فيدرالية اليسار تقود ائتلافا لدعم ساكنة فكيك ضد تفويت الماء    آلية الترافع وأدوار المجتمع المدني محور ندوة فكرية بالرباط    ارتفاع أسعار العقارات بنسبة 0.8 خلال الربع الأول من 2024    ارتفاع حصيلة الحرب في غزة إلى 37084 قتيلا    انطلاق بيع تذاكر مباراة الكونغو والمغرب    تسجيل حالة وفاة جديدة ب"كورونا" في المغرب    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يرفع ورقة التصعيد طلبا لتفعيل اتفاق دجنبر 2023    جمعية سلا تُحرز كأس العرش لكرة السلة    مهرجان صفرو يستعرض موكب ملكة حب الملوك    اقتراع وطني مرتقب لحسم مصير أزمة طلبة الطب والصيدلة    تطوير مدرسة Suptech Santé.. مؤسسة البحث والتطوير والابتكار في العلوم والهندسة تتجاوز عتبة مهمة بين سنتي 2023 و2024    نادي "إشبيلية" يتفاعل مع غضبة النصيري على الركراكي    السعودية تُلغي تصاريح بعض حجاج الداخل    استطلاع رأي.. أزمة تدبير الغذاء تعصف بثلثي المغاربة    هذه تفاصيل أطروحة جامعية لفقيد فلسطيني خطفه الموت قبل مناقشة بحثه    البلجيكيون يتوجهون إلى صناديق الاقتراع برسم الانتخابات التشريعية الجهوية والأوروبية    زينب قيوح تترأس أشغال لقاء تواصلي حول برنامج التنمية الجهوي 2022-2027 لجهة سوس ماسة    بلدان أمريكا الجنوبية تشكل سوقا واعدة للمغرب.. وخبير يوضح أهميتها    انطلاق المرحلة الأخيرة لطواف المغرب للدراجات من الرباط    إدارة بايرن ميونخ تصدم مزراوي    بحضور أمزازي وأشنكلي .. النادي الملكي للتنس بأكادير ينظم، لأول مرة بأكادير، البطولة الدولية للتنس لفئة الشباب أقل من 18 سنة، بمشاركة 24 دولة.    زيارة "رجاوية" تتفقد نوري في أمستردام    هذه أحوال الطقس لهذا اليوم الأحد    طلبة الطب والصيدلة مدعون إلى اقتراع وطني للحسم في وساطة حكومية تمهد لحل أزمتهم    بليونش .. جنة ساحرة تجاور سبتة المحتلة وتشهد على مغربيتها منذ الأزل    الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحقق في تهريب أموال بتراخيص صرف مزورة    الأمن يضبط 66 شخصا في الغش المدرسي‬    استطلاع.. تراجع في تأييد المغاربة للتطبيع مع إسرائيل    كولومبيا توقف بيع الفحم لإسرائيل بسبب الحرب في غزة    عبد السلام بوطيب يكتب : في رثاء نفسي .. وداعا "ليلاه"    تواصل المطالب بالإرجاع الفوري للأساتذة الموقوفين وزملاؤهم يحملون الشارة الحمراء ويلوحون بالتصعيد    تشوهات الأسنان لدى الأطفال .. أكثر من مجرد مشكلة جمالية    حقيقة وفاة سجين بالمستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش..    نقابة تدخل على خط منع مرور الشاحنات المغربية المحملة بالخضر إلى أوروبا    نتنياهو: لن نهدأ حتى نكمل المهمة ونعيد جميع الرهائن    هذه تدابير مهمة للحماية من هجمات القرصنة الإلكترونية    الفرنسيون يتوجهون إلى صناديق الاقتراع    إعفاء مفاجئ لمدير ديوان الوالي أمزازي    رحلات أبولو: من هم رواد الفضاء الذين مشوا على سطح القمر ولا يزالوا على قيد الحياة؟    العلامة التجارية الرائعة في تسويق السيارات المستعملة Auto 24 تفتتح فرعا لها بمدينة الجديدة    ندوة بالناظور تدرس ميزانيات الجماعات    هؤلاء أهم النجوم الذين يُتوقع اعتزالهم بعد يورو 2024    ماذا يحدث لجسم الإنسان حال الإفراط في تناول الكافيين؟    موسم الحج 1445: السلطات السعودية اتخذت جميع التدابير لضمان سلامة وأمن ضيوف الرحمان    وزارة الصحة تعلن حالة وفاة ب"كوفيد"    مطالب بصرف الدعم الاجتماعي قبل عيد الأضحى    الحج 2024: خمسة آلاف طبيب يقدمون الرعاية الصحية للحجاج عبر 183 منشأة        الإيسيسكو تستضيف أمسية فنية للاحتفاء بمدينة شوشا عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي لسنة 2024    بعد منعها من الغناء بتونس.. نادي الفنانين يكرم أسماء لزرق    الدورة ال 12 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة: "متى يحل عهد أفريقيا" لدافيد بيير فيلا يتوج بالجائزة الكبرى    كيوسك السبت | المغرب سيشرع رسميا في إنتاج الغاز المسال مطلع 2025    الأشعري في قصص "الخميس".. كاتب حاذق وماهر في صنع الألاعيب السردية        الأمثال العامية بتطوان... (619)    دراسة: السكتة القلبية المفاجئة قد تكون مرتبطة بمشروبات الطاقة    فيتامين لا    "غياب الشعور العقدي وآثاره على سلامة الإرادة الإنسانية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التوجيهات الملكية السامية ووتيرة العمل الحكومي
نشر في هسبريس يوم 18 - 08 - 2019

كم يكفي من المداد والورق ليستفيق الوطن من غيبوبة فرضت عليه قسرا ويشفى من ورم الريع والفساد. فأي متتبع لما يحدث في الشارع المغربي والمزاجية العصبية التي أصبحت عند المواطنين بسبب غلاء المعيشة وارتفاع مستوى البطالة مع غياب قنوات تأطير الرأي العام لكسب ثقته من جهة وطمأنته بمستقبل البلاد من جهة ثانية، فإنه سيفهم تلقائيا أن وضعية البلاد صارت بين قاب قوسين، أولا المديونية مما يكرس التبعية الاقتصادية للبنك الدولي وبالتالي الإذعان لمقرراته، ثانيا إفلاس المقاولات المتوسطة والصغرى لعدم كفاية التمويل، قلة الكفاءات وانعدام التتبع البناء من أجل سيرورة الإنتاج والتسويق، وثالثا سخط المواطن وحشر نفسه في زاوية كلمة مقاطعة بكل ما تحتويه الكلمة من معنى، كانت مقاطعة اقتصادية للمنتوجات أو سياسية بالعزوف عن المشاركة السياسية في الاستحقاقات الوطنية.
