أصدر المنتدى المغربي للصحافيين الشباب دراسة مرجعية بعنوان: "التنظيم الذاتي بين رهان تعزيز حرية الصحافة وتحدي النهوض بأخلاقيات المهنة"، وذلك ضمن مشروع "تعزيز وتمكين الإعلام المهني المستقل"، في سياق مهني وسياسي يشهد تحولات عميقة في المنظومة الإعلامية الوطنية، وسط تزايد الحاجة إلى نماذج فعالة ومستقلة للتنظيم الذاتي في مواجهة تحديات العصر الرقمي وتعزيز الثقة في آليات الضبط الأخلاقي. الدراسة اعتمدت مقاربة مزدوجة جمعت بين التحليل النظري للتجارب الدولية الرائدة في مجال التنظيم الذاتي، وقراءة نقدية للتجربة المغربية من خلال تتبع مسار المجلس الوطني للصحافة منذ تأسيسه سنة 2018، إلى جانب بحث ميداني شمل استمارة وُزعت على عينة من الصحافيين المغاربة لاستطلاع آرائهم حول التمثيلية، الأخلاقيات، الحكامة والفعالية التأطيرية للمجلس. وفي تصريح له، أكد سامي المودني، رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، أن الدراسة أكدت "أن تطوير التنظيم الذاتي في المغرب يمر عبر مسارين متوازيين: من جهة إصلاح داخلي عميق يجعل المجلس أكثر ديمقراطية واستقلالية وفعالية، ومن جهة ثانية تحويله إلى نموذج رائد إقليميًا، يُقدّم كبديل ديمقراطي، وكرافعة لبناء إعلام حر ومهني ومسؤول". وأضاف أن "هذه الدراسة تمثل أداة علمية عملية للصحافيين، والمشرّعين، وصناع القرار، والهيئات الوطنية المعنية بحرية التعبير، بهدف بناء نموذج تنظيمي أكثر فعالية واستقلالية وتمثيلية، يُواكب تحولات المهنة ويُعزز موقع المغرب في مؤشرات حرية الإعلام". وشملت محاور الدراسة المعالم النظرية للتنظيم الذاتي وأشكاله المقارنة وتقييم تجربة المجلس الوطني للصحافة من حيث الفعالية والاستقلالية، إلى جانب تحليل مخرجات الاستمارة الخاصة بآراء الصحافيين المغاربة، فضلا عن أثر التحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي على مستقبل التنظيم الذاتي، وكذا مقترحات لتجويد الإطار القانوني والمؤسساتي للتنظيم الذاتي في المغرب. وخلصت الدراسة إلى توصيات رئيسية، من أبرزها مراجعة القانون المنظم للمجلس بما يضمن استقلاليته المالية والإدارية الكاملة. وكذا إقرار انتخابات شفافة ودورية لاختيار ممثلي الصحافيين في المجلس الوطني للصحافة، مع تبني نظام تأهيلي قائم على الكفاءة والنزاهة. وتحيين الميثاق الوطني لأخلاقيات مهنة الصحافة والنشر لمواكبة تحديات الذكاء الاصطناعي، والأخبار الزائفة، وتطورات الصحافة الرقمية. كما أوصت بتفعيل آليات المساءلة والشفافية والتحكيم والوساطة داخل المجلس الوطني للصحافة، وإشراك المجتمع المدني الحقوقي والمؤسسات الأكاديمية في تركيبة المجلس المستقبلي. وتحويل التجربة المغربية إلى مرجعية إقليمية عبر الانفتاح على الشراكات الإفريقية والدولية في مجالات التنظيم الذاتي والحكامة الإعلامية. وتحصين المهنة وإعادة الاعتبار لها، استنادا إلى مطالب المهنيين ومؤسساتهم التمثيلية وهيئاتهم الداعية إلى إعادة الاعتبار لمهنة الصحافة في بلادنا وحمايتها من الدخلاء والمتطفلين والنهوض بصورتها لدى المجتمع، ومن أجل أن يتبوأ الصحافيون المكانة التي تليق بهم في المجتمع إسوة بباقي المهن.