أن يذهب المرء إلى الملعب أو أن يجلس أمام الشاشات لمتابعة نجوم فريقه المفضل أمر طبيعي، لكن عندما يكون الشخص الذي يقف خارج المستطيل الأخضر لتوجيه هؤلاء النجوم جوزيه مورينيو أو بيب غوارديولا فالأمر هنا يختلف... فهناك مدربون قد يخطفون الأضواء من لاعبيهم بفضل ما أوتوا من حضور قوي يأسر الجماهير. "الجماهير لن تأتي إلى ملعب الاتحاد لمشاهدة المدرب بل اللاعبين"... هذه كانت أولى كلمات بيب غوارديولا في مؤتمر تقديمه مدربا جديدا لفريق مانشستر سيتي الإنجليزي في يوليو الماضي. تصريحات غوارديولا، المدرب السابق لبرشلونة وبايرن ميونخ، لم تنطلي على وسائل الإعلام أو جماهير السيتي، الفريق الذي يعج بنجوم لم يسلم بعضهم من مقصلة المدرب الإسباني الذي أعلن فور مجيئه عن التخلص من بعض "القطط السمان" مثل حارس المنتخب الإنجليزي الأساسي جو هارت ليحل محله التشيلي كلاوديو برافو المتشبع بأسلوب برشلونة الذي شهد بزوغ نجم غوارديولا لاعبا ومدربا. وكان رحيل هارت ليشعل مدرجات ملعب الاتحاد لو جاء بقرار من مدرب آخر، لكن جماهير "السيتيزنس" غفرت ذلك للوافد الجديد الذي كان مطمعا لكبار أندية القارة بعد ثلاثة مواسم رائعة على رأس الإدارة الفنية للفريق البافاري وقبلها أربعة أعوام مع البرسا سطر خلالها أسطورة "الفريق الذي لا يقهر". يقول غوارديولا الملقب ب (الفيلسوف) "لدي أسلوبي الخاص في العمل وأريد تطبيقه في الفريق. لكن يتعين علينا في البداية الاتفاق على أمر ما، نريد اللعب الجيد ثم الفوز بالمباراة يليه فوز آخر يليه فوز آخر". وأجرى المدرب الكتالوني ما يمكن تسميته "تطهيرا" في صفوف مانشستر سيتي، فرحل الفرنسي سمير نصري ولم يتم قيد الإيفواري يايا توريه في قائمة الفريق للتشامبيونز ليج- مثلما فعل أثناء وجوده في برشلونة مع رونالدينيو وديكو وصامويل إيتو- وبالمثل مع قائد بايرن ميونخ باستيان شفاينشتايجر. ومع دوران عجلة البريميير ليج لم يعد الفريق السماوي، المملوك للشيخ الإماراتي منصور بن زايد، كسابق عهده "سيتي أجويرو" أو "سيتي ديفيد سيلفا"، بل بات معروفا لدى الجماهير ب"سيتي غوارديولا". غوارديولا ومورينيو الأعلى أجرا: يقول غوارديولا، المدرب الأعلى أجرا في أوروبا، "حققت نجاحا في بيتي (برشلونة)، بعدها ذهبت إلى ألمانيا وتعلمت اللغة الألمانية. تحدٍ كان علي مجابهته وبالفعل سارت الأمور على نحو جيد، أما الآن فأنا هنا (في مانشستر). ويتقاضى غوارديولا، وفقا لموقع (فوت رووم/ FootRoom) الإنجليزي المتخصص في الرياضة، ما يزيد عن 21 مليون دولار سنويا ليصبح الأعلى أجرا بين مدربي القارة العجوز، متفوقا على غريمه البرتغالي جوزيه مورينيو نظيره في مانشستر يونايتد (18.5 مليون دولار). وتستحوذ مباريات كلا المدربين على أكبر نسب مشاهدة في العالم بشكل يفوق نجوم الفريقين الغريمين. فحتى لو لعب أجويرو أو روني أو إبراهيموفيتش، فإن نزال "بيب×مو" يبقى الأكثر متابعة في البريميير ليج مثلما حدث في دربي مانشستر الأخير يوم 10 سبتمبر على ملعب أولد ترافورد، الذي انتهى 2-1 لصالح غوارديولا ذي النزعة الكتالونية. ودائما ما تتركز أعين الجماهير على لقاء الغريمين لمشاهدة تحركاتهما أو كيف سيتصافحان أو ما إذا طُرد أحدهما أو كيف ستكون طريقة احتفال "سبيشيال وان" بتسجيل أحد لاعبي مانشستر يونايتد لهدف، في الوقت الذي تشهد فيه دور المراهنات رواجا كبيرا قبل المواجهات المشتركة. وجود الرجلين على مقعد التدريب يخطف الأضواء من نجوم الفريق مهما بلغت شهرتهم. وفي النسخة الحالية من مسابقة البريميير ليج بات الحديث عن المدرب أكثر من اللاعب خاصة مع قدوم أسماء من عيار الألماني يورجن كلوب إلى ليفربول أو الإيطالي أنطونيو كونتي إلى تشيلسي. وينضم كلوب وكونتي إلى المدربين الأعلى أجرا في أوروبا في قائمة (FootRoom) التي تضم ستة من مدربي الدوري الإنجليزي. وإضافة إلى كلوب (المركز السادس ب9.3 مليون دولار) وكونتي (السابع ب8.7 مليون) يأتي المدرب التاريخي لأرسنال، الفرنسي المخضرم أرسين فينجر (الرابع ب11.2 مليون) والأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو مدرب توتنهام (التاسع ب7.2 مليون). وبعيدا عن معترك البرييمر ليج، يقف بهدوئه المعهود الإيطالي كارلو أنشيلوتي المدير الفني لبايرن ميونخ كثالث أعلى المدربين أجرا (11.7 مليون دولار) والفرنسي الأنيق زين الدين زيدان مدرب ريال مدريد (الخامس ب10.7 مليون) بينما يأتي في المركز الثامن الإسباني لويس إنريكي "اللوتشو" مدرب برشلونة الذي يتقاضى 7.8 مليون دولار سنويا. ويتذيل قائمة العشرة الأوائل الإسباني رافائيل بنيتيز (5.7 مليون دولار) مع فريق نيوكاسل الذي ينافس في دوري الدرجة الثانية الإنجليزي. لكن ما يثير الدهشة غياب الأرجنتيني دييجو سيميوني، الذي سيكمل في ديسمبر/كانون أول المقبل، خمسة أعوام على ناصية الإدارة الفنية لفريق أتلتيكو مدريد. المدرب المقاتل الملقب ب"التشولو" وأحد علامات فريق العاصمة الثاني في إسبانيا بات الوحيد الذي يبلغ نهائي دوري الأبطال مرتين (2013-2014 و 2015-2016) في السنوات الخمس الأخيرة لكنه لم ينجح في رفع الكأس ذات الأذنين. تأثير وأهمية سيميوني في أتلتيكو وصل حدا بلغ أن الفرنسي أنطوان جريزمان اعترف أنه اتصل هاتفيا ذات مرة بمدربه وأكد له أنه لن يترك "الروخيبلانكوس" إلا معه. وقال سيميوني أثناء تقديم كتابه (الثقة في تحدي الصعاب) أن "جريزمان أبلغني ذلك.. إنه لاعب كبير ذو أهمية بالغة ولديه القدرة على تقييم الأمور". يروي سيميوني في كتابه "كنت أحلم أن أصبح مدربا عندما كان عمري 26 أو 27 عاما. كان يجول بخاطري دائما خطط وأفكار تدريبية.. كنت أسعى دائما أن أكون الأفضل".