قال محسن بلعباس، رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الجزائري المعارض، إن "اتحاد المغرب العربي فشل لأنه لم يكن مبنياً على إرادة سياسية جدية"، مشيراً إلى أنه "كان يحمل في طياته بذور الإقصاء لمكونات أساسية لشعوبنا". حديث السياسي الجزائري جاء في لقاء تشاوري نظمه حزب الأصالة والمعاصرة بمدينة طنجة، السبت، بحضور 17 حزباً سياسياً من المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، في إطار شبكة تحت اسم "الأحزاب الديمقراطية لشمال إفريقيا". وأضاف بلعباس في كلمته أن "هيكل اتحاد المغرب العربي لم يستطع ولن يستطيع أن يقود شعوب المنطقة على درب التقدم والتنمية والتضامن"، ودعا إلى "وضع إطار بديل أو أكثر لتحقيق تطلع الشعوب إلى الالتقاء والتكتل والوحدة". وأكد بلعباس أن حزبه تبنى منذ تأسيسه في فبراير 1989 تحدي إنشاء اتحاد شمال إفريقي مبني على قيم الديمقراطية والتضامن، وشدد على أنه "لا وجود لازدهار ولا مستقبل لبلدان المنطقة إلا في إطار شمال إفريقيا أساسه الديمقراطية والحرية والعدالة". بلعباس، ابن منطقة القبايل الجزائرية، قال في كلمته أمام زعماء أحزاب مغاربية: "إن الديمقراطية بطيئة في التبلور في بلداننا لأنها مُحاصرة ومُعنفة بشكل متزايد من قبل القوى المحافظة، ما جعل منطقتنا في حالة تراجع مستمّر وتأخّر شبه مرضي في التنمية". وذهب السياسي الجزائري إلى القول: "خيارات حُكامنا في عدم التكامل والاندماج على جميع المستويات ليست غريبة عن ظهور وصيانة القوات الرجعية والتدخلات الأجنبية في شبه القارة الشمال إفريقية؛ بل إنها من الروافد الأساسية لهذه الوضعية المُزرية". ولفت بلعباس إلى أن المنطقة المغاربية تجمع بينها "نقاط دعم تاريخية هامة وتعرف توافقاً واسعاً في الآراء حول بدائل ديمقراطية تستمد جذورها من إرث الحرية والعدالة الاجتماعية الذي قامت عليه حركات التحرر الوطنية، وتنادي في الوقت نفسه بالقيم العالمية". وأشار المتحدث إلى أن "الجميع يعلم أن تكلفة عدم الاندماج في شمال إفريقيا ثقيلة جداً، فالعديد من الدراسات حددت الخسائر الاقتصادية الجسيمة الناجمة عن هذا الوضع"، قبل أن يضيف: "ما كان ينشدُه أسلافنا خلال حقبة الاحتلال الاستعماري أصبح اليوم شرطا أساسيا لتطوّرنا وأمن منطقتنا وتحرر طاقات شعوبنا". ويرى السياسي الجزائري إلى أن "التكامل الإقليمي هو قبل كل شيء إستراتيجية للنمو الاقتصادي وتطوير الأسواق وخلق فرص العمل وتحسين الظروف المعيشية"، وأورد أن "التقارب الجغرافي والهوية المشتركة والتاريخ المشترك عوامل تسّهل هذا التكامل، لاسيما أن الوضع الاقتصادي والاتجاهات الكبرى تدعو إلى بناء تكتلات بشرية تُسَيَّر بلامركزية محرِّرة للكفاءات، في ظل متطلبات العولمة". ولتجاوز الوضع الحالي في شمال إفريقيا، اقترح بلعباس "وضع آليات لخلق ديناميكية للتبادل والتعاون من خلال إنشاء سكرتارية دائمة لإعطاء أكثر فعالية لهيئتنا ولمناقشة تجارب البلدان باستمرار، وتقييم مداها ومفعولها والنظر في أفضل السبل لإعادة بعث حلم بناء اتحاد دول شمال إفريقيا ديمقراطي"، وشدد على أهمية دراسة "الترتيبات والإجراءات الخاصة بتسيير هذه الهيئة التي ستحتضن المناقشات حول شؤون الحياة العامة الإقليمية ووضع جدول زمني يضبط أشغالها، للعمل على توحيد الجهود من أجل تهيئة الظروف لضمان إشعاع المنطقة في كل المجالات".