(2) بعد أن نقل إبليس إقامته الى الشرق، أصبح يتمتع بشهية كبيرة، وبلياقة ذهنية وبدنية ممتازتين. تأقلم إبليس على العيش في الصحاري، فنقل عن الجمل كل تقنيات التكيف مع المناخ الجديد. لا زال الغربان يزورونه في المنام لإخباره بالصغيرة والكبيرة، فمنذ الأزل جند جيوشا من الغربان لهذا الغرض. مسؤولياته ومشاغله كثيرة، تحتاج الى جهد ووقت كبيرين، لذا تجد إبليس، كبير الشياطين، ماهرا في اقتصاد الطاقة والوقت لتحقيق أغراضه. أزليته مقترنة باستمرارية جريان نهر الحياة البشرية على الأرض الى أن يحين يوم الحشر، وهو جد حريص على حسن إستعمال وقته، حيث وظف منامه للإستقبالات، والزيارات، وأيضا لأغراض أخرى. زاره مرة غراب غريب الأطوار، أبيض اللون وعيناه تشتعلان دما، فعرض عليه تجارة مربحة؛ أخبر الغراب الابيض سيده إبليس بوجود نبتة كاحلة السواد تنمو في كهوف جزر الظلام، وتحتوي على مادة تلحق العار بصاحبها، فإذا قام إبليس بانتاجها وتسويقها فسيتحكم في العالم دون أي عناء، وسيركع له الملايين من بني البشر. أمر إبليس بتهجين النبتة في الشرق، فبعد أخضرارها أنتجت ملايين من الأطنان من تلك المادة، فزود الكثير من الاسواق، ولم يحتج الى كثير من الإشهار سوى بعض الاعلانات على بعض الفضائيات الشرقية. انتشر استهلاك المادة وفاق الطلب العرض مما دفع إبليس إلى توظيف المزيد من بني البشر لخدمته وإنتاج وتوزيع المادة مقابل السماح لهم باستهلاك ما يحتاجونه، وكانوا جد متحمسين مما ساعد على انتشارها كما تكهن بذلك "فرانك كلارك"، الى درجة أن إبليس استطاع أن يخفض لأول مرة في التاريخ نسبة البطالة في الشرق، وحصل بذلك على جائزة أفضل مستثمر أجنبي في المنطقة. تفنن إبليس في تلك التجارة فأصبح له وكلاء في الكثير من بقاع المعمور، و بدأ يستقبل بعثات من الشرق والغرب، من الذين يرغبون في التبرك به و الإستثمار في تجارته المربحة. حتى غدت أسهمه تتداول في كبريات البورصات العالمية..(يتبع).