اختار الدكتور عثمان الزياني، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، الخوض في عوالم الخطاب السياسي بالمغرب، من خلال دراسته لمنزلقات البلاغة وزلات اللسان، ضمن كتاب صدر حديثا قام بتقديمه الأستاذ عماد عبد اللطيف أستاذ البلاغة وتحليل الخطاب في جامعتي قطر والقاهرة. كتاب "الخطاب السياسي في المغرب بين منزلقات البلاغة وزلات اللسان"، الصادر عن منشورات مجلة الحقوق، يعتبر بحسب عماد عبد اللطيف "أنموذجًا متميزًا للمقاربة العابرة للتخصصات في تحليل الخطاب السياسي، إذ يمتح من العلوم السياسية وعلوم التواصل وعلم الاجتماع والسيميوطيقا والبلاغة وعلم النفس وغيرها. ويعالج الإصدار الجديد عددًا كبيرًا من الظواهر المتباينة، التي يجمع بينها كونها تجليات للخطاب السياسي؛ مثل الفواعل السياسيين، وأعطاب الخطاب، والحجاج، وفجوة المصداقية السياسية، والاستعارة، والتضفير الخطابي، والتصفيق، وطقوس الفرجة، مستعينا بأطر نظرية متعددة؛ منها نظرية الاستعارة المفهومية، والفرجة، والعنف الرمزي، وبلاغة الجمهور. ويلفي الكتاب من خلال هذه المقاربة الخطابية محاولة فهم طبيعة اشتغال النسق السياسي والمقول السياسي للفاعلين، والذي عبره تتحدد أكثر معالم ومستويات المجال التنظيري والتفكيري والمعرفي الذي يؤطر الخطاب السياسي في المغرب، وتنجلي أيضا طبيعة السلوكيات والممارسات السياسية بمختلف محمولاتها". ويسجل المؤلف بأنه عبر التعابير الخطابية والمضامين والمكونات البلاغية واللغوية، تظهر الكثير من مساحات الغموض والإبهام حول مختلف المعضلات السياسية القائمة، على مستوى البنيات أو على مستوى الفعل، وعبر المدخل الخطابي الكاشف لإعتلالات النسق الخطابي المغربي برمته". واعتبر المصدر بأن "مقاربة موضوع الخطاب السياسي في المغرب من خلال تفكيك نسقية مزالق البلاغة والكشف عن مكامن زلات اللسان، ليست بالمهمة اليسيرة خصوصا أنه من الصعب اعتماد تحليل للخطاب السياسي، من خلال أدوات منهجية مستقاة من حقل معرفي بمفرده، إذ الأمر يتطلب استدعاء واستحضار مقاربات مختلفة ومتنوعة تنهل من حقول معرفية عديدة". وتعد هذه الدراسة أحد المداخل الأولية لطرح مجموعة من الإشكالات التي يثويها الخطاب السياسي في المغرب بسياقاته اللغوية والسيميائية والتداولية وأفعال الكلام، وهي تفتح المجال أيضا لمقاربة معضلات الخطاب السياسي ومحاولة فهم عمق الإشكال، في ظل تبلور هذا الانحدار المشهود في النسق الخطابي لدى الفاعلين السياسيين. وخلص إلى أنه "من أجل استجلاء مزالق البلاغة وزلات اللسان في الخطاب السياسي المغربي، كان لابد من الانطلاق بدراسة النسق الخطابي للفاعلين، واستحضار مداخل أعطاب الخطاب السياسي في مقام أول، والخوض في البعد الاستعاري للخطاب السياسي وبلاغة الجمهور في مقام ثان، بالشكل الذي يراعي مكونات النسق الخطابي المغربي".