شرع الملك محمد السادس في تغيير قيادة وتركيبة عدد من المؤسسات الدستورية ومؤسسات الحكامة بعد انتهاء ولاياتها، إلا أن الملاحظة البارزة في قائمة المسؤولين المعينين الجدد هو استمرار النفحة اليسارية نفسها في البورتريهات التي حظيت بثقة المؤسسة الملكية. وكان الملك محمد السادس عين إدريس الكراوي على رأس مجلس المنافسة؛ ويعد من الكفاءات التي تخرجت من المدرسة اليسارية، وهو الأمر نفسه بالنسبة لأمينة بوعياش، التي وضعها العاهل المغربي على رأس المجلس الوطني لحقوق الإنسان؛ وقبلها تم تعيين الوزير الاتحادي السابق أحمد رضى الشامي رئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. وعلى المنوال نفسه، عين الملك محمد السادس أحمد شوقي بنيوب في منصب المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان؛ وهو حقوقي ويساري سابق خريج تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة. واعتبر كثير من المتابعين اختيار القصر أسماء محسوبة على الصف اليساري في مناصب دستورية "إشارة سلبية إلى حزب العدالة والتنمية، الذي لم يسبق أن نال ثقة المؤسسة الملكية في مناصب سامية مماثلة منذ دخوله العمل السياسي من بابه الرسمي، باستثناء تعيين محمد رضا بنخلدون سفيرا بماليزيا وبروناي دار السلام". لكن مصطفى السحيمي، المحلل السياسي وأستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، لا يتفق إلى حد ما مع هذا الرأي، موردا أن "البيجيدي ليس وحده من تم استثناؤه من مثل هذه المناصب العليا، بل تغيب أسماء محسوبة على أحزاب أخرى، من قبيل الأحرار والحركة الشعبية والبام والاستقلال". وأوضح السحيمي، في تصريح لجريدة هسبربيس الإلكترونية، أن الملاحظ في الأسماء المعينة هو أن "جل البروفايلات هي "روسيكلي"، أي سبق أن تقلدت مناصب أخرى خلال السنوات العشر السابقة، وتمت إعادة استعمالها اليوم في قوالب جديدة". وأضاف السحيمي: "المهم في هذه التعيينات أن نتساءل هل هي سياسة نابعة من معايير الكفاءة؟ وهل هناك كفاءات أخرى كانت تستحق هذه المناصب؟"، ليجيب: "يبدو أن المسار السابق نفسه يتبع في اختيار الأسماء التي تتولى تدبير المؤسسات الكبرى في البلاد". ويرى أستاذ القانون الدستوري أن المناصب العليا يجب أن "تنفتح أيضا على طاقات شابة وخبرات أكاديمية وكفاءات نجحت في تدبير مقاولات ومؤسسات خاصة وعمومية"، داعيا إلى توسيع قائمة الاختيارات لضخ دماء جديدة في هياكل الدولة. يشار إلى أن الملك محمد السادس وجه تعليمات شديدة إلى المسؤولين الجدد من أجل قيام المؤسسات التي يرأسونها بالأدوار الدستورية المنوطة بها في مختلف المناحي الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والحقوقية والاجتماعية.