بعدما كانت فكرة الموضوع مثار جدل حاد بين حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، في مجلس الشمال قبل ثلاث سنوات، وافق مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة بالإجماع، على إجراء دراسة علمية حول خصائص ومميزات نبتة الكيف المحلي، يمولها المجلس بغلاف مالي قدره مليون درهم. وهي النقطة التي وردت في جدول أعمال دورة يوليوز العادية التي انعقدت أول أمس الاثنين. وباستثناء مستشار واحد من المعارضة ينتمي لحزب العدالة والتنمية، صوت أعضاء المجلس بالإجماع على النقطة المجدولة 30 في ترتيب قائمة تتكون من 47 نقطة في أعمال المجلس، والمتعلقة بإجراء دراسة على القنب الهندي المحلي، بشراكة مع المعهد العملي لجامعة محمد الخامس بالرباط. وبرر المستشار مصطفى الحشلوفي موقفه المتحفظ على تمرير الاتفاقية، بكون الإشكالية المراد التوصل إلى نتائج لها، محسومة من الناحية العلمية، إذ سبق لعدد من الأكاديميين في جامعة عبد المالك السعدي، أن توصلوا إلى خلاصات تبين وجود فوائد ومزايا علاجية في نبتة “الكيف”، بناء على أبحاث ودراسات من إنجازاتهم الذاتية حول الموضوع، ومن جهة ثانية، يعتقد أن هناك خلطا بين الدفاع عن “البحث العلمي” و”الزراعة” في الآن نفسه. ودافع الحشلوفي في مداخلته عن موقفه، موضحا أن لدى حزبه موقفا خلافيا من قضية زراعة القنب الهندي، لكنه في المقابل يؤيد فكرة الاستعانة بالدراسات والأبحاث التي أنجزها أساتذة رائدون في البحث العلمي في جامعة عبد المالك السعدي، بحسب قوله، خاصة وأن مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة، تربطه معها اتفاقية شراكة غلافها المالي قدره 65 مليون درهم، مقترحا تخصيص جزء من ذلك التمويل لتطوير دراسات حول أهمية القنب الهندي المحلي في علاج مجموعة من الأمراض. غير أن إلياس العماري رئيس جهة طنجةتطوانالحسيمة، عرض النقطة مباشرة على تصويت أعضاء المجلس، حيث حظيت بالمصادقة بالإجماع على إنجاز دراسة حول خصائص ومميزات القنب الهندي المحلي، والقيام بمختلف التجارب المخبرية والأبحاث الميدانية، لاكتشاف إمكانيات استعماله لأغراض طبية وعلاجية وصيدلية، مبديا التزامه أمام مكونات المجلس بأن يبقى الموضوع في مجال إجراء الأبحاث العلمية. وبرر العماري لجوء مجلس الجهة إلى المعهد العلمي لجامعة محمد الخامس، لكونه يتوفر على صفة البعد الوطني، مضيفا بأن هذه الآفة لم تعد موطنة في جهة جهة طنجةتطوانالحسيمة، وإنما في مجالات ترابية أخرى، كإقليم تاونات، والذي يتبع ترابيا لجهة فاس التي توجد بها أيضا جامعة سيدي محمد بن عبد الله. وبحسب البطاقة التقنية للاتفاقية، فإن مجلس جهة الشمال يلتزم بتمويل الدراسة بغلاف مالي قدره 100 مليون سنتيم، ستشمل تمويل المعدات العلمية واللوجستيكية الضرورية لتنفيذ الدراسة، وتعبئة الموارد البشرية اللازمة لإنجاز مختلف المهام العلمية والإدارية، وتنظيم ملتقيات علمية وندوات وطنية ودولية لتبادل الخبرات، وإجراء التجارب المقارنة على ضوء نتائج الأبحاث. وسيتم تحويل دعم المالي على دفعتين متساويتين، الأولى مباشرة بعد تأشير السلطات الحكومية المختصة على الاتفاقية، والدفعة الثانية من المبلغ بعد مصادقة لجنة التتبع والتقييم التي سيشكلها مجلس الجهة على التقرير المرحلي للدراسة، والتي عهد للمعهد العلمي بالرباط، إنجازها وفق إطار منهجي يحترم الضوابط العلمية، وإعداد تقارير دورية ونشرات حول نتائج الدراسات المنجزة.وكان حزب العدالة والتنمية سنة 2016 انتفض على المستوى المركزي، بعد إعلان مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة، في الأشهر الأولى بعد تشكيله، عن ندوة دولية حول الكيف والمخدرات، اختار لها شعار “من أجل بدائل قائمة على التنمية المستدامة والصحة وحقوق الإنسان”، بشراكة مع كنفدرالية جمعيات صنهاجة الريف للتنمية، والجمعية الوطنية لمحاربة داء السيدا، ونشطاء مدنيين من جنسيات مختلفة. وعلى إثر ذلك، تحرك “إخوان بنكيران” آنذاك في ندوة مضادة، نظمها الائتلاف الوطني لمكافحة المخدرات، شهر أبريل من نفس السنة بالرباط، معلنين رفضهم توصيات ندوة العماري الذي كان حينها أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة، والتي كانت ذهبت في اتجاه الدعوة لتقنين زراعة الكيف. وكانت الندوة الدولية التي عقدها مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة شهر مارس 2016، عرفت مقاطعة فريق العدالة والتنمية بالمجلس، في حين كان نبيل شليح، رئيس فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس الجهة، عزا أسباب امتناعهم عن المشاركة فيها إلى عدم إشراك حزبه في الإعداد الأدبي والتنظيمي لها. ودافع المشاركون خلال تلك الندوة، عن تحويل زراعة القنب الهندي المحلي إلى محرك اقتصادي، عن طريق استعماله في صناعات تحويلية أخرى نافعة للإنسان، على المستوى الصحي والبيئي والتنموي، عوض الاستعمالات المضرة المتمثلة في إنتاج مواد مخدرة، والتي تشكل موضوعا للعقاب بالنسبة لنحو 40 فلاحا في القرى والبوادي في أقاليم شفشاون، وزان، تطوان، الحسيمة، تاونات، مجردين من حقوقهم المدنية ومن دون وثائق هوية، فيما لا تتعدى نسبة تجار المخدرات الملاحقين أمام القضاء واحدا بالمائة، وفق ما كان أعلن عنه إلياس العماري خلال تلك الندوة الدولية قبل ثلاث سنوات..