لا تزال السلطات الفرنسية تعلن اعتقالها لمزيد من المتورطين في تجنيد مواطنين فرنسيين للانضمام إلى صفوف جماعات إسلامية مسلحة في سوريا، خاصة من ذوي الأصول العربية؛ في وقت لا يخفي فيه المسؤولون استمرار حالة تدفق شباب فرنسيين على مطار "أورلي" جنوب العاصمة باريس، كبوابة رئيسية للعبور إلى تركيا ومنها إلى سوريا، بمعدل شخصين إلى ثلاثة في اليوم. ليلة أمس، استقبلت أجهزة الأمن الفرنسية، مراد فارس، 29 سنة، المقاتل الفرنسي من أصل مغربي، بعد ترحيله من الأراضي التركية، حيث تم توقيفه منتصف شهر غشت الماضي في مطار اسطنبول بعد خروجه من سوريا، إذ تصفه فرنسا كونه أبرز مجندي الشباب الفرنسي للقتال في سوريا إلى جانب تنظيم "داعش". وفور وصوله إلى باريس، تم عرض فارس، الملقب بأبي حسن والمنحدر من منطقة طونو لي بان (شمال شرق ليون)، على أنظار قضاء مكافحة الإرهاب، حيث يبقى أبرز الأسماء المبحوث عنها من طرف أجهزة المخابرات الفرنسية، والمتورط الرئيسي في اصطياد عدد من الشبان الفرنسيين وإلحقاهم بفصائل إسلامية مسلحة في سوريا، إلى جانب علاقته المشبوهة مع إحدى المقاولات المتهمة بتمويل الإرهاب. الطالب السابق بإحدى مدارس ليل الفرنسية، متهم أيضا، وفق ما سارعت وسائل إعلام فرنسية إلى تداوله، بتكوينه خلية تجنيد مقاتلين من داخل فرنسا إلى سوريا، عبر شبكات التواصل الاجتماعية وبمساعدة وسطاء يسهلون تلك العمليات، حيث تتهم سلطات باريس مراد فارس بتجنيد شباب من ستراسبورغ في دجنبر 2013، وقاصرين اثنين من تولوز، الذين تمكنا من الفرار من الجحيم السوري بعد 8 أيام من التحاقهما، إلى جانب القاصرة نورة ذات 16 سنة، التي أثارت ضجة سابقة في فرنسا. وتم تعقب فارس، الذي التحق بسوريا شهر يوليوز 2013، حين تردد قبل شهر على القنصلية الفرنسية بتركيا، طالبا وثائقا تخص السفر، قبل أن يجري التنسيق بين السلطات التركية والشرطة الفرنسية، ليتم اعتقاله في مطار اسطنبول منتصف غشت الماضي، في عملية اعتقال ظلت سرية، إلى حدود الإعلان أمس عن ترحيله إلى باريس. التحقيقات التي تباشرها السلطات الفرنسية مع فارس تركز على عدد من جندهم بطريقته، ثم على السبب وراء خروجه من سوريا وعزمه العودة إلى فرنسا، إذ لا تستبعد فرضية استمراره في عمليات التجنيد، إلى جانب احتمال فراره من الشام السوري بعد تلقيه تهديدات من تنظيم "داعش"، خاصة وأنه غادره قبل أشهر منضما إلى "جبهة النصرة" الموالية لتنظيم القاعدة، الغريم "الجهادي" لتنظيم "الدولة الإسلامية". وتبقى فرنسا كأكثر الدول الغربية المصدرة للمقاتلين إلى سوريا والعراق خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، إلى جانب روسيا وألمانيا وبريطانيا، إذ تتحدث تقارير أجنبية، كمثل الصادر عن مركز "بيو" للأبحاث المتواجد بواشنطن، عن تصدير حوالي 700 فرنسي صوب سوريا لحمل السلاح، في معارك طاحنة تدور رحاها بين أطراف جيش النظام السوري وجماعات مسلحة معارضة، أو فيما بين تنظيمات إسلامية متطرفة.