جذور المكون العبري في الثقافة المغربية، ضاربة في التاريخ وممتدة في النسيج المجتمعي، بالنظر لما ميز ويميز المجتمع المغربي من تنوع ديني ولغوي موسوم بالتسامح والتعايش بين مخلف المكون، هذا ما أكده باحثون ومختصون خلال مداخلاتهم بندوة حول تمظهرات المكون العبري في النسيج اللغوي والتاريخي للثقافة المغربية. الباحث المتخصص في اللسانيات، محمد المدلاوي، قال في مداخلته خلال الندوة التي حملت عنوان "المكون العبري في الثقافة المغربية ونسيجها اللغوي والتاريخي" إن الرافد العبري، متجذر ومتعمق في التاريخ المغربي، ويظهر هذا على مختلف الأصعدة، في اللغة والعادات والفلكلور والموسيقى. وأبرز المتحدث أنه لأسباب تاريخية وثقافية، ظل الترويج لهذا الرافد غائبا أو مغيبا، خصوصا وأنه قائم على خزانة كبيرة من العلوم والدراسات، كما كان أول نص أدبي يوتوبي مغربي، منشور، كتب بالعبرية فضلا على عدد من النصوص الأدبية والأبحاث الأخرى، التي تطرقت لمختلف جوانب حياة اليهود في المغرب. ورصد المدلاوي الحضور اليهودي في الثقافة المغربية، كاشفا أن امتداداته ونماذجه ما زالت متداولة اليوم، وتظهر تجلياتها أساسا في الموسيقى، من خلال كلمات الأغاني والأهازيج، في فنون أحيدوس وأحواش وبوغانيم والملحون، مشيرا أن الجماعات اليهودية بالمغرب، لم تعتمد موسيقى إثنية مثل نظيراتها في أوربا الشرقية واليمن، بل أن موسيقاها الخاصة كانت نفسها الموسيقى المغربية الحالية بمختلف تعدداتها، إضافة إلى الموسيقى، برز الحضور اليهودي بالمغرب، من خلال صناعة الحلي والمجوهرات والطرز والخياطة ومختلف الأعمال اليدوية. وشدد المدلاوي في مداخلته، على كون أوجه تداخل وتتمازج المكون العبري في الثقافة المغربية، متداخل ويصعب التمييز والتفريق بينهما، قائلا، إن الثقافة المغربية مثل الزربية، تتعدد روافدها، الأمازيغية، المسلمة والعبرية، بحيث تتشابك فيما بينها مشكّلة مزيجا خاصا متنوعا ويسع الجميع. من جانبها توقفت محافظة متحف التراث اليهودي المغربي بالدار البيضاء، زهور رحيحيل، في مداخلتها خلال الندوة المنظمة في إطار فعاليات معرض الكتاب، عند جهود المملكة المغربية من أجل حفظ وصون التراث اليهودي بالمغربي، الذي يمثل حسب المتحدثة، عنصرا هاما وبارزا، له حضوره القوي تاريخيا وأبعاده المتعددة في التاريخ المغربي. وأبرزت رحيحل عند جهود الدولة لصيانة التراث العمراني، من خلال المبادرات والتوجيهات الملكية، من خلال ترميم أماكن العبادة والأحياء التي قطنها اليهود بمجمل التراب الوطني، علاوة على صياننة 167 مقبرة يهودية بالمغرب، كلها وبدون استثناء تعرف حضور أضرحة أولياء صالحين يهود وشرفاء. وكشفت رحيحل، أم المغرب أرض مقدسة ومحفوظة لدى كل يهود العالم، ويزورونه سنويا لزيارة حاخامتهم الكبار، الذين توجد أضرحتهم بمجمل مناطق المغرب، شماله وجنوبه.