ساعات فقط بعد إعلان الملك محمد السادس عن ضرورة تعديل حكومي وإداري، تحركت الهواتف، النقالة منها والثابتة، وأعيدت صياغة السيرات الذاتية وتكثفت الزيارات إلى مكاتب وبيوت النافذين، من طرف الراغبين في الحصول على هذا المنصب أو ذاك. وإذا كانت هذه المبادرات المختلفة تتم غالبا في سرية كبيرة، فإن فوزي لقجع، مدير ميزانية الدولة ورئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، اختار مسلكا آخر، أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه مسلك غبي، للظفر بحقيبة وزارية في التعديل المقبل. ذلك أننا لا ندري فعلا هل طرق لقجع باب صديقه عزيز أخنوش، أو باب سعد الدين العثماني، بعد أن وافت المنية السياسية صانعه إلياس العماري، لكننا نعرف أن السي فوزي رشح نفسه على صفحات الجرائد، الإلكترونية والورقية، الوطنية والدولية. أي أنه مرشح “بالطبل والغيطة” و”باغي يولي وزير بالزّز”. فقد تطرقت عدة منابر، آخرها مجلة “جون أفريك”، للمسار المهني “الناجح” لابن بركان، ول”كفاءاته المهنية العالية”، سواء بمديرية الميزانية أو على رأس الجامعة المغربية لكرة القدم، وحتى داخل الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم (الكاف)، وعن استعداده لتحمل مسؤوليات أكبر. المهم أن رغبة السي فوزي في الإستوزار وكذلك “السي في (CV) ديالو وصلوا لمن يهمهم الأمر”. ولكي يزيد من حظوظه، أعلن السي فوزي أنه لا منتم تنظيميا، وأنه ليس عضوا بحزب التجمع الوطني للأحرار، ولا بحزب الأصالة والمعاصرة، وهذا تلميح إلى إمكانية صباغته أو إنزاله بالمظلة في ساحة أي حزب. المهم “غير خذوني لله غير خذوني. هاكوني وصبغوني كيف ما بغيتو”. الواضح أن فوزي لقجع “مافاهم والو” وأن المرحوم (سياسيا) إلياس العماري هو من كان يتدبر مساره الإداري والمهني. وأن الإستوزار له شروطه وقنواته، ولا يتم عبر وسائل الإعلام، مهما كان شأنها. والمطلوب منك يا فوزي لقجع ليس الطموح الفارغ، بل الرحيل أنت وبقايا إلياس العماري، لتلتحقوا به في عالم النسيان، أو تختفوا معه تحت نفس الغطاء. لكن قبل الرحيل، وجب الحساب، لأن المغاربة لا زالوا ينتظرون من فوزي لقجع تبرير الملايير التي تصرف فيها لوحده بدون نتائج. لا زالوا يتذكرون كيف تم إقصاء المنتخب الوطني في الدور الأول من مونديال روسيا 2018، وكيف وعدهم لقجع بالفوز بكأس إفريقيا للأمم في مصر، لتتبخر أحلامهم على يد منتخب البنين البسيط. ينتظر المغاربة معرفة كيف صرفت الملايير التي خصصت للجنة المكلفة بملف ترشيح المغرب لتنظيم مونديال 2026. كما أن المغاربة يريدون معرفة سر كتمان ثمن صفقة بيع اللاعب أيوب الكعبي لنادٍ صيني، وأين ذهبت الأموال. كما يريدون معرفة مضمون الاتفاق مع المدرب السابق هيرفي رونار وعلى كم حصل مقابل صمته وانسحابه بهدوء. ويريدون معرفة سر صمت فوزي لقجع عن قرار الكاف بإعلان نادي الترجي التونسي بطلا على حساب الوداد البيضاوي، وما هي علاقة هذا القرار بإلغاء قرار اللجنة التأديبية توقيف لقجع لمدة سنة. وأخيرا وليس آخرا، لماذا تفاقمت ظاهرة الشغب في ميادين كرة القدم المغربية في عهد فوزي لقجع، في الوقت الذي تراجعت فيه هذه الظاهرة في الملاعب الأوروبية المجاورة؟ بل أخطر من ذلك أن شعارات سياسية معارضة عمت ميادين كرة القدم دون أن يحرك لقجع وجامعته ساكنا، ولو بندوة وطنية تخصص لهذه الظاهرة. إن على من يجر وراءه كل هذه الإخفاقات أن يقدم استقالته ويترك مكانه للأصلح، بدل التباهي بكفاءات لا وجود لها، وبإنجازات لا يراها إلا أولائك الذي “يطبلون” له بالمقابل. “احشم شوية على عرضك”.