عمر الحياني. نحن أمام رجل سياسة يحظى بتقدير واحترام الكل، من موقعه كمعارض في حزب سياسي مغربي. إنه أيضا خبير معلوماتي لديه تكوين في الهندسة المعلوماتية، اشتغل بمعية مجموعة من الخبراء على فحص تطبيق « وقايتنا »، بمجهر المواطن المغربي الغيور على بلده، الشغوف بدمقرطة البلاد، والحريص على حماية المغاربة وحياتهم الخاصة. في هذا السياق، يوضح لنا عمر الحياني المنتخب بمجلس مدينة الرباط، باسم الحزب الاشتراكي الموحد، كيف يدافع عن « تطبيق وقايتنا »، ولماذا دعا المغاربة إلى تحميلة، لإنجاح عملية تطويق فيروس كورونا. لازال العديد من المغاربة يتوجسون من تحميل تطبيق « وقايتنا »، ما الذي جعلك كمناضل يساري تدعو المغاربة لتحميله؟ هذا تخوف مشروع، وللمواطنين أن يتساءلوا ويتوجسوا من تطبيق أصدرته كل من وزارتي الداخلية والصحة، ويستهدف الملايين، لاسيما ونحن نعرف ممارسات بلادنا في هذا المجال. لكن، دعوني أشرح لكم، لماذا دعوت المغاربة إلى تحميله. إن الشروط التي وضع فيها التطبيق مهمة، ومنذ بداية الحديث عن التطبيق، وجهنا رسالة إلى الساهرين عليه، ثمة وسيلة وحيدة ليطمئن المغاربة إلى تطبيق يسهل مراقبة كوفيد 19، ألا وهي فتح مصدر التطبيق، لنعرف ماذا يفعلون بالضبط بهذا التطبيق وكيف يستعملون المعطيات المرتبطة به. ولنعرف ذلك كان عليهم أن يفتحوا مصدر التطبيق. ففي الاعلاميات تُعرف التطبيقات المفتوحة المصدر ب » اوبن سورس »، كما لو كنا أمام طبق من الطعام، ونعرف المقادير، نعرف كيف صنعت، لكي يتسنى لأي شخص لديه خبرة، أن يعرف ماذا تفعل وكيف تتعامل مع المعطيات ولمن ترسلها. وقد لمسنا في البداية ترددا من طرف القيمين على المشروع، لكن مع الوقت تمت الاستجابة لمطلبنا وفتح « الكود سورس»، وبات من الممكن الاطلاع عليه. قلتم أي شخص يمكنه أن يعرف الكثير من « الكود سورس .. هل هذا معناه أنه إذا كان هذا الشخص سيء النية، يمكنه أن يستعمل المعطيات المفتوحة ويتم المساس بحياة الناس وتعريضهم للخطر؟ طيب، دعوني أوضح من جديد، حينما نتحدث عن « الكود سورس »، فهذا المصدر يخول للمطلع عليه أن يعرف ماذا تفعل بهذا التطبيق، وليس الاطلاع على محتويات التطبيق، لأن محتويات التطبيق، توجد في « سرفور »، وهنا مكمن تخوف لازال يشغلني شخصيا. ماذا تقصدون؟ هناك فرق بين تطبيق الهاتف المحمول، الذي تم فتح مصدره، و تطبيق الخادم المركزي (سيرفر)، الذي لم يتم فتح مصدره بعد. وهذا السيرفر يقوم بتجميع المعطيات التي تأتيه من الهواتف النقالة للأشخاص الذي تأكدت إصابتهم بالمرض ومخالطيهم. إن هم وزارتي الداخلية والصحة، وفق هذه العملية، هو أن يكون لديها الرقم الهاتفي للمريض الذي تأكدت إصابته بفيروس كورونا، وكذلك المخالطين له، لتنبيهه بالهاتف إلى الأمر. أرقام هواتف المرضى والمخالطين وباقي الهواتف المرتبطة بالأشخاص الذين حملوا التطبيق، توجد في « السرفور » ولا نعرف كيف يعمل الخادم المركزي. واذا لم تكن من المخالطين، فلن تكون موضوع ملاحقة على مستوى « السرفور »، وهاتف المخالط أساسي في هذه الحالة، لأن وزارة الصحة تتواصل معه من أجل الاسراع بإجراء كشف الاختبار والالتزام بالحجر الصحي. لقد طالبنا أيضا بأن يكون لدينا عين على الخادم المركزي، « السرفور »، لكن السلطات بررت عدم امكانية ذلك، بضرورة حماية الأمن المعلوماتي للخادم المركزي، بحيث يمكن لفتحه ان يشكل تهديدا على الامن المعلومتي للخادم المركزي. وما رايكم؟ رأينا أن كلامهم وجيه وعليهم تأمين الخادم المركزي في البداية من مشاكل قد تظهر، ويمكن أن ننتظر شهرا، لكن يجب أن يفتح « كود » الخادم المركزي بعدها. و لكن يبقى هذا التخوف محدودا، لأن مصدر الابليكاسيون تعطي للخادم المركزي، معطى وحيد، ألا وهو رقم الهاتف، وليس أين يوجد صاحب الهاتف، ولا تسمح بالاطلاع على « ريبرتوار » صاحب الهاتف. وعلينا أن نعرف ونتتبع عبر الخادم المركزي، ماذا يفعلون وكيف يتصرفون، وذلك لتبديد أي نوع من التخوف يمكن أن ينتاب المغاربة بشأن المساس بحاتهم الخاصة. عفوا.. سبقتنا إلى هذا التطبيق الصين التي ظهر فيها « فيروس « كورونا ».. تعتبر الصين أسوأ مثال في استعمال المعطيات الخاصة في العالم، لذلك أفضل أن لا نأتي على ذكرها. بالنسبة للمغرب، أخذنا هذا التطبيق الذي نشتغل به من سنغافورة، وقد طور المهندسون المغاربة الذين اشتغلوا عليه، تطبيقا يتلاءم وحاجيات المغرب، باستعمال كود سنغافورة، الذي فتحته للعموم. طبعا هناك فوارق صغيرة، مثلا سنغافورة لم تجمع ارقام الهواتف، لأن المواطنين في سنغافورة دائما على اتصال بشبكة الانترنيت، ويمكن لمواطنيهم التوصل برسالة تنبهه إلى أنه خالط أحد مرضى كوفيد 19، أما في المغرب فنحتاج أرقام هواتف المخالطين، كما أكدت وزارة الصحة المغربية، لتتصل بالمخالط فورا، وتخبره بضرورة اجراء كشف الاختبار والتزام الحجر. لقد خضع تطبيق سنغافورة لملاءمة خصوصية المغرب على مستوى اتصال المغاربة بشبكة الانترنيت، التي تبين أنها ضعيفة التواصل، ولهذا احتجنا لأرقام المعنيين بتحميل التطبيق، ثم هناك خصوصية ثانية، هو أن التطبيق المغربي خضع لتعديل، يتلاءم والهواتف المتوسطة، التي لدى المغاربة، فليس لدى غالبية المغاربة هاتف ذكي بمواصفات جيدة ولديه ذاكرة من الحجم الكبير، ولهذا حجم التطبيق 3 ميغا، ليسهل على المغاربة تحميل التطبيق. طيب، ما الذي يمكن أن يحققه تطبيق « وقايتنا » ولماذا على المغاربة تحميله؟ لا يمكن أن نعول على التطبيق فقط، إنه مكون مساعد، تحاول من خلاله وزارة الصحة تطويق البؤر، التي يمكن أن ينتشر فيها الوباء. ثم ليكون التطبيق فعالا بالمقاييس العالمية، يجب أن يحمله 50 بالمائة من الساكنة على الأقل. وأعتقد أنه إذا نجحنا في المغرب في اقناع 10 ملايين مغربي في تحميله، فسيكون ناجحا باهرا ومساعدا لوزارة الصحة على تطويق الفيروس. رغم التطمينات التي تقدمت بها والمبنية على معطيات علمية وملاحظات، فإن التشكيكات غزت الواتساب.. فهل تابعتها؟ طبعا اطلعت على كم الرسائل التي تدوولت على واتساب، والتشكيك في اختراق البيانات الخاصة، وهذا ليس صحيحا، ويكفي أن تكون لأي كان كفاءة معلوماتية، ليتبين أن التطبيق لا يحصل الا على رقم الهاتف المستعمل، ولاحظنا أنها لا ترسل لأية جهة إلا في حالة الإصابة أو مخالطة مصابين، وأنها لا تستعمل في تحديد « لوكاليزاسيون »، أي تحديد مواقع أصحاب الهواتف. هل يمكن أن نعرف من قام بعملية التحري هذه، قبل أن تكونوا هذه القناعة؟ هل هي مبادرة حزبكم السياسي؟ وهل استندتم إلى خبراء؟ لا أدعي أنني قمت بهذا العمل بمفردي، بل بمساعدة مجموعة من الخبراء، وما قمت به في الحقيقة ليس بمبادرة حزبية، وإنما بدافع الشغف وحب هذا البلد. وما قمت به كاطار سياسي لديه تخوف، اعتمد على تكويني في الهندسة المعلوماتية، وغايته حماية المعطيات الشخصية للمواطنين. لقد اشتغلنا كفريق لفهم طبيعة التطبيق وكيف يشتغل. طيب، تقولون أنكم طالبتم وزارتي الداخلية والصحة بفتح الكود سورس، هل تقدمتم بطلب رسمي؟ لا. كان طلبا عبر وسائل الإعلام، و تم الاستجابة له، و هو منشور للعموم على موقع Github.