دخلت المملكة العربية السعودية، مع ولي العهد محمد بنسلمان، مرحلة لا مجال فيها للأصوات المخالفة، سواء تعلق الأمر بالعلماء أو الصحافيين أو حتى الأمراء الكبار. آخر ما فجرته الصحافة الدولية بهذا الخصوص، هو اعتقال عدد من كبار الأمراء السعوديين، على رأسهم شقيق الملك سلمان الأمير أحمد بنعبدالعزيز، ونجله الأمير نايف بن أحمد بنعبدالعزيز، الذي اعتقل وهو لايزال يشغل منصب بحجم رئيس هيئة استخبارات وأمن القوات البرية، بالإضافة إلى عدد من الأمراء، وعلى رأسهم ولي العهد السابق، الأمير محمد بن نايف بنعبدالعزيز. وتضاربت الآراء حول أسباب هذه الموجة الثانية من الاعتقالات وسط الأمراء، بعد الموجة الأولى التي زج فيها بنسلمان بعدد من الأمراء ورجال الأعمال في فندق “الريتز كارلتون” في 2017. وفي الوقت الذي تحدثت بعض التقارير عن أن الأمراء المعتقلين كانوا بصدد التحضير لانقلاب على الملك سلمان وولي عهده المثير للجدل، وأنهم ربطوا اتصالات مع جهات أجنبية ضمنها مسؤولين أمريكيين، قال آخرون إن المعتقلين أصبحوا يجهرون باستيائهم بخصوص سياسة القبضة الحديدية التي ينهجها بنسلمان مع معارضيه، ويشككون في قدرته على قيادة البلاد، في ظل تراجعات عائدات النفط، وتأثير ذلك على الميزانية العامة للبلد، منذ الهجوم على البنية التحتية النفطية بالمملكة، السنة الماضي… فيما ذهبت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، استنادا إلى مصادر مقربة من البلاط الملكي السعودي، أن بنسلمان أراد من اعتقال عمّه الأمير أحمد، وابن عمّه وزير الداخلية ولي العهد السابق، محمد بن نايف، وآخرين، أن يبعث برسالة إلى بقية أمراء العائلة الحاكمة الذين يشعرون بالظلم والحرمان من الحقوق، مفادها أن اعتقال شقيق الملك سلمان، يعني أن لا حصانة لأحد بعد الآن. وأضافت الوكالة الأمريكية، نقلا عن مصادرها في القصر الملكي، أن الأمير أحمد بنعبدالعزيز عبَّر لدوائر ضيقة محيطة به عن استيائه من قرار إغلاق الحرمين الشريفين، بحجة التخوف من تفشي فيروس “كورونا”. نافية أن يكون لدى الأمير أحمد، ومحمد بن نايف، أي نوايا للقيام بانقلاب على محمد بنسلمان. أما جريدة “وول ستريت جورنال”، فذهبت في اتجاه ترجيح فرضية وجود محاولة انقلابية تورط فيها الأمراء المعتقلون، وأكدت، نقلا عن مصادر في الديوان الملكي السعودي- باتساع دائرة هذه الاعتقالات، التي طالت أبناء العائلة الحاكمة ومسؤولين حكوميين وعسكريين. مضيفة أن الاعتقالات شملت العشرات، وأنه جرى استدعاء وزير الداخلية عبدالعزيز بنسعود بن نايف، ووالده الأمير سعود بن نايف، أمير المنطقة الشرقية والابن الأكبر للأمير نايف بنعبدالعزيز ولي العهد السعودي السابق؛ لاستجوابهما من قبل الديوان الملكي في ما يتعلق بالانقلاب المزعوم، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر. وذكرت “وول ستريت جورنال” نقلا عن مصادرها، أن قوات الأمن اعتقلت العشرات من مسؤولي وزارة الداخلية وكبار ضباط الجيش، وغيرهم ممن يشتبه في دعمهم محاولة انقلاب. وقالت المصادر، التي تحدثت “وول ستريت جورنال”، إن كبار أفراد العائلة المالكة حصلوا على أدلة على “المؤامرة” التي جرى التحضير لها. مضيفة أن ما سمتها حملة التطهير الأمني التي يقوم بها ولي العهد السعودي محمد بنسلمان تثير الرعب في جميع أنحاء السعودية. وفي الوقت الذي مازال مكان احتجاز الأمراء والمسؤولين الذين تحدثت التقارير عن اختفائهم، مجهولا، قالت مصادر خليجية إن الملك سلمان وافق على تلك الخطوة، مضيفا أن الملك يتمتع بحالة عقلية ونفسية جيدة.