طنجة.. توقيف المتورط الرئيسي في سرقة قبعة "كوتشي" بحي بئر الشعيري    "كان فوتسال السيدات" يفرح السايح    عادل الفقير    محمد وهبي: كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة (مصر – 2025).. "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    حكومة أخنوش تُطلق أكبر مراجعة للأجور والحماية الاجتماعية    الملك يهنئ أعضاء المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة للسيدات بمناسبة فوزه بكأس إفريقيا للأمم 2025    نواب بريطانيون عن الصحراء المغربية: مخطط الحكم الذاتي محفّز حقيقي للتنمية والاستقرار في المنطقة بأكملها    سيدات القاعة يفلتن من فخ تنزانيا في ليلة التتويج بلقب كأس إفريقيا    افتتاح فندق فاخر يعزز العرض السياحي بمدينة طنجة    ترامب يستقبل رئيس الوزراء الكندي    انطلاقة أشغال المركز الفيدرالي لتكوين لاعبي كرة القدم بالقصر الكبير    منتخب المغرب لأقل من 20 سنة يدخل غمار كاس افريقيا للأمم غدا بمصر    بهدف قاتل.. منتخب السيدات للفوتسال يتوج بلقب الكان في أول نسخة    زخات رعدية مصحوبة بتساقط البرد وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم المملكة    جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تتصدر تعيينات الأطباء المتخصصين لسنة 2025 ب97 منصباً جديداً    طنجة .. كرنفال مدرسي يضفي على الشوارع جمالية بديعة وألوانا بهيجة    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    خبير صيني يحذر: مساعي الولايات المتحدة لإعادة الصناعات التحويلية إلى أراضيها قد تُفضي إلى نتائج عكسية    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    إدريس لشكر …لا ندين بالولاء إلا للمغرب    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    دراسة.. الأوروبيون مستعدون للتخلي عن المنتجات الأميركية    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تراث القدس الزائر الذي استوطن الأفئدة والعقول
نشر في الصحيفة يوم 17 - 11 - 2022


1. الرئيسية
2. آراء
تراث القدس الزائر الذي استوطن الأفئدة والعقول
فادي محمد الدحدوح
الخميس 16 مارس 2023 - 12:22
يصيغ التراث شخصية ووجدان وهوية الأفراد والأمم والمجتمعات؛ فالتراث بمثابة الذاكرة البيئية والوراثية، ونظراً لما للتراث من أهمية في تعليم الأفراد القراءة والكتابة لتاريخهم وثقافتهم فقد اهتم به في العلوم الإنسانية الأخرى من خلال الجامعات والدوريات والمؤسسات بهدف جمع وتوثيق ودراسة وتحليل التراث، ويمثل التراث لأي مجتمع شخصيته وخصائصه الحضارية المادية والمعنوية، لذلك اهتم أهل صناعة المناهج منذ وقت طويل بتضمين التراث الخاص بكل مجتمع وتراث المجتمعات المختلفة ليتعلم منه أبناؤه، وحتى يتمكن المتعلمون من التواصل والتفاعل فيما بينهم.
يُطلق لفظ التراث على مجموع نتاج الحضارات السابقة التي يتم وراثتها من السلف إلى الخلّف، وهو نتائج تجارب الإنسان ورغباته وأحاسيسه سواء كانت في ميادين العلم أو الفكر أو اللغة أو الأدب، ويمتد ليشمل جميع النواحي المادية والوجدانية للمجتمع، وتشهد المخطوطات الموجودة في مكتبات العالم، والآثار المنتشرة في متاحفه على ما تمتلكه الأمة من تراث ثقافي عريق. وينبغي لدارس التراث أن يتميز برهافة الحس النفسي ليختار من قديمه ليلائم جديده وأن يجمع بين مميزات التراث وأصالته وبين ما يحتاج الفكر المعاصر إليه.
