لا يختلف الاثنان ان المدن والمناطق في كل أقطاب شمال افريقيا "تمازغا" تحمل تسميات أمازيغية مستوحاة من الحضارة الامازيغية القديمة ، وهذه الاسماء نجدها تختلف أحيانا من منطقة لاخرى مع ملامسة بعض الاختلافات الطفيفة على مستوى نطق الكلمة وقد تذهب بها بعض اللهجات الى تبديل حرف باخر لاسباب عدة كالتخفيف من صعوبة إخراج بعض الاصوات ، لكن ومما لا شك فيه أنها تفرعت من جذر واحد فتتنوع استعمالاتها بتنوع هذه اللهجات. قبائل "ايت مكون" هي الاخرى لم تخرج من هذا التميز باعتبارها قبائل أمازيغية محيطا ولغة. فكلمة "مكون" بحد ذاتها كلمة أمازيغية ذت ثلاث جذور (م،ك،ن) وهي الجذور التي تستعمل في سياقات متعددة وباشكال متنوعة مترابطة فيما بينها، فالمعنى الاكثر انتشارا للجذور (م،ك،ن) هو النوم "أوكون" وهو المعنى العام للكلمة فنقول "إكن" أي نام و "أمكون" النائم ، " إمكون" نائمون. و كلمات "أمكون" و "إمكون" لا تستعمل في كل التنوعات بهذا الشكل .لكن بالرجوع الى بعض اللهجات الامازيغية التي توظف فيها الكلمات ( أمكون ،إمكون) فسنجد ان لها معنى مختلف ومتميز والذي يشير الى الجنين النائم في رحم أمه وهذا المعنى ينتشر بشكل واسع في الجنوب الشرقي للمغرب . كما سلف الذكر جل المدن وجل مناطق الشمال افريقية تحمل تسميات أمازيغية ذات دلالات ومعاني أحيانا تكون مرتبطة بالمحيط وبيئة الانسان المحلي وأحيانا اخرى بالحضارة الامازيغية ولغتها القديمة. "أماسين" قبيلة تنتمي الى ذات القبائل قبائل ايت مكون التي تحمل بدورها اسم امازيغي يتكون من ثلاث جذور (م،س،ن) وهي جذور تستخدم في عدة تنوعات لغوية أمازيغية ، فالبرجوع الى معنى الكلمة فسنجدها في الغالب تستعمل في شكلين: الشكل الاول: "أماسين" يطلق على الينبوع او المكان الذي يشرب منه الانسان او الحيوان على السواء وبهذا يمكن ان نلاحظ العلاقة بين جذور كلمة "أماسين" وجذور فعل "إسوا" في اللغة الامازيغية الذي يدل على الشرب في صيغة الفعل . الشكل الثاني : "ماسين" حدف الالف او صوت (A) يرجع الى البعد القائم بين المناطق الامازيغية ويمكن ان نلخصه في انعدام التواصل بين مختلف التنوعات عبر التاريخ ، وحذف بعض الاصوات من اول ،وسط او اخر الكلمة مسألة طبيعية في جميع اللغات ، ف"ماسين" هنا يستعمل للدلالة على السيد او القائد وهنا يمكن استحضار اسم الملك الامازيغي "ماسينيسا" او كما ينطقها امازيغ تونس "مسنسن". "تسلي" (مع تشديد اللام) قبيلة من بين القبائل في ايت مكون التي تحمل تسمية متميزة في كثير من تنوعات اللغة الامازيغية بشمال افريقيا فمنها من تنطقها ب "تسيلي" ومنها ب "تسالي" وكما قلنا هذا التنوع يرجع اساسا الى عوامل لسانية وجغرافية ، لكن بالرجوع الى معنى الكلمة فنجده يشير الى الهضبة والعلو او الجبل الطويل العريض المنبسط، اما على مستوى تركيب وبنية الكلمة فجدر الكلمة مكون من (ل.ي) وفي هذا السياق اضيفت له التاء والسين لاعطاءها صيغة الاسم وهي من فعل "ألي" في اللغة الامازيغية الذي يشير الى الصعود والارتفاع والعلو في صيغة الفعل. ف"إسالي" له علاقة بالصعود او العلو ويمكن ترجمتها الى (ساعدة على الصعود او الارتفاع)، من جهة اخرى وفي سياقات تستعمل فيها الكلمة نجد كلمة "تسالالت" التي تشير الى الاعمدة تستعمل لرفع بعض اغصان الاشجار او تجعلها مرتفعة شيئا عن الارض. "تزروت" القبيلة التي توجد ضمن مجموعة قبائل "اسيف ن تسلي" (واد تسلي) ، فالتسمية هنا مستوحاة من "ازرو" التي تشير في أغلب التنوعات اللغوية لتمزيغت الى الصخرة أو الحصى فاضافة التاء في اول الكلمة كما هو معروف على اللغة الامازيغية يعطي للكلمة صيغة المؤنث وهي من الخصائص التي تمتاز بها اللغة الامازيغية ما جعل بعض اللهجات كالدارجة المغربية والجزائرية تتأثر بهذه البنية، ف "تزروت" هنا أخدت صيغة المؤنث للاشارة الى القلعة (مع فتح اللام) والصخرة المنقلعة عن الجبل. في الاخير يعتبر النبش والبحث في أسماء الاماكن من بين الوسائل الناجعة لاستعادة وفهم الذاكرة المنسية الجماعية وتركيب مكونات الهوية الامازيغية، فالطوبونوميا أو علم الاماكن هو الذي ساعد كثيرا على اكتشاف علاقة الانسان الامازيغي القديم بمحيطه وبيئته وكيفية ربط هذه العناصر باللغة الامازيغية بالتحديد. حسن أمكون