تعليق الدراسة باقليم الجديدة واقليم سيدي بنور يوم الثلاثاء بسبب سوء الأحوال الجوية    ابتدائية الجديدة تحسم ''ملف المزاد المشبوه'' وتدين متورطين في التلاعب بالمزادات وحمل الغير على الإدلاء بتصريحات كاذبة    أخنوش: إصلاح الصفقات العمومية رافعة لتمكين المقاولات الصغرى والمتوسطة وتعزيز تنافسيتها    نشرة إنذارية جوية.. تحذير من مخاطر التنقل ودعوة لتوخي الحذر على الطرقات    العثور على جثة فتاة عشرينية في ظروف مأساوية بحي المرس بطنجة    إحباط مخطط إرهابي خطير كان يستهدف لوس أنجلوس في ليلة رأس السنة    الإعلام الفرنسي يرشّح المغرب للتتويج بكأس إفريقيا 2025    أخنوش: إصلاح مناخ الأعمال يثمر إحداث 95 ألف مقاولة في 2024 و81 ألفا إلى متم شتنبر 2025    تعليق الدراسة بإقليم الفقيه بن صالح    الأحمد .. مهاجر سوري يتصدى للإرهاب ويتحوّل إلى بطل في أستراليا    "أسود الأطلس" و"النشامى" وجهاً لوجه في نهائي تاريخي لكأس العرب    كأس العرب: نهائي بطابع مغربي خالص بين الأردن والمغرب    اتهام نجل المخرج الأمريكي روب راينر بقتل والديه    وزارة النقل تهيب بالحذر على الطرق    صرف مساعدات مالية لموظفي الأمن    "الأسود" يتوافدون على "المعمورة"    الثلوج والأمطار تحرك السلطات المحلية في تنغير    الصحافي الفرنسي كريستوف غليز يطعن أمام محكمة النقض بحكم الحبس الصادر بحقه في الجزائر    حزب الاستقلال يعزي في ضحايا فيضانات آسفي ويؤكد تضامنه الكامل مع الساكنة    لجنة المعطيات تتبرأ من لوائح الصحافة    الرواية المغربية "في متاهات الأستاذ ف.ن." ضمن القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية 2026    أخنوش: إقرار ميثاق جديد للاستثمار هو إصلاح فارق خلال الولاية الحكومية بعد أكثر من 26 سنة من الانتظارية    تساقطات ثلجية وزخات مطرية قوية وهبات رياح قوية إلى الأربعاء بعدد من مناطق المملكة    المغرب يعبر الإمارات نحو نهائي كأس العرب قطر 2025    اكتفى بتعزية عابرة… أخنوش يمر سريعا على فاجعة آسفي في البرلمان    المؤثرات الأساسية على التخييل في السينما التاريخية    تعاون عربي في إصدار أغنية «روقان» للفنان المغربي محمد الرفاعي    فاس تحتظن الدورة ال13 لأيام التواصل السينمائي    كأس العرب.. السكيتيوي يعلن عن التشكيلة الرسمية لمواجهة الإمارات    تراجع ب5,7% في نفقات المقاصة    دورة ناجحة للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بمكناس    انعقاد مجلس للحكومة الخميس المقبل    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"        التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    جدل واسع عقب اختيار محمد رمضان لإحياء حفل افتتاح كأس إفريقيا 2025    الدولار يستقر قرب أدنى مستوى له    "لارام" تُوسع شبكتها الجوية ب10 وجهات جديدة ابتداء من 2026    "البيجيدي" ينتقد توزيع الدعم على الفلاحين الصغار بمنطق الولاءات السياسية والانتماء الحزبي    إعلام إسرائيل يكشف تفاصيل عن حاخام قتل في هجوم سيدني وعلاقته بحرب غزة    البابا يحذر أجهزة المخابرات من إساءة استخدام برامج التجسس وتأثيرها على الحريات والديمقراطية    تقرير: ملايين المسلمين في بريطانيا عرضة لخطر سحب الجنسية    أسعار صناعات التحويل تزيد