قالت عزيزة البقالي رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، إن الأسرة المغربية تشهد تحولات قيمية عميقة تهدد كيانها إذا لم تحظ بالعناية اللازمة، محذرة من تراجع الزواج كقيمة شرعية، وكواجب شرعي، في مقابل تفشي العلاقات خارج إطار الزواج، موضحة أن الاهتمام ومدارسة الأسرة والقيم من الأهمية بمكان، باعتبارها الخلية الأساسية في المجتمع. وأكدت البقالي في محاضرة حول "الأسرة والتحولات القيمية"، نظمتها حركة التوحيد والإصلاح، يوم السبت المنصرم بالمقر المركزي بالرباط، أن هناك مؤشرات خطيرة تكشف عن ما يتهدد الأسرة وكيانها على مستوى استمرارية الجنس البشري، إذ تشير الإحصائيات إلى أن معدل الخصوبة في المغرب، وصل في المجموع الوطني إلى حوالي 2.5، وعلى المستوى الحضري إلى 1.8، وهو ما رأت فيه البقالي أنه يعني أن زوجين لم يعود بإمكانهما أن يكررا أنفسهما، مطالبة في الوقت ذاته بضرورة الاهتمام بالتطورات والتحولات القيمية الحاصلة عليها، وبالسعي ليكون للأسرة مكان واعتبار في المجتمع. ونبهت القيادية النسائية في محاضرة نظمتها حركة التوحيد والإصلاح فرع الرباط، إلى أن هناك تحولات قيمية عميقة تشهدها الأسرة، والتي تهددها في استمراريتها، باعتبار أن الزواج والإنجاب قيمتان أساسيتان، إذا غابتا عن المجتمع تحولت ديمغرافيته، وإذا تحولت هذه الأخيرة فنيت معها البشرية وانقرضت، فيما القيمة الثالثة التي أصابها التحول وهي مرتبطة بقيمة الزواج والإنجاب، هي قيمة التكامل والمودة والرحمة، موضحة أن العولمة تذكي في الأسرة فكرة الصراع والندية بين الزوج والزوجة عوض إقامة قيمة المودة وقيمة الرحمة. البقالي قالت إن الإسلام وهو يؤسس لمفهوم الأسرة، بنى مقاربته على التكامل والمودة والرحمة بين الزوجين، في إطار تبادل الأدوار، بعيدا عن الصراع، بعيدا عن الندية، مضيفة أن الصراع يؤدي إلى إفراز قيم جديدة سلبية، مثلت لها بعدد الشكاوى المقدمة للقضاء، وارتفاع حالات العنف داخل الأسر، المستمع لها في مراكز الاستماع الأسرية بالجمعيات المهتمة، موضحة أن الذي ميز أسرنا في السابق هو قيامها على قيم المودة والرحمة، رغم محدودية المستوى التعليمي آنذاك، مشددة على أن هذه القيم طرأت عليها تحولات فيما يتعلق بالعلاقة البينية بين المرأة والرجل. وفي ما يتعلق بالإعلام والتحولات القيمية على مستوى الأسرة، أكد البقالي أن الإعلام المغربي في عمومه لا يخدم قضايا القيم، إذ رصدت أن التلفيزيون في يسوق لنماذج أسرية مخَربة ومخرِبة، وللقطات حول المخدرات، وأن الإعلام المغربي يركز على المرأة كجسد وكأنثى، في إطار صناعة مرتبطة بالجسم والأزياء، قائلة إن الإعلام يجب أن ينسجم مع هوية المغرب، وإننا في حاجة إلى مؤسسات مدنية ضاغطة تتبع تنفيذ السياسات الإعلامية ببلدنا، وهو ما يتسق مع الدستور، الذي ينص على إشراف المجتمع المدني على إعداد وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية. وتساءلت البقالي عن ما هي نماذج الأسرة التي يسوق لها الإعلام المغربي؟ وعن أي زواج تتحدث المسلسلات التي تبث في التلفيزيون؟ وهل تتحدث عن الزواج أم تتحدث عن علاقات خارج إطار الزواج؟ لتجيب بأن القيم الجديدة في إطار النظرة للأسرة، أصبحت واقعا في المجتمع المغربي، وبعضها ليس المجتمع في منأى عنه في المستقبل، موضحة أنه إن كان هناك رفض لزواج المثلين مثلا، كنظرة جديدة للزواج في الوقت الحالي فإن بعض المبادرات بدأت، وإذا غابت المناعة والوعي فبمقدور بعض الأمور والآفات، أن تتسرب إلى الأجيال المقبلة، في غياب التنشئة السليمة، وفي غياب التوجيه الصحيح، باقتناع فقط بأي زواج المثلين حق ليليه ما يليه من ممارسة. وطالبت البقالي بالانتقال إلى مستوى أن تكون لنا مؤسسات ناطقة باسم الأسرة، من ناحية البناء وإعداد المشاريع العملية، التي يمكن للمجتمع أن يلجأ إليها، موضحة أن استهلاك القيم السلبية، التي تفرزها العولمة يؤدي إلى تحولها إلى قناعات ثم إلى سلوكات، من تم إلى عادات يصعب القضاء عليها.