وجه الكاتب والإعلامي المصري أحمد المسلماني نقدا لاذعا لجماعات الإسلام السياسي، معتبرا إياها عدوة للحضارة الإسلامية، ومسؤولة عن انهيار العالم الإسلامي؛ "لأنها تحارب المسلمين أولا"، وفق ما جاء في مداخلة ألقاها بمعرض الشارقة الدولي للكتاب، بعنوان "العالم ضد العالم"، والذي هو عنوان آخر إصدار لمسلماني، الذي سبق له أن أصدر كتابا آخرا أطلق عليه "الجهاد ضد الجهاد". المداخلة التي كانت عبارة عن تلخيص مركز لكتاب المسلماني الأخير، جاءت فيها عدد من المواقف القوية والمنتقدة لجماعات الإسلام السياسي، إذ لفت المتحدث إلى أن العالم الإسلامي يعيش حاليا صراعا بين السنة والشيعة، وبين السنة والسنة، وبين الشيعة والشيعة، "فكل جماعة تلعن أختها، لأن الإسلام السياسي أنهى الحضارة الإسلامية، والجماعات الإسلامية أضعفت الدولة والإسلام"، على حد قوله. المسلماني، الذي يعرفه عدد من المشاهدين العرب في برنامجه الطبعة الأولى، أكد أن الجماعات الإسلامية التي لم يقم بتصنيفها ولا تعيينها تجر الدول الإسلامية إلى حرب أهلية، "وبعد أن يتحقق لها ذلك، فإنها ستعلن الحرب على العالم، وتجعل المسلمين أمام بقية سكان الأرض، فلا تبقى لمعتنقي الديانة الإسلامية مكانة ولا قيمة". وقال المستشار السابق للرئيس المصري المؤقت عدلي منصور إن هناك خمس تواريخ كانت "وبالا على العالم الإسلامي"، وابتدأها بسنة 1928، وهي سنة تأسيس جماعة الإخوان المسلمين. وهنا يشدد المسلماني على أن هذا التأسيس "أحدث شقا بين المسلمين، وأصبح العالم الإسلامي مقسما بين إخوان مسلمين، ومسلمين ليسوا إخوان"؛ ثم عام 48، حين تأسست إسرائيل، وصولا إلى العام 1978، وهو عام بداية الثورة الإيرانية ونشأة الأصولية الإيرانية، وعام 98، تاريخ تأسيس تنظيم القاعدة، فالعام 2008، تاريخ إلقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما خطابه في القاهرة، والذي وجهه إلى العالم الإسلامي، والذي كان من آثاره نشأة "داعش". وانتقل المسلماني بعد ذلك ليقدم صورة عن واقع العالم الإسلامي حاليا، منطلقا من فكرة مفادها أن هناك قوة حقيقة للإسلام، الذي هو الدين الثاني في العالم بعد المسيحية، مستدلا على ذلك بتواجد عدد كبير من المسلمين في أكبر ثلاث دول في العالم، وبأن عددهم في تزايد مستمر في روسيا، "فواحد من أصل تسعة من سكان موسكو هو شخص مسلم"، مواصلا بأن هذا الوضع يقابله ظهور "داعش الروسية"، والتي يقاتل حاليا أكثر من 5 آلاف روسي في صفوفها. واستمر المتحدث المصري في الاستدلال على قوة الحضور الإسلامي بتواجد مائة مليون مسلم في الصين، بيد أنه حذر من ظهور ما أسماها "طالبان الصين"، نظرا لتواجد حوالي 500 مقاتل صيني يتدربون على أيدي مقاتلي طالبان، ويخططون للعودة إلى الصين؛ ثم الدولة الثالثة، وهي الهند التي فيها تواجد معتبر للمسلمين، "لكن هناك من يريد أن يحول هذا التواجد إلى صراع هندوسي إسلامي، وصراع كونفوشيوسي إسلامي. وفي ظل الوضع المأساوي الذي تعيشه عدد من الدول الإسلامية، تظهر تجربتان "مبهرتان" من الدول الإسلامية، وهما ماليزياوتركيا، بيد أنهما لم يسلما من التهديدات، إذ تواجه ماليزيا "تشددا في الجامعات الإسلامية، ومحاولة لتشييع السياسية، بينما تواجه تركيا مخاطر أن تدفع ثمن أخطاء أردوغان"، وفق تعبير الباحث المصري الذي لم تفته الإشارة إلى نيجيريا، التي تعتبر أكبر دولة إسلامية في إفريقيا، وما تواجهه من تهديدات على يد مقاتلي جماعة بوكو حرام، قائلا: "هناك رغبة في أن يكره الأفارقة الإسلام الذي دخلهم بالسلام والآن يخرج بالدماء". وأمام هذه "الخريطة الرديئة للجماعات الإسلامية"، وفق توصيف المسلماني، فإن تنظيم "داعش" ليس المستهدف منه هو العالم العربي، "فهو مجرد ممر، أما المستقر فهو روسيا"؛ ولهذا فهو يقترح أن يكون "الإسلام الحضاري في مواجهة الإسلام السياسي"؛ داعيا إلى الحذر من ثلاثة مشاريع تهدد المنطقة العربية، وهي المشروع الإيراني، والتركي، ثم الإسرائيلي، ومواجهة هذه المشاريع "بالمشروع القومي"، مواصلا بأن المرحلة الحالية لا تحتاج "أغبياء" في السياسة والإعلام، وتتطلب أن يختفي الذين لا يعلمون، ويظهر الذين يعلمون ويعملون.