أغلبهم قاصرين.. ألمانيا تفكك خلية إرهابية متطرفة    الحسيمة.. الفلاحة التضامنية تعيد الحياة لسلسلة الصبار بعد جائحة الحشرة القرمزية    الأمم المتحدة تندد بالإطلاق الناري الإسرائيلي على دبلوماسيين في الضفة الغربية    المغاربة في الصدارة عالمياً من حيث نسبة طلبات تأشيرة شنغن    ماركا: الوداد المغربي يسعى لضم كريستيانو رونالدو    عمالة الدريوش تُخلد الذكرى العشرين لإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية    الخدمة العسكرية 2025.. تعبئة مجموعة من الوسائل التكنولوجية لمساعدة الأشخاص الذين تعذر عليهم ملء استمارة الإحصاء بوسائلهم الخاصة (مسؤول)    يومية "لو باريزيان" الفرنسية: أشرف حكيمي.. "رياضي استثنائي"    عبد النباوي يشيد بتجربة هشام بلاوي    اكتشاف أثري يظهر التقارب الحضاري بين طنجة ومناطق إسبانية وبرتغالية    منصة "إبلاغ".. تجسيد لتحول رقمي تقوده المديرية العامة للأمن الوطني لحماية الفضاء السيبراني (صور)    شهادات للبيع وترقيات بالرشوة.. ذ. عبده حقي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    المبعوث الخاص للاتحاد الأوربي إلى الخليج يشيد بدور المغرب في تعزيز حل الدولتين    فرنسا وإسبانيا تستدعيان سفير إسرائيل    طنجة.. تفاصيل استثمار صيني ضخم في مجال تكنولوجيا البطاريات المتقدمة    والي جهة طنجة يهاجم "لوبي العقار" ويدعو إلى وقف نزيف "العشوائي"    مجلس المنافسة: الترخيص لمؤسسات الأداء والشركات الفرعية للبنوك بالعمل ابتداء من 1 ماي 2025    الفنانة سمرا تصدر "محلاها ليلة".. مزيج إسباني عربي بإيقاعات عصرية    نادي "صرخة للفنون" يتألق ويمثل المديرية الإقليمية بالعرائش في المهرجان الجهوي لمؤسسات الريادة    التشكيلي بن يسف يتألق في اشبيلية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء سلبي    إيداع رئيس جماعة بني ملال السابق سجن "عكاشة" رفقة مقاول ومهندس    الرجاء يعلن عن لقاء تواصلي مع المنخرطين بخصوص الشركة الرياضية للنادي    وزارة التربية الوطنية تُكوِّن أطرها لتدريس "الهيب هوب" و"البريكينغ" في المدارس    تتويج المواهب الشابة في الدورة الثالثة لمهرجان الفيلم المغربي القصير بالجوال    ولد الرشيد: التعاون الإفريقي أولوية    وزير الصحة المغربي يجري مباحثات ثنائية مع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية    باحثون بريطانيون يطورون تقنية جديدة تسرع تشخيص أورام الدماغ    بوريطة من الرباط: كفى من المتاجرة بالقضية الفلسطينية وحل الدولتين خيار واقعي ومسؤول    أخنوش أمام مجلس المستشارين    لإيقاف السرطان.. التشريح المرضي وطب الأشعة الرقمي أسلحة مدمرة للخلايا الخبيثة    منيب: مشروع قانون المسطرة الجنائية يمثل تراجعا حقوقيا وانتهاكا للحريات وخرقا للمقتضيات الدستورية    الحرس المدني الإسباني يطيح بعصابة متورطة في تهريب نفايات إلى المغرب    طنجة تحتفي بالثقافات في أولى دورات مهرجان الضفاف الثلاث    القباج والعوني خارج جائزة للا مريم لكرة المضرب    البرازيل في ورطة صحية تدفع المغرب لتعليق واردات الدجاج    الذهب يصعد إلى أعلى مستوى له خلال أسبوع مع تراجع الدولار    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تجدد دعوتها لإحياء "سامير" وتحذر من خطر وطني بسبب تعطيل المصفاة    بإذن من أمير المؤمنين.