بالمغرب    ترامب يوقع أمراً تنفيذياً جديداً ينظم قواعد الذكاء الاصطناعي    سيول آسفي ترفع حصيلة الضحايا إلى 37 وفاة واستنفار متواصل للسلطات    محطة القطار "الرباط الرياض" تفتتح تأهبا لاستقبال كان المغرب    عريضة توقيعات تطالب بالإفراج عن الرابور "PAUSE" وتدق ناقوس الخطر حول حرية الإبداع بالمغرب    بنسليمان تحتضن المعرض الجهوي للكتاب من 17 إلى 22 دجنبر احتفاءً بالقراءة في زمن التحول الرقمي    رافينيا يحسم مستقبله مع برشلونة بقرار مثير: "لن أغادر الفريق قبل التتويج بدوري أبطال أوروبا"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صمود بلا صوت.. "كفاح" سكان طاطا في مواجهة التهميش
نشر في الصحيفة يوم 17 - 11 - 2022


1. الرئيسية
2. آراء
صمود بلا صوت.. "كفاح" سكان طاطا في مواجهة التهميش
محسن المساوي
الأحد 13 أكتوبر 2024 - 12:21
يعد إقليم طاطا من أقدم مراكز العمران البشري في المغرب، حيث استقر فيه الإنسان منذ عهود غابرة و هذا ما تؤكده النقوش الصخرية والأدوات الحجرية التي تعود لأزمنة غابرة بمناطق مختلفة داخل طاطا، أقا، تمنارت، تداكوست...، ويتشكل هذا الإقليم من مجموعة من الدواوير، في شكل واحات نخيل، تنتشر على طول وعرض تراب الإقليم، وقد لعبت واحات النخيل هذه أدوارا اقتصادية واجتماعية وايكولوجية وثقافية بالمنطقة.
كما تعتبر احد الموارد الاقتصادية وأحد مكونات الغذاء الأساسي للساكنة، هذا المكون الغذائي الذي لعب دورا أساسيا ولا زال في محاربة الفقر بالمنطقة. فأصبحت الواحات والنخيل والتمور جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي للمنطقة، حيث تزين موائد السكان بتنوع أصناف وألوان التمور. كما يعبرون عنها في أشعارهم وحكمهم الشعبية، ويعكسون شموخ النخيل وتمايلها في رقصاتهم وإيقاعاتهم. ويستلهمون من سخاء وطيب ثمارها في سلوكياتهم وقيمهم اليومية.
يقع هذا الإقليم المنسي في الجهة الجنوبية الشرقية للمغرب أو ما عرفه المستعمر بالمغرب غير النافع وللأسف ما فتئ يكرر هذه العبارة المشينة مسئولينا الأفاضل بوعي أو بغيره. منطقة يتعايش الجميع فيها بانسجام وتعاون نادر الوجود، حيث يعيش الأمازيغ والعرب معًا في وحدة وتآلف. يُشهد لسكانها بالطيبة والأخلاق العالية، فهم متجذرون في قيم المحافظة والالتزام.
تستمر الكوارث ويستمر التهميش
مع دخول القرن الحادي والعشرين، بدأت المنطقة تواجه تغيرات مناخية قاسية أثرت بشكل كبير على البيئة المحلية. فقد شهدنا في فصل الشتاء انخفاضًا حادًا في درجات الحرارة وهطول أمطار غزيرة تسببت في فيضانات، بينما ارتفعت درجات الحرارة بشكل ملحوظ في الصيف، مما أدى إلى اندلاع حرائق كبيرة.
ورغم أن إقليم طاطا كان معتادًا على ارتفاع درجات الحرارة والجفاف، وهي ظروف ملائمة لزراعة النخيل وإنتاج التمور، إلا أن هذه الظواهر المناخية تفاقمت بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة. فقد ازدادت سنوات الجفاف وحدة الحرارة، مما تسبب في استنزاف المياه الجوفية، وتصحر الأراضي، إلى جانب تصاعد الرياح والعواصف. كل هذه العوامل جعلت البقاء في هذه البيئة أكثر صعوبة، مما دفع العديد من الأسر إلى الهجرة. كما أن ارتفاع الوفيات، خاصة بين كبار السن والأطفال في فصل الصيف، قد يكون مرتبطًا بهذه الظروف القاسية.
