يعد رحيل المهاجم تيمو فيرنر من لايبزيغ إلى تشيلسي الإنجليزي، مؤشرا ربما على وضع الدوري الألماني في الوقت الحالي حيث يهيمن بايرن ميونخ أكثر من أي وقت على مجريات الأمور في البوندسليغا بينما يعجز أي من منافسيه الأبرز على تشكيل أي تهديد للبافاري. وصرح يوليان ناجلسمان مدرب لايبزيغ مطلع الموسم الجاري أن هدفه هو التتويج بالدوري الألماني قبل انتهاء عقده ذي الثلاثة مواسم مع أبناء الشرق الألماني. ووضع مجلس إدارة النادي نصب عينيه هذا الهدف أيضا، لكنهم ينظرون إلى رحيل أفضل لاعبي الفريق ووصيف هدافي البوندسليغا، دون أن يتمكنوا من فعل شيء حيال ذلك. لكن رحيل فيرنر لا يمثل أي مفاجأة بل وتم الكشف عنه قبل أسابيع. وكان السؤال هو حول وجهته والتي عرفت بصورة غير رسمية أيضا منذ أسابيع. وأصبحت فكرة استحواذ البايرن على أفضل لاعبي المنافسين كي يزيد فرصه في تحقيق الألقاب من الماضي. حيث أن هناك آخرين ينفذون هذه المهمة نيابة عن فريق الجنوب الألماني. وخلال موسم الانتقالات الشتوية الماضي، حين كان لايبزيغ يتصدر الترتيب، فرط النادي في قائده دييجو ديمي الذي رحل إلى نابولي الإيطالي. ومن المحتمل أن يسير على خطاه المدافع دايوي أوباميكانو الذي يوجد شرط جزائي في عقده ب60 مليون يورو. إلا أن استحالة الحفاظ على القوام الرئيس للفريق وأفضل اللاعبين يبدو أنها معضلة لا تقتصر على لايبزيغ فحسب. ويسري الشيء عينه على بروسيا دورتموند، وصيف البوندسليغا حاليا، الذي عانى في الأعوام الأخيرة رحيل كل من بيير إمريك أوباميانغ إلى أرسنال وكريستيان بوليزيتش إلى تشيلسي في إنجلترا، وكذلك عثمان ديمبلي إلى برشلونة، ويحوم شبح الرحيل الآن حول جادون سانشو وإرلينغ هالاند. أما شالكه العريق، والذي صار اليوم أبعد ما يكون عن أن يشكل أي تهديد لسطوة بايرن، فمن السهل إعداد قائمة بلاعبيه الذين رحلوا حتى من فرق الناشئين، وهو ما يكشف بوضوح عن امتلاك هذا النادي لإمكانات هائلة لا يحسن الاستفادة منها. وتضم القائمة نجوما مثل مانويل نوير الذي انتقل إلى بايرن عام 2011، يليه يوليان دراكسلر وتيلو كيرير اللذان رحلا إلى باريس سان جيرمان، ومسعود أوزيل إلى أرسنال بعد محطة قصيرة في فيردر بريمن وريال مدريد، وليروي سانيه الذي ارتدى قميص مانشستر سيتي، وليون جوريتسكا الذي أنهى للتو الموسم الثاني في أليانز أرينا. ولا يرحل اللاعبون عن شالكه لأسباب مادية فقط، بل لأن النادي يوفر لهم فرصا أخرى. وربما كانت حالة دراكسلر هي الأكثر تعقيدا نظرا لأنه لم يصل إلى حديقة الأمراء مباشرة بل اضطر للتوقف في فولفسبورغ أولا قبل الوصول إلى باريس. كان فولفسبورغ آخر فريق يتوج بالدوري عام 2009 ليكسر ثنائية بايرن ودورتموند. لكنه منذ ذلك الحين فشل في تكوين فريق قادر على المنافسة من جديد على اللقب رغم الدعم المالي الذي يتلقاه من مجموعة (فولكسفاغن). وقبله، فاز شتوتغارت عام 2007 بالبوندسليغا، بيد أنه بات نسيا منسيا في دوري الدرجة الثانية الآن. ومن بين اللاعبين الذين ساهموا في تحقيق هذا الإنجاز كان الحارس تيمو هيلدبرانت، الذي انتقل إلى فالنسيا حيث لم يحالفه التوفيق، وسامي خضيرة إلى حط الرحال في ريال مدريد ثم يوفنتوس. هناك لاعب دولي ألماني آخر مرشح للرحيل عن الدوري المحلي هو كاي هافرتس نجم باير ليفركوزن حاليا. ويستطيع بايرن ميونخ وحده الحيلولة دون مغادرة هافرتس لألمانيا، كما أن النادي البافاري يخطط لعودة سانيه إلى البوندسليغا. ومن جديد لا تتعلق المسألة بالجوانب المالية بل بالآفاق والفرص. فالفريق الجنوبي هو الوحيد على مستوى ألمانيا الذي يستطيع مقارعة أعتى الفرق وكبرى الأسماء الأوروبية. على أن باقي الفرق الألمانية تتسم بالمحلية بدرجات متفاوتة، ويرجع ذلك لأن أغلب فرق البوندسليغا تنتمي إلى مدن صغيرة أو متوسطة. وعلى سبيل المثال يلعب هامبورج في الوقت الحالي بدوري الدرجة الثانية رغم أنه ينحدر من مدينة تتمتع بثقل مالي كبير، ويبدو أنه تخلى ولو مؤقتا عن عادته القديمة في منافسة العملاق البافاري على البطولات كما كان الحال عليه في ثمانينات القرن الماضي. وحتى في العاصمة نفسها، لا يمتلك قطبا المدينة هيرتا ويونيون، أي أنياب حقيقية قد تدفع لأن يعتقد أحدهم بأن هناك إمكانية لتقليم أظافر العملاق المتحصن بميونخ في الجنوب.