تولي الأمم والشعوب أهمية فائقة لجمع التراث الوطني بمختلف فروعه وأقسامه، ومن ثَمَّ توثيقه، وحفظه، فالتراث الوطني أروع وسائل التواصل بين الأجيال، كما يعزز الانتماء للأرض والوطن، ويثري الروح المعنوية ويحفزها على الإبداع والتفوق. والتراث يضم كل ما شيده الأجداد من عمائر دينية كالمساجد والكنائس ودور العلم والزوايا والتكايا، كما يضم الحرف اليدوية والصناعات التقليدية كصناعة الصابون والزيت، والخزف والنحاس والتطريز، وكذلك الفنون الشعبية كالأهازيج والأغاني الشعبية، وكذلك الفنون التشكيلية والفنون الشفاهية الأدبية. ولذلك ينبغي الرجوع إلى تراثنا واتخاذه نقطة انطلاق نحو المستقبل وليس مجرد تراكم حضاري لخبرات وتجارب ومعارف الماضي، بل يجب أن نتعامل معه باعتباره شخصية الأمة في ماضيها وحاضرها ومستقبلها.
كثيراً ما استخدمت عناصر التراث لتدعيم قضية صراع وطنية، وكسب حقوق، وتراث مدينة القدس نموذج حي بالغ الأهمية وفي حاجة ماسة للتعريف به، وتوطينه بين أبناء الأمة العربية الإسلامية. فتراثها له شأن آخر ذو خصوصية. فهي ليست مدينة الأرض والمكان والزمان فحسب بل هي امتداد طبيعي لأبجدية ثقافية عربية كاملة المواصفات شكلت مرجعية تواصل فني وجمالي مع أصولها المتوارثة وذاكرتها التاريخية والروحية التي استوطنت الأفئدة والعقول على مدى الحضارات الإنسانية.
ونظراً لهذه الأهمية للتراث، فقد أدركت بعض الدول بأن جمع تراث الأمم وشراؤه أو الاستيلاء عليه هو أحد الوسائل التي تتيح لهذه الدول معرفة حضارات الدول الأخرى، ولذلك فقد قامت دول استعمارية كثيرة بسرقة تراث كثير من المدن، كما هو واقع الحال في مدينة القدس، ولعل أفضل الوسائل للتعامل مع التراث لحمايته والمحافظة عليه هو الوعي بقيمته وأهميته الدينية والتاريخية والثقافية والفنية. ويتطلب هذا الوعي الاهتمام به، تعليمه وتذوقه والدفاع عنه، كما تنبع أهمية التراث المقدسي تحديدا بما يحمله من قيم الندرة، الهوية، القيم الفنية، الوظيفية، التعليمية، الاجتماعية، السياسية، وأفكار ومعتقدات وعادات وتقاليد، كما يمثل ذاكرة الأفراد والأمة العربية والإسلامية.
هذه الأهمية للتراث لا تقتصر على ما يتصل بالأمة الإسلامية فحسب، بل هي قانون حضاري يشمل كل الأمم، فلكل أمة تراثها الذي يشكل دورا محوريا في تكوين هويتها، إذ لا هوية للمجتمعات بغير الاستناد إلى تراثها، فهو رافد مهم للتراث الوطني يشكل الإطار التاريخي الذي تنطلق منه حضارة المجتمع، ويعد بمثابة الوعاء الذي يضم بين جنباته الحصيلة الإنسانية لكافة جوانب تطور المجتمعات ونموها. ويمثل الجزء المرئي من التاريخ، وهو ملك للبشرية جمعاء، غير قابل للتعويض، فإذا ما أتلف أو أزيل من الوجود فإنه لا يمكن أن يعود كما كان، ولا يمكن إعادة أصالته بعد تدميره. لذلك، لا بد من حمايته وصونه والمحافظة عليه.
إن أبلغ الدروس الحضارية للمجتمعات لا يمكن أن نتصوره بأبهى صورة مثلما يقدمه تراث الأمم ليستخلص منه الأجيال معالم الواقع، وصورة الحاضر، وتحديد ملامح المستقبل؛ فالتراث بأنواعه المختلفة روح الوطن ووجدانه، وهوية المجتمعات البشرية، ودليلا حيويا على مراحل تطورها، كما يوضح لنا تركيب الأمة الاجتماعي والاقتصادي ومؤشر تقدمها الحضاري. بل يعد ذاكرة التاريخ الحية، فإن كان التاريخ هو ذاكرة الأمة، فالتراث روحها، لذلك فالتمسك بالتراث ظاهرة بالغة الأهمية، ولو لم يتعرف العالم على تراثهم المعرفي، ولو لم يدرسوا التراث الغني بالمعارف والثقافات كابن سينا والفارابي وغيرهم، لما استطاعوا أن يبنوا الحضارة الراهنة. وكما يقولون "من لا تراث له لا وطن له".
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.