جندت الحكومة السعودية، المُحبطة من الانتقادات المتزايدة لقادتها وسياساتها على مواقع التواصل الاجتماعي، يوم الأربعاء الماضي، اثنين من موظفي تويتر لجمع معلومات شخصية سرية عن آلاف الحسابات التي شملت معارضين بارزين، وذلك حسب الادّعاء الذي تقدّم به وكلاء النيابة. وتناولت الدعوى في محكمة المقاطعة الأمريكيّة في سان فرانسيسكو تفاصيل الجهد المنسّق من لدن المسؤولين الحكوميين السعوديين لتوظيف الموظفين في هذه الشركة العملاقة للبحث عن البيانات الخاصّة لحسابات تويتر، بما في ذلك عناوين البريد الإلكتروني المرتبطة بحسابات وعناوين بروتوكول الأنترنت التي يمكن أن تحدد موقع المستخدم. تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن الحسابات المستهدفة شملت أبرز منتقدي الحكومة السعودية الذين يتجاوز عدد متابعيهم المليون، بالإضافة إلى الشخصيات الإخبارية، فإنه لم يُذكر أي من أسمائهم. كما زعمت الدعوى أن الموظفين المكلّفين، الذين لم تقتض وظائفهم إمكانية الوصول إلى المعلومات الخاصة بمستخدمي تويتر، كوفئوا من خلال منحهم ساعات تحمل العلامة التجارية «ديزاينر»، وتحويل عشرات الآلاف من الدولارات إلى حساباتهم المصرفية السرية. وفي هذا السياق، اتهم كل من المواطن الأمريكي، أحمد أبو عمو، والمواطن السعودي، علي الزبارة، بالتجسس لصالح المملكة العربية السعودية. من جهتها، لم تدل الحكومة السعودية بأي تعليق فوري عبر سفارتها في واشنطن، كما لم تعترف وسائل الإعلام التي تديرها الدولة بهذه الاتهامات. كانت هذه الدعوى الأولى التي تُتّهم فيها المملكة بالتجسس في الولاياتالمتحدة، علما أن هناك علاقة طويلة المدى تجمع بين البلدين من خلال الاحتياطيات النفطية الضخمة والحسابات الأمنية الإقليمية. وفي الواقع، قُدّمت الدعوى في العموم ضد اثنين من موظفي تويتر السابقين، ورجل ثالث كان يدير شركة تسويق مواقع التواصل الاجتماعي عملت لصالح العائلة المالكة السعودية بعد أكثر من عام من مقتل جمال خاشقجي. ويُذكر أن كاتب العمود في صحيفة «واشنطن بوست» والناقد البارز للحكومة السعودية، قُتل وقُطّع داخل القنصلية السعودية في إسطنبول. بالإضافة إلى ذلك، أقدمت المملكة العربية السعودية، بقيادة الملك سلمان ونجله، ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، البالغ من العمر 34 عامًا، على إخراس واحتجاز منتقدي الحكومة بشكل عدواني. في المقابل، سمحت المملكة للنساء بقيادة السيارات، وفتحت دور السينما. وكان الأمير محمد متورطا في قضية اغتيال خاشقجي، وذلك استنادا إلى تقارير المسؤولين الأمريكيين، فضلا عن تحقيق للأمم المتحدة. وفي هذا الإطار، صرّح الأمير بأنه يتحمل المسؤولية كاملة بالنيابة عن المملكة، على الرغم من أنه نفى تنفيذ عملية القتل. من جهته، صرّح آدم كوغل، الباحث في قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، أن الادعاءات الجنائية تكشف مدى سيطرة الحكومة السعودية على تدفق المعلومات على تويتر. وعموما، تعتبر منصة تويتر المكان الرئيس الذي يعبّر فيه السعوديون عن وجهات نظرهم، إلى جانب أن حوالي ثلث سكان البلاد، الذين يبلغ تعدادهم ثلاثين مليون نسمة، هم مستخدمون نشطون. في هذا الصدد، قال كوغل إن «الحرية التي توفرها منصة تويتر تشكل مصدرا رئيسا للقلق بالنسبة إلى النظام الاستبدادي». وفي الحقيقة، استخدمت الحكومة السعودية أساليب مختلفة للسيطرة على الخطابات ومنع الإصلاحيين وغيرهم من التنظيم، بما في ذلك استخدام الجيوش المتصيدة لمضايقة وتهديد المستخدمين عبر الأنترنت، كما أنها عمدت إلى اعتقال وسجن مستخدمي تويتر. وأشار كبير مستشاري ولي العهد السابق، سعود القحطاني، الذي شغل أيضا منصب مدير اتحاد الأمن الإلكتروني، إلى «القائمة السوداء» لاستهداف منتقدي الحكومة، حتى إنه غرّد في عام 2017 بأن الحكومة لديها سبل لكشف هويات المستخدمين المجهولين على تويتر. ووفقا لتقرير أصدره كوغل هذا الأسبوع، كتب القحطاني: «هل يحميك الاسم المستعار من اللائحة السوداء؟ لا، لأن الدول تمتلك، أولا، طريقة لمعرفة صاحب الاسم المستعار. ويُمكنها، ثانيا، التعرف على عنوان بروتوكول الأنترنت. أما الأمر الثالث، فهو سر لن أبوح به». وأضاف كوغل قائلا: «إذا دمجت ذلك مع ما نعرفه عن هذين الشخصين على الأقل، وما حدث عام 2014 وحتى عام 2015، فسيكون الأمر رائعًا».