عادَ مَطلبُ مصادقة المغرب على قانون المحكمة الجنائية الدولية، بمناسبة انعقاد الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، ما بين 2 و7 مايو الجاري، إلى الواجهة، إذْ سيكون من بيْن الأسئلة التي ستُطرح على الوفد المغربي المشارك في أشغال الدورة. وفيما تتوالَى دعواتُ المنظمات الحقوقية للسلطات المغربية إلى المصادقة على قانون المحكمة الجنائية الدولية، لازالُ هذا المطلبُ محفوفا بتحفًّظ رسمي. غيرَ أنّ هذا التحفظ، حسب هشام الشرقاوي، رئيس المركز المغربي للسلام والقانون، لم يعُدْ له مبرر بعد دستور 2011. وقال الشرقاوي، في تصريح لهسبريس، إنَّ المصادَقة على قانون المحكمة الجنائية الدولية قبل دستور 2011 كانت تعترضه بعض المُعيقات، مثل عدم إدراج بعض الجرائم المنصوص عليها في قانون المحكمة الجنائية الدولية في القانون الجنائي المغربي، وكذا حصانة الملك، والتقادم. لكن بعد دستور 2011، يُردف المتحدث، زالتْ العوائق سالفة الذكر، "إذ نصَّ الدستور المغربي على تجريم الجرائم المنصوص عليها في المحكمة الجنائية الدولية، إضافة إلى تنصيصه في الديباجة على سُمُوّ المواثيق الدولية على القوانين الوطنية". تضمينُ الدستور المغربي هذه المبادئ "يُعدُّ مصادقةً ضمنيّة على قانون المحكمة الجنائية الدولية، ولا يُعوزه إلا تفعيل هذا الإجراء"، يقول رئيس المركز المغربي للسلام والقانون، الذي يعقدُ آمالا على رئيس الحكومة الحالي، سعد الدين العثماني، ووزير حقوق الإنسان مصطفى الرميد. وقال الشرقاوي في هذا الإطار إنَّ سعد الدين العثماني عبّر في لقاء مع مجموعة من الحقوقيين، حين كان وزيرا للخارجية، عن أنّ المغرب لا مشكل له مع المصادقة على قانون المحكمة الجنائية الدولية، وأنَّ هذا الموضوع تتمّ دراسته. الموقف نفسه عبّر عنه مصطفى الرميد، وزير حقوق الإنسان الحالي، يوم كان وزيرا للعدل والحريات في الحكومة السابقة، حسب الشرقاوي، الذي اعتبره من أكبر المدافعين عن المصادقة على قانون المحكمة الجنائية الدولية، لكنّه صرّح بأنّ قرار المصادقة يجب أن يحظى بموافقة أطراف أخرى خارج الحكومة. وجواباً على سؤالٍ حول مدى احتمال قُدرة حكومة العثماني على الدفع بمصادقة المغرب على قانون المحكمة الجنائية، علما أنَّ قرارا كهذا يتطلب موافقة "جهات عليا"، قالَ الشرقاوي: "نحن في دولة المؤسسات، ومؤسسة رئاسة الحكومة لديها كل الصلاحيات الدستورية للمصادقة على هذا القانون". واعتبر المتحدث ذاته أنَّ المغرب سيربح إيجابيات كثيرة بمصادقته على قانون المحكمة الجنائية الدولية، منها ملاءمة القوانين الوطنية مع القانون الجنائي الدولي، بما يؤدّي إلى مكافحة الإفلات من العقاب. وكانت هيئة الإنصاف والمصالحة أوصتْ في تقريرها الختامي بالمصادقة على القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كضمانة لعدم تكرار ما جرى في سنوات الرصاص، وكذا الإفلات من العقاب.