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته الربيعية العادية بالرباط    المغرب يمنح أول ترخيص لشركة خاصة بخدمات الطاقة    في مجاز الغيم: رحلة عبر مسجد طارق بن زياد    "سي.إن.إن": معلومات أمريكية تشير إلى أن إسرائيل تجهز لضرب منشآت نووية إيرانية    توقيف ثلاثيني للاشتباه في التغرير بقاصرات ومحاولة الاعتداء الجنسي    الوداد ينفصل عن المدرب الجنوب إفريقي موكوينا    طائرة خاصة تقل نهضة بركان إلى تنزانيا لملاقاة سيمبا في النهائي    العثور على جثة امرأة في ثانوية والتحقيق يقود إلى اعتقال الزوج    الإماراتية ترسل مساعدات لقطاع غزة    سطات.. "بزناسة" يطلقون الرصاص على الأمن    الاتحاد العام لمقاولات المغرب يطلق علامة "المقاولة الصغرى والمتوسطة المسؤولة"    لقجع لنجوم منتخب الشباب: الجماهير المغربية كانت تنتظر أداءً أكثر إقناعًا واستقرارًا    المغاربة... أخلاق تُروى وجذور تضرب في عمق التاريخ    وفد من مركز الذاكرة المشتركة يزور الشيخة الشاعرة والمفكرة سعاد الصباح    تلك الرائحة    موريتانيا تقضي نهائيا على مرض الرمد الحبيبي    هذا المساء في برنامج "مدارات" : لمحات عن علماء وأدباء وصلحاء منطقة دكالة    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة ثانية إلى موضوع الزواج
نشر في هسبريس يوم 24 - 08 - 2009

سأعود في هذا المقال إلى موضوع الزواج، من أجل مواصلة النقاش الذي بدأه القراء من خلال تعليقاتهم على المقال السابق. وبالمناسبة أقول بأن أهمّ ما يميز موقع "هسبريس"، ويعطيه قيمة مضافة، هو تعليقات القراء التي لا تجعل القاريء يكتفي فقط بالقراءة فحسب، وإنما يجد خيار المشاركة في مناقشة أي موضوع إذا أراد ذلك، وانتقاد ما لا يعجبه وإبداء ملاحظاته بكل حرية. وما يعطي لتعليقات قراء "هسبريس" طعما خاصا ومصداقية أكبر هي أن أي واحد يستطيع أن يعبّر بالطريقة التي يريد، دون أن يعرف أحد من يكون. هادشي علاش داكشي ديال المجاملات ما كاتضورش هْنا! ومن لا يستحمل سماع النقد القاسي وسماع الحقيقة كما هي، فما عليه سوى أن يكسر أقلامه ويمزق أوراقه وينسحب حفاظا على سلامة أعصابه! هادشّي مزيان، غير أوكان داكشي ديال السبّان والمعيور من الأفضل نْديرو منّو بناقص، كي نبدو أشخاصا محترمين! إلى موضوع الزواج إذن: ""
-1
أبدأ بالأخ الذي خاطبني بأن كل ما أحتاج إليه لكي تتغير نظرتي نحو الزواج، وتتحول من نظرة تشاؤمية سوداء إلى نظرة تفاؤل بيضاء، هو الحب. بمعنى أن أحب فتاة، وبعد ذلك ستجتاحنا معا رغبة عارمة في الارتباط ببعضنا على سنة الله ورسوله. من هذه الناحية ليس هناك أي مجال للخلاف. الحب يجعل الحياة بالحقّ أحلى كالعسل، ويجعل الانسان لا يرسم أحلامه المستقبلية إلا باللون الوردي الجميل، لكن ثمّة سؤال مهم: هل يستطيع هذا الحب أن يظل متوهجا إذا كانت الظروف المعيشية للزوجين عسيرة؟ أنا أقول، وهذا اقتناعي الشخصي، بأن الجواب هو لا. لأن الأحلام الوردية لا يبقى لها أثر عندما يسدل عليها الواقع المرير ستائره القاتمة!
من هنا يجب علينا أن نفرق بين الواقع والخيال، ونضع في الحسبان أن تلك القصص الغرامية التي تجري أطوارها بين أبطال المسلسلات والأفلام ليست سوى سيناريوهات خيالية يستحيل تطبيقها على أرض الواقع! الواقع المغربي بالخصوص!
