في مشاركتهم الأولى في كأس العالم منذ 28 عاما، يجد المصريون أنفسهم أمام خيار متابعة المباريات عبر شبكة "بي ان سبورتس" القطرية، على الرغم من تذمرهم من ارتفاع كلفة الاشتراك بها في ظل ظروف اقتصادية صعبة. في بلد يبلغ تعداد سكانه 97 مليون نسمة ويعاني من ارتفاع في نسبة التضخم؛ إذ لا يزيد متوسط دخل الفرد الشهري عن 230 دولارا، تقتصر القدرة على الاشتراك بالقنوات المالكة لحقوق بث المونديال في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الميسورين أو أصحاب المقاهي الراغبين في جذب الزبائن لمتابعة مباريات كأس العالم. ولكي يحصل المواطن المصري على جهاز فك الشفرات الخاص بشبكة "بي ان سبورتس"، يتعين عليه أن يسدد 1630 جنيها (قرابة 100 دولار)، إضافة إلى 2280 جنيها (قرابة 128 دولار) هي قيمة الاشتراك السنوي. وفي المقاهي حيث يمتزج دخان النرجيلة بحماس وضجيج المشجعين، تعتبر الشاشة التي تعرض بث قناة "بي ان" ميزة كبيرة. شكاوى يقول أحمد ابراهيم (40 عاما)، وهو صاحب مقهى بوسط القاهرة، إن "هؤلاء المشاهدين زبائننا"، معتبرا أن الاشتراك في "بي ان" أمر "لا غنى عنه". ويؤكد مجدي عرفة، طالب في ال 19 ربيعا أطلق شعره على طريقة مهاجم ليفربول الانكليزي محمد صلاح، إنه يضطر للذهاب إلى المقاهي لمشاهدة مباريات منتخب "الفراعنة". ويضيف بتذمر وهو جالس الى إحدى الطاولات مع أصدقائه: "أريد أن أشاهد فريق بلدي، هل أنا مضطر لدفع آلاف الجنيهات لكي أرى مباراة واحدة؟". وجد بعض مشجعي المنتخب وسيلة لمشاهدة المباريات من خلال مواقع غير شرعية على شبكة الإنترنت تقوم بعمليات قرصنة لشبكة "بي ان" وتنقل بثها المباشر. وحكم القضاء المصري العام الجاري بغرامتين على "بي ان" قيمة كل منهما قرابة 21 مليون دولار "لانتهاكها قانون" منع الاحتكار. وقطعت مصر، مع السعودية والبحرين والإمارات، علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة العام الماضي، متهمة إياها بدعم "الإرهاب". وفي مصر، ستكون مباريات المونديال متاحة من خلال باقة خاصة بقيمة 2052 جنيها (قرابة 115 دولار)، على أن يستفيد من يتمتعون باشتراكات مسبقة من خصم محدود. وتثير كلفة الباقة سخط المشتركين. ويقول التاجر محمود ابراهم (30 عاما) بغضب: "هذه الباقة تساوي تقريبا الراتب الشهري لكثير من الناس في مصر". وقالت "بي ان" في بيان أرسلته لوكالة "فرانس برس" إن "الأمسية المصرية تدشن التغطية الخاصة للمنتخبات العربية" على الشبكة، من دون الرد عن الأسئلة حول أسعار الاشتراكات وأعداد المشتركين في مصر. وفي أحد المحلات الصغيرة في القاهرة، يأتي الزبائن لسداد قيمة الباقة الخاصة. ويؤكد صاحب المحل محمود مصطفى وجود شكاوى من الزبائن. ويوضح أن الأسعار منخفضة في مصر ولا تختلف كثيرا عن تلك التي كانت معتمدة في كأس العالم 2014، مشيرا إلى أن "الاختلاف هو في قيمة الدولار (إزاء الجنيه) التي أدت إلى ارتفاع الأسعار". وعانت مصر من أزمة اقتصادية غير مسبوقة اضطرتها إلى تحرير سعر عملتها في نوفمبر 2016، ضمن خطة للإصلاح الاقتصادي استهدفت الحصول على دعم صندوق النقد الدولي. وكانت النتيجة أن فقد الجنيه المصري نصف قيمته مقارنة بالدولار. في الأماكن العامة ولم تتمكن السلطات المصرية من الحصول على حق بث مباريات الفراعنة من خلال التلفزيون الرسمي. وأعلن وزير الشباب والرياضة خالد عبد العزيز على شبكة "دي ام سي" المصرية الخاصة، نهاية مايو الماضي، أن القنوات المصرية المفتوحة لن تنقل "أي مباراة". وأعلنت الوزارة أنها ستوفر شاشات لبث المباريات في 5 آلاف مركز شباب وناد تابعين لها. وقال المدير العام للمكتب الفني في الوزارة محمد الكردي لفرانس برس إنه تم إبرام اتفاق مع شركة "سي ان إي" (التي تمثل "بي ان" في مصر) لكي تحصل على اشتراك مخفض لمراكز الشباب والأندية التي ستنقل مباريات كأس العالم". وأفادت مجموعة "بي ان" في مايو الماضي بأنها طلبت من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) التحرك لوقف "قرصنة" تتعرض لها في السعودية. كما أفادت مطلع يونيو الحالي بعدم التوصل إلى اتفاق بعد مع السعودية بشأن بث المباريات. *أ.ف.ب