برزت الجهود الرسمية في طبع المصاحف برواية ورش، وباعتماد الخط المبسوط خصوصا، في مرحلة اعتبرها المؤرخون مرحلة التطور، بعدما أعادت الوزارة طبع مصحف أحمد بن الحسن زويتن الذي انتشر في بيوت الأسر المغربية ومعروف بجمالية خطه المبسوط. واشتهر المصحف الحسني بعناية الخطاط أحمد بن الحسين البهاوي، والمصحف المسبع بعناية سبعة خطاطين مغاربة. كما تم نشر مصحف تميز بطرافته وهو «المصحف المحمدي من ألواح الكتاتيب القرآنية» الذي يحتوي على ما يقارب 340 لوحة تحوي ستين حزبا، تم جمعها من ستين كتابا تتوزع على جميع جهات المملكة. كما تم نشر المصحف الحسني بطريقة (برايل).. فضلا عن نشر مصاحف مشتركة بين المغرب ودول أخرى مثل الكويت والإمارات.وفي هذه المرحلة أيضا، تنوعت جهود دور النشر الحديثة داخل المغرب، في طباعة المصاحف بالخطوط المغربية والمشرقية. وذلك قبل أن تدخل طباعة المصحف مرحلة النضج بإحداث «مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف»، مع استمرار دور النشر الأخرى في جهودها المطردة.وقد أحدثت هذه المؤسسة التابعة لوزارة الأوقاف بتاريخ 8 ربيع الأول 1431 موافق 23 فبراير 2010، واضطلعت بطبع المصاحف ونشرها في المغرب وخارجه باعتناء طائفة من العلماء الجهابذة في علوم القرآن بالمغرب، وطائفة من الأطر العليا والتقنيين المهرة في مطبعة فضالة ومهرة الخطاطين والمزخرفين. وتفضل الملك محمد السادس بتدشين وإعطاء انطلاقة المراحل الأولى للعمل الحثيث على تغطية حاجة مساجد المملكة من المصحف المحمدي الذي تم إنجازه وفق مواصفات مدروسة وخصائص علمية وتقنية وفنية متميزة تتم لأول مرة، وذلك حتى تكون منه النسخ الكافية في كل مسجد تحت أيدي القراء وفق التعليمات الملكية التي صدرت إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية. وهكذا اضطلعت المؤسسة بطبع المصحف المحمدي بنسخه المتنوعة شكلا وحجما بحيث وصلت إلى مليون نسخة سنويا، فضلا عن طبع ترجمتي القرآن إلى الفرنسية والانجليزية. فبأمر من الملك محمد السادس، قامت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية بإعداد المصحف المحمدي و طبعه سنة 2010 بمطبعة فضالة.وهو المصحف الذي تشرف بكتابته الخطاط محمد المعلمين، بخط المبسوط وأسماء السور بخط الثلث المغربي، وهو من منشورات مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف. ومحمد المعلمين هذا خطاط بالديوان الملكي، وقد خط المصحف، الذي قدمه أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بين يدي الملك، ظهر يوم الخميس 11 يوليوز 2013، وهو عبارة عن لوحة مخطوطة للمصحف المحمدي الشريف، عفي طبعة فاخرة بإنجاز يدوي للمصحف الشريف كاملا وفق رواية ورش، ويتكوّن من 120 صفحة من الجلد الرفيع وقد تم استعمال الخط المغربي المبسوط. وترأس لجنة الإشراف والمراجعة والتصحيح للمصحف المحمدي، العلامة عبد الهادي حميتو، و عضوية كل من محمد صفا، لحسن الرحموني ، عبد السلام الكادي، وقد حرصت اللجنة على أن يكون هذا المصحف جاريا على طريقة المغاربة وخصوصياتها في الرسم والنقط والضبط وما يتبع ذلك من المصطلحات الجاري بها العمل على ما في بعضها من اختلاف منضبط ومعلل في المصادر والمظان. وقد كتب هذا المصحف حسب التعريف المتبث في الطبعة الأولى للمصحف، وضبط على ما يوافق قراءة نافع بن أبي نعيم المدني (ت196 ه)من رواية أبي سعيد عثمان ابن سعدي المصري الملقب بورش (ت 197ه)، وطريق يوسف بن عمرو الأزرق المدني (ت 240ه)، بالسند المتصل من نافع إلى ابن عباس وأبي هريرة وعبد الله بن عياش عن أبي بن كعب الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم. كما اعتمد في أداء هذه الرواية اختيارات أبي عمرو عثمان بن سعيد الداني الأندلسي (ت444ه ) حسب طريقه المتصلة إلى الأزرق عن ورش عن نافع إذا عليها درج المغاربة في التلاوة الرسمية كما اعتمدوها في رسم مصاحفهم ونقطها وضبطها من زمنه إلى اليوم. وأخذ هجاؤه مما رواه علماء الرسم عن المصحف العثماني الذي جعله أمير المؤمنين عثمان بن عفان إمام أهل المدينة واعتمد أهل المغرب والأندلس على ما نقله أئمتهم عن المصحف المذكور وعن مصحف الإمام نافع الشخصي وقد اعتمد في هذا المصحف ما اتفق عليه الشيخان في كتبهما مع ترجيح مذهب أحدهما عند اختلاف النقل مع مراعاة المشهور مما جرى عليه العمل عند المحققين ومن أدرك من الشيوخ المهرة، كما ضبط ونقط على طريقة أهل المغرب التي استنبطوها وهذبوها في الصدر الأول من عمل أهل المدينة.