ويجب علينا أيضا أن نضع في حسباننا بأن العلاقة التي تربط بين فتاة وفتى، لا يجمعهما عقد زواج، ليست هي نفسها العلاقة التي تربط بين زوجين. في الحالة الأولى هناك كثير من الحرية وليست هناك التزامات بين الجانبين، وفي الحالة الثانية ثمّة التزامات كثيرة وتغيب الحرية بشكل تام، أي أن أول شعار ستقرؤه على باب القفص الذهبي قبل الدخول هو: "باراكا من اللعب، واراكْ دابا للمعقول آسي محمد"!
باختصار شديد، أقول بأن أي شاب يشتغل براتب شهري لا يتعدى ألفي درهم، أو أقل من ذلك بكثير، أو حتى إذا كان عاطلا عن العمل، يستطيع أن يعيش قصة حب، لكن هل بمستطاعه أن يذهب رفقة حبيبته ليوقع على عقد زواج أمام العدول؟ بالطبع نعم، لكن قبل ذلك، يجب عليه أن يعلم أن حبيبته بعد توقيع العقد، ليست هي حبيبته قبل التوقيع. عندما تخبره مثلا، أنها مريضة، لن يربت على كتفها ويقول لها: "أطلبي من والدك أن يصطحبك عند الطبيب"، وإنما خاصو يعرّي عْلى كتافو ويحكّ جْنابو حيت هو اللي بزز عليه يديها عندو! في مثل هذه اللحظة وغيرها، يبدأ الحبيبان المتزوجان يكتشفان أن هناك بالحق فرقا كبيرا بين الواقع والخيال! إيوا قيس قبل ما تْغيس آسّي محمد!
-2
في مجال الاستطاعة دائما، أريد أن أردّ على الأخ الذي ختم تعليقه بالقول إن الرزق لا يوجد بيدي ولا بيد غيري، بل بيد الله تعالى. هذا الكلام منطقي، ولا يمكن لأي عاقل أن يتناقش حوله، لكننا عندما نعود إلى القرآن الكريم، نجد أن الله تعالى يقول: "والله فضّل بعضكم على بعض في الرزق". صدق اللع العظيم.
بمعنى أنني مثلا، قد أكون متوفرا على راتب شهري بألفي درهم، ولدي صديق يشتغل بسبعة آلاف درهم، هذا الصديق فضّله الله علي في الرزق، وإذا كان هو بمقدوره أن يتزوج، فالله هو الذي أعانه على ذلك، وفضّله علي، لذلك عندما أعلم بخبر زواجه لا يجدر بي أن أقوم بدوري وأبحث عن زوجة دون أن تتوفر لدي الاستطاعة، فقط باش نْگول لعباد الله بللي حتى أنا راجل، ونحمّر وجه الواليد والواليدة قدام الجيران! مثل هذه التصرفات والقرارات التي يتخذها الكثيريون دون أدنى تفكير هي التي تؤدي إلى المصائب في النهاية، فالزواج كما قلت آنفا مسؤولية عظيمة، ومدّته تستمر إلى ما شاء الله، أي أنك عندما تنوي الزواج، يجب أن تتخلص من أنانيتك، وتعلم أنك أنت المسؤول عن الزوجة التي ستفد على بيتك، وستكون بعد ذلك مسؤولا عن أبنائكما، وتعلم ان مؤسسة الزواج تحتاج إلى مصاريف لا تحصى، فكيف يمكن للانسان يا ترى، أن يفكر في قيادة سفينة ضخمة وسط أمواج البحر العاتية دون أن تكون لديه الاستطاعة؟ هذا مستحيل. مْن غير يْلا كان احْمق!
-3
وبما أن الهدف الأساسي من الزواج لدى كثير من المغاربة، بعد الإحصان هو الانجاب، سأقول للأخ الذي تحدث في تعليقه عن كوْن المغرب سيعاني مستقبلا من "شيخوخة أفراد المجتمع"، بأن مثل هذه المصطلحات ما عْندها ما تصوّر مْن المغرب!
في الغرب هناك حقا مخاوف كبيرة من شيخوخة الساكنة. لماذا؟ لأن صناديق التغطية الاجتماعية ستجد نفسها عاجزة عن تسديد معاشات المسنّين والمتقاعدين وأراملهم إذا لم تكن هناك أجيال شابة تملأ خزائن هذه الصناديق عن طريق الاقتطاعات الشهرية من أجورها.
