استنكرت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الاثنين، الأحداث الأخيرة التي شهدتها العديد من مناطق البلاد والتي تدل على ازدراء الثقافة، معتبرة أن ذلك يحيل إلى صورة عهد مظلم. وكتبت صحيفة "الوطن"، في هذا الصدد، أن النظام السياسي ما فتئ يتلاعب، حسب رغبته، بهوية الجزائريين بجميع مكوناتها التاريخية والثقافية وحتى الدينية، وأراد أن يجعلها عنصرا ضعيفا يمكن التحكم فيه، وكائنا عاجزا عن فرض وجوده في المجتمع.
وقالت الصحيفة، في افتتاحيتها بعنوان "انحدار"، إن الثقافة لم يعد لها مكان في الجزائر، وباتت تثير المخاوف إلى حد أن أعداءها يتهمونها بكل الشرور. وأضافت أن "هذا الرهاب المتعمد ينبع من قدرة الشخص المثقف على الكشف عن أشكال التلاعب الرامية إلى هيمنة الأفكار الرجعية".
ولاحظت أن هذه المناورة الرامية إلى نزع العنصر الثقافي لم تعد حكرا على الماسكين بزمام السلطة السياسية فقط، مشيرة إلى أن أطرافا أخرى تعتمد نفس المسعى لتجنب أي نهضة للمجتمع. وقالت في هذا الصدد: "لا ينبغي التسامح مع أي مؤشر على الحياة أو الفرح، لأن من شأنه أن ينتشر إلى درجة إيقاظ الوعي الذي يوجد في حالة سبات عميق".
ولاحظ كاتب الافتتاحية أن أخبار الأيام الماضية تزخر بهذه الحالة الذهنية الرجعية، مستشهدا بشكل خاص بوقف عرض فيلم في قاعة ابن زيدون في قصر الثقافة. وأضاف أن "الهيئة العليا للقطاع وجدت بسرعة نقصا في تلاؤم معدات العرض في دور السينما لكي تخفي على نحو أفضل الأسباب الحقيقية لإيقاف العرض".
الموقف نفسه تشاطره صحيفة "لوكوتيديان دو وهران" و"الشروق" اللتان أعربتا عن الأسف لانتشار الأفكار الرجعية المغلفة بالمطالب الاجتماعية في جميع أنحاء البلاد، حيث شهدت مدينة بومرداس الساحلية إلغاء عرض فني بسبب ارتفاع الصوت.
وأوضحت الصحيفة أنه نتيجة لهذا العمل الهدام المتواصل بدعم ممن يمسكون بزمام أمور الشعب، فإن بوادر الفكر الرجعي والمتصلب تطفو من جديد من خلال سلوك العديد من المواطنين.
وذهبت صحيفة "ليبرتي" من جهتها إلى أن عشرات من المواطنين تظاهروا خلال عطلة نهاية الأسبوع، معارضين تنظيم حفلات موسيقية في مدنهم، ورافعين مطالب اجتماعية بالأساس لتبرير موقفهم.
وسجلت الصحيفة في افتتاحيتها أنه إذا كان الواقفون من وراء هذه الأفعال، يحاولون تغليف مطالبهم وتقديمها بشكل يعتقدون أنه مقبول أكثر لدى السلطات ولدى عامة الناس، فإنه يبدو أن سلوكهم يخفي غايات قاتمة.
وأشار كاتب الافتتاحية إلى أن ذاكرة الجزائريين ليست قاصرة وتعود بهم حتما إلى الفترة المظلمة حينما تعبأت جحافل من الأوصياء الزائفين عن الأخلاق لحظر الأنشطة الثقافية.
وأضاف أن "الفشل المتعدد الأبعاد لتدبير شؤون البلاد، من قبل نظام حائر بسبب إفلاسه، ليس بعيدا عن هذا الكابوس الجديد الذي يلوح في الأفق".