري الذي يستوجب دائما مزيدا من المراجعة والمساءلة، والتصحيح والتحقيق. ولعل هذا هو ديدن وحال من يواظب على أسباب الفلاح والإبداع، لكن، بسبب من نسبيته ومحدودية قدراته، يقع في مهاوي النسيان أو يسقط في شرك الأخطاء. ولله در من قال: "لا يخطئ من لا يمارس الحياة".
إن ما لا يعذر فيه الإنسان هو كل ما كان داخلا تحت طاقته، وكان قادرا على تحمله، من تركه للتروي ومن إهماله للتريث، ومن غفلته عن اليقظة، وتفريطه في الرزانة، وافتقاره إلى الاحتياط...، فكلها وسائل وإمكانات تدخل في دوائر طاقات الإنسان، إذ يستطيع النهوض بمقتضياتها ويمكنه تحمل تبعاتها. وعليه إن كل من تغافل عن تحصيل أسباب اليقظة والتصحيح المستمر فهو مؤاخذ؛ لأن الأصل في الإنسان كخليفة لله في الأرض هو المسؤولية التي يتحمل من خلالها تبعات اختياراته ونتائج أفعاله ومآلات مواقفه وتصرفاته. ولهذا أوجبت الشريعة الضمان في إتلاف الخطإ والدية في الجناية. النسيان أو الخطأ هنا مذموم، بل قد يؤاخذ عليه كما في قوله تعالى: "نسوا الله فنسيهم" [سورة التوبة، جزء من الآية: 67]، وقوله تعالى: "فنسي ولم نجد له عزما" [سورة طه، جزء من الآية: 115]. ولهذا آخذ الله تعالى فريقا من أهل الكتاب على نسيانهم؛ لأنه كان إهمالا منهم لقوله تعالى: "ونسوا حظا مما ذكروا به" [سورة المائدة، جزء من الآية: 13]، وقوله تعالى: "فنسوا حظا مما ذكروا به" [سورة المائدة، جزء من الآية: 14].
لا يؤاخذ الله تعالى على النسيان أو الخطأ الخارجين عن إرادة الإنسان وإمكاناته العقلية وطاقاته الجسدية وقدراته المادية. وعلى الرغم من علم المؤمنين برحمة الله تعالى وعدله؛ فإنهم يدعون بهذا الدعاء؛ لأن المقصد هو إظهار مزيد من التضرع إليه ومزيد التذلل بين يديه، كما في قوله تعالى: "قل رب احكم بالحق" [سورة الأنبياء، جزء من الآية 112]، وقوله: "ربنا وءاتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة" [سورة اَل عمران، جزء من الآية 194]. لا يعنى طلب المؤمنين من الله تعالى عدم مؤاخذتهم ومعاقبتهم على ما يترتب عن نسيانهم أو أخطائهم من عواقب أنهم لا يجهدون أنفسهم في الاحتياط وفي التحري وفي التفكر وفي التذكر وفي التريث. عدم النهوض بهذه الواجبات من السلبيات التي ينفر منها الدين الإسلامي؛ لأن المؤمن لا يأخذ الحياة الدنيا والحياة الأخرى بضعف. ونحن أمرنا أن نأخذ الحياة بقوة كما هي في قوله تعالى: "يا يحيى خذ الكتاب بقوة" [سورة مريم، جزء من الآية 12]. والقوة مقول عليها بالتشكيك وبالتنوع إذ متفاوتة في مراتبها، وهي متنوعة في مظاهرها؛ لأن منها ما هو مادي، ومنها ما هو إرادي أو عقلي أو عاطفي أو روحي.
------------------------
1. التحرير والتنوير؛ ج 3، ص: 135.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.