في السنوات الأخيرة، ازدادت قسوة الطبيعة بشكل ملحوظ، حيث شهدت المنطقة حرائق هائلة يصعب السيطرة عليها. كان حريق واحة تمنارت سنة 2010 نقطة تحول بارزة في سلسلة الكوارث الطبيعية التي ضربت واحات إقليم طاطا، حيث دمرت النيران حوالي 4000 نخلة في ساعات قليلة، بعد عقود من النمو البطيء لهذه الأشجار. ولم تكد تمضي أربع سنوات حتى اندلع حريق آخر في واحة تداكوست عام 2014، مما أدى إلى تدمير أكثر من 300 نخلة. وكأن هذه الحرائق لم تكن كافية، فقد اجتاحت الفيضانات المنطقة مؤخرًا، مما قضى على ما تبقى من مقومات الحياة فيها.
باعتبار المنطقة من "المغرب الغير النافع" فقد نالت حظا أوفر من كل أصناف التهميش و الإقصاء فلا البنيات التحتية قائمة ولا الخدمات العمومية متوفرة كل هذا يحدث وملايير الدراهم تصرف وتسرف ذات اليمين وذات الشمال في ما سمي بالمخطط الأخضر وفي برامج انقاد الواحات، دون أن تصل إلى شريان هذه الواحات التي يسكنها مزارعين بسطاء.
البحث عن التنمية المفقودة في إقليم منسي بين جبال باني.
إقليم طاطا يعاني بشكل شامل في مجالات عديدة، بدءًا من الرعاية الصحية وصولًا إلى فرص العمل والخدمات الأساسية. ففي حين قد تكون التحديات بالعشرات في مناطق المغرب المتقدمة، فإنها تتضاعف بشكل كبير هنا لتصبح بالآلاف. المستشفيات قليلة جدًا أو تكاد تكون غير موجودة، أما المستشفى المركزي فيه من الممارسات والقسوة على أناس أخذ المرض منهم ما ترك الزمن، فهي تشهد نقصًا في الرعاية للمرضى الذين استنزفتهم الأمراض والمحن. المدارس تعاني من اكتظاظ شديد، ففي بعض الحالات تُدرَّس أربعة مستويات تعليمية مختلفة في نفس الحصة وبإشراف معلم واحد. أما الخدمات في المنطقة فهي بعيدة عن الكفاءة، وتعاني من الاستغلال الكبير، خاصة بالنسبة للسكان البدو وأهل القرى الذين لم يحظوا بفرص تعليمية كافية.
بالرغم من الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة عزيز أخنوش مع عدد من الوزراء لهذه المنطقة المهمشة منذ فترة طويلة، وإطلاق مشاريع تنموية بقيمة 1.5 مليار درهم، ولكن هذه الزيارة الحكومية الكبيرة كان من الممكن أن تكون أكثر فائدة لو تضمنت لقاءا مع ممثلي المجتمع المدني المحلي الذين كان لديهم بالتأكيد الكثير ليقولوه لرئيس الحكومة ووزرائه حول المشاكل التنموية وتطلعات شباب المنطقة، الذين يعانون البطالة والفقر وغياب أفاق المستقبل.
الوطنية بطعم خاص
تكتسب الوطنية في طاطا طابعًا خاصًا ووقعًا فريدًا على نفوس سكانها. فالمغرب يمثل كل شيء بالنسبة لأهالي هذه المنطقة، على الرغم من تجاهل المسؤولين لهم بطرق غير مبررة، إلا أن انتماءهم لوطنهم يظل استثنائيًا. بينما يرتبط انتماء الكثير من أبناء الوطن بالمصالح الشخصية أو المنافع الذاتية، فإن سكان طاطا، الذين يعيشون في عزلة عن باقي المغرب، يعتزون بوطنهم رغم المعاناة المستمرة من الفقر والتهميش والنسيان.
يبقى هذا الإقليم مركزًا مهمًا لتكوين الوطنيين، ومصدرًا للطيبة، حيث تظل واحات النخيل رمزًا للصبر والتحمل في وجه التحديات، مع انتظارهم ليوم مشرق يعيد للمنطقة مكانتها ويخلصها من الأزمات المستمرة.
- باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.