يبدو أن شهر العسل بين جمهور الوداد البيضاوي ورئيس فرع كرة القدم عبد الإله أكرم قد انتهى، لتطفو على سطح النادي الأحمر انتقادات لاذعة لطريقة التسيير التي يعتمدها الرئيس في تسييره، والمتسمة بالفردية المطلقة وتهميش باقي الفعاليات والكفاءات التي تحفل بها العائلة الودادية. فبعد أن عمل على تصفية معارضيه داخل المنخرطين، امتلك أكرم كل السلط، ليتمكن من توزيع تشكيلات ما يسمى بالمكتب الى قسمين، القسم الأول مجرد كمبارس لتأثيت الفضاء وتكملة العدد المطلوب، والقسم الثاني للاستهلاك الخارجي مثل ادريس بنهيمة، جمال أغماني، الشريف العلمي... وغيرهم من الشخصيات الحاضرة إسما والغائبا ذاتيا، دون مساهمة تذكر، ودون المساهمة في تدبير النادي أو حتى مناقشة ما يحدث... لم ينفرد أكرم بتسيير فرع كرة القدم فقط، بل امتد نفوذه الى المكتب المديري، لتبرز نفس عقلية الاحتكار، والنتيجة تجميد مطلق لدور الجهاز الذي يحكم كل الفروع، بعدما كان مثالا للحيوية، ونموذجا يحتدى وطنيا على مستوى التسيير الديمقراطي، وقد جاء انعقاد الجمع العام العادي لفرع السباحة مساء الخميس الماضي ليدق ناقوس الخطر حول وضعية فروع النادي الأحمر، وما تعانيه من خصاص، بعد تنصل رئيس المكتب المديري من كل التعهدات التي قطعها على نفسه أثناء عملية التنصيب. بالنسبة لفرع كرة القدم، فإن تصور أكرم لطريقة التسيير الرياضي، أعطانا فريقا وداديا مفصولا عن جسم هذا النادي العريق، ليتحول فرع كرة القدم الى قلعة خاصة محصنة، تدين بالولاء المطلق للسيد عبد الإله أكرم الآمر والناهي، والمالك لكل المفاتيح والصلاحيات. خوصصة نادي الوداد، انطلقت من فرع كرة القدم، لتمتد الى المكتب المديري، والهدف هو السيطرة على النادي ككل تمشيا مع القوانين الجديدة التي تمنح صلاحيات واسعة لرئيس المكتب المديري، بعدما كانت كل الصلاحيات تمنح تلقائيا للفرع الأكثر شعبية، والأول على مستوى المداخيل وعائدات الاستشهار. طريقة أكرم الفردية في التسيير والأخطاء الفظيعة المرتكبة، جعلت مختلف مكونات الجمهور الودادي تتحد ضد هذا الرئيس، ومن بين هذه المكونات هناك جمعية وداد الأمة، والايلترات، الى درجة أن «الوينيرز» مثلا انقسمت بين مؤيد لأكرم وبين معارض لإستمرار سياسته في التسيير، والتي جعلت الفريق يتخبط في مجموعة من المشاكل، دون أن يتمكن من تحقيق نتائج تذكر، ترقى الى مستوى وقيمة هذا النادي العريق، رغم الميزانيات الكبيرة التي تهدر بدون طائل. يقول معارضو طريقة التسيير الحالية داخل الوداد، إن ما أنفقه الرئيس طيلة خمس سنوات من ميزانية مهمة، لم ينعكس على مستوى النتائج، فباستثناء لقب بطولة واحد تحقق خلال موسم 2009-2010، والوصول إلى لعب مبارتين نهائيتين في كأس العرب، وواحدة في عصبة الأبطال، فان الإرتباك والتواضع هى السمة الطاغية على نتائج الفريق. في ظرف خمس سنوات، تعاقب على رئاسة الإدارة التقنية للوداد 13 مدربا، مما يعني غياب الاستقرار المطلوب، جلب 79 لاعبا من مختلف بقاع العالم، كلف ميزانية النادي 5 ملايير سنتيم، دون أن يتمكن أي أحد من الوقوف على حقيقة الأرقام التي يتم تحديد حجمها بطريقة فردية، بعيدا عن أعين أية رقابة ومن أي جهة كانت، مع العلم أن الميزانية السنوية تصل الى خمسة ملايير سنتيم وما يزيد... الأرقام التي تحدد من طرف الرئيس بمفرده، يتم المصادقة عليها خلال الجمع العام من طرف جهاز المنخرطين الموضوع على المقاص وبتدخل شخصي من سيادته، أما المصادقة فتتم عن طريق التصفيق ورفع اليد، وتبادل الإبتسامات وأخذ الصور التذكارية، وكفى المؤمنين شر القتال... ما يحدث حاليا داخل الوداد البيضاوي لكرة القدم ومعه مكتبه المديري، وغيره من التنظيمات الرياضية على المستوى الوطني، بما في ذلك العديد من الجامعات، يطرح بعمق مسألة الحكامة الجيدة، التي تحولت الى مصطلح شائع في الخطب الرسمية وغير الرسمية. إلا أن ما يغيب عن ذهن المشرفين عن الشأن الرياضي أفقيا وعموديا، أن الحكامة الجيدة، تعني مجموعة من العمليات المترابطة تعتمد على تقنيات جيدة لتدبير محكم للإمكانيات والموارد بشكل شفاف يعتمد على تخطيط محكم لتحقيق أفضل النتائج، وهذا لن يتأتى إلا باعتماد موارد بشرية كفأة، واعتماد الرجل المناسب في المكان المناسب، مع تكريس مفهوم الشفافية. ما تعيشه مختلف التنظيمات الرياضية حاليا من هزات، يطرح وبحدة افتقاد العنصر البشري للكفاءة والدراية وحتى النزاهة، لأننا أمام حالات تؤكد بالملموس غياب الشخص المدبر والمؤهل للإشراف على تسيير الشأن الرياضي عن طريق التسيير المحكم والاستعمال المعقلن للموارد سواء المادية أو البشرية، مع سلك نهج الحوار لحل كل المشاكل العالقة... إنه ورش كبير ينتظر تدخل فاعل من طرف الوزارة الوصية، وأي إصلاح لابد وأن ينطلق من الجامعات، ليأتي الدور بعد ذلك على الأندية والجمعيات، وبصفة خاصة ذات التأثير الكبير بحكم التاريخ والقاعدة الجماهيرية...