يحدث هذا في الغرب الديمقراطي، الذي تستفيد فيه الأغلبية المطلقة من العمّال من التغطية الاجتماعية، أما في المغرب، فلا يتجاوز عد المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مليوني منخرط، من أصل عشرة ملايين من السكان النشطين، زْعما اللي خدامين. أي أن ثمانية ملايين عامل وعاملة ما عندهم لا ضمان اجتماعي ولا تغطية صحية ولا هم يحزنون، كل ما لديهم هو أجورهم الضئيلة التي لا تتعدى في أحسن الأحوال ألفي درهم، الذي هو الحد الأدنى للأجور. وعندما يشيخ هؤلاء الذين يتم استغلالهم كالعبيد داخل المصانع والمعامل والضيعات الفلاحية وأوراش البناء، فلن يشكلو عالة على صناديق التغطية الاجتماعية. هذا من جانب، من جهة أخرى، تشتكي الدول الغربية من الشيخوخة لأنها تخشى أن يستعمرها المهاجرون. هذه الدول تريد من مواطنيها أن يتناسلوا ويتكاثروا كي يملؤوا مناصب الشغل التي يملؤها المهاجرون القادمون من كل أصقاع الدنيا. أما نحن فلدينا فائض في البشر، ونعاني من انعدام فرص العمل! وهذا واحد من الأسباب اللي هْبطات القيمة ديال بْنادم عندنا! فأي عامل يعثر على فرصة شغل يضطر للعضّ عليها بالنواجد، ويتحمل إهانات الپاطرون وأبنائه وبناته، ويلا ما بغاش يخدم راه مية ألف واحد غايخدمو بْلاصتو! فلماذا تريدون أن نقدم مزيدا من "العبيد" لهؤلاء الپاطرونات الجشعين؟
4-
ختاما أقول بأنني لست ضد الزواج، لأنه بكل بساطة واحد من أحلامي الكبيرة التي أدعو الله تعالى أن يجعلها في يوم من الأيام حقيقة!
لكن يجب علينا أن نفكر بعقولنا لا بعواطفنا. عقد القران أمام العدول ليس عسيرا، وحفل الزفاف يمكن تدبّر أمره مهما كان الحال، لكن قبل ذلك فكّر في الاستطاعة.
تصوّر نفسك وأنت تقود طفلتك التي لم تكمل بعد عشر سنوات من عمرها لكي تشتغل لدى عائلة ثرية، فقط لأن الدنيا ضاقت بك وصار قلبك قاسيا لدرجة أنك اتخدت قرارا قاسيا كهذا.
تصور نفسك عندما تذهب على رأس كل شهر كي تتسلم ثمنا لكدّها وجهدها وعملها الذي يتواصل طيلة ساعات النهار وساعات أخرى من الليل، حيث قمت بقلب الآية رأسا على عقب، وصارت فلذة كبدك الصغيرة مسؤولة عنك وعن باقي أفراد العائلة، في الوقت الذي يجدر بك قانونا وشرعا أن تكون أنت المسؤول عنها لأنك والدها.
اذهبوا إلى الكاريانات والأحياء الشعبية الهامشية حيث يتعايش الفقر المذقع مع الانجاب بلا تفكير، واسألوا الآباء والأبناء على حد سواء، وستجدون أن الجميع يعيش في العذاب!
ماذا سيفعل هؤلاء الأطفال الأبرياء عندما تضيق بهم جدران بيوتهم العشوائية؟ كيف سيصير مستقبلهم؟ لماذا يتعمد آباؤهم الاتيان بهم إلى الوجود وهم يعرفون أنهم سيتعذبون؟
صحيح أن رزق الجميع مضمون من عند الله تعالى، لكن مفهوم الحياة يجب أن يتغير في أذهاننا. ليس المهم هو أن أعيش فقط، المطلوب هو أن أعيش عيشة كريمة، ماشي عيشة الحلوف! حاشاكم.
الحاصول بنادم خاصو يفكر شوية، وأكرر مرة أخرى أنني لست ضد الزواج، لكنني أقول بأن الوقت صْعابت بزاف، والله ياخدْ الحق فهادوك اللي خلاوها توللي هاكّا!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.