هذه الوضعية الصعبة، التي يجتازها المغرب، لم تأتِ من فراغ؛ بل هي وليدة لسياسة تم اتباعها اعتمادا على حلول ترقيعية وبدل أن تحمي المواطن البسيط من الهشاشة، فإنها أسقطته في درجات تحت الصفر من الفقر. إلغاء صندوق المقاصة والزيادات المتكررة في المواد الأساسية وتعويم الدرهم مع الحرص على الاستمرار في سياسة الديون الخارجية زاد الوضع تأزما، فظهرت احتقانات متفرقة في جل ربوع المملكة.
ما يلاحظ، وعلى بُعد سنتين من انتهاء العمل الحكومي والعمل التشريعي، أن الأغلبية البرلمانية التي تشكل الحكومة لم تتمكن من تحقيق أي من الوعود التي أقرتها في البرامج الانتخابية؛ بل اقتصر عملها على عرض القوانين التنظيمية على البرلمان من أجل المصادقة عليها وليست لديها أية خطة آنية على أرض الواقع أو برنامج للقضاء على البطالة وإصلاح قطاع التعليم وغيرها من القطاعات الأساسية التي لها صلة مباشرة بالمواطن المغربي.
كما أن عملها يظل بعيدا عن التوجيهات الملكية السامية، فبعد كل خطاب سام سواء كان في مناسبة وطنية أو في افتتاح للدورات التشريعية بالبرلمان، يخرج لنا المسؤولون في وسائل الإعلام بتصريحات وبيانات تلخص جدوى الخطاب الملكي السامي وأهميته في الحياة العامة للمواطنين والوطن؛ لكن سرعان ما يعودون إلى مكاتبهم ويظل المواطن يتكبد الخسائر النفسية والمادية، بسبب السياسة اللامسؤولة والتي تعتمد على الرأي الأحادي وعدم خروج المسؤولين إلى الشارع لمعرفة معاناته ومتطلباته حتى ينعم بالكرامة مثل سائر الدول التي تنص دساتيرها على صيانة الحرية والكرامة للمواطنين.
وفي موضوع آخر، وموازاة مع المشاريع الكبرى التي يطلقها جلالة الملك محمد السادس، يلاحظ أن المسؤولين عن إقرار وتنفيذ المشاريع لا يلتقطون الرسائل المشفرة التي دأب ملك البلاد يعلنها، بإعطاء الأهمية للفرد باعتباره محور كل تنمية بشرية مستدامة، وتبقى وتيرة عمل الحكومة رتيبة مقارنة مع رسائل إطلاق القمر الاصطناعي محمد السادس وانطلاق العمل بالقطار فائق السرعة "البراق".
إن الرسالة تفيد بأنه آن الأوان للانتقال بالعمل بشكل أكثر سرعة، وعلى الحكومة أن تبادر لتفعيل مقرراتها وبرامجها على أرض الواقع؛ فالمواطن المغربي يهمه أن يلمس جدية العمل الحكومي بانعكاسه الإيجابي على حياته اليومية أكثر ما يهمه مشاهدة تصويت النواب البرلمانيين على المراسيم والمقترحات القانونية في البرلمان.
وما يزيد من ضبابية المشهد السياسي والاجتماعي للبلاد ظهور مد فكري وهابي يسعى إلى نشر الأفكار المتطرفة ومحاربة كل رافض له، حيث صرنا نسمع ونشاهد جرائم قتل أقل ما يقال عنها إنها ربما تعود إلى عصور بائدة، ووجب على قنوات الإرشاد الديني بمساعدة فاعلين آخرين تأطير الرأي العام وخاصة الشباب، حتى تسد الفراغ الذي يستغله ذوو العقول الشاذة.
وفي نفس سياق التأطير للرأي العام، هناك من يسعى إلى نشر فكرة تيئيس المجتمع المغربي وخاصة الشباب منهم، بحثهم على العزوف عن السياسة وهم بذلك يحققون مكاسب فردية ضيقة ضد مصلحة الوطن عامة على حساب المواطن البسيط.
لهذا، وجب على كل الفاعلين في المجتمع المدني العودة إلى القيام بدور الوسيط من خلال عقد لقاءات مع الرأي العام على طول السنة، ليظل المواطن على بينة بكل ما يُتخذ من قرارات تمس حياته اليومية مع إعطائه المبررات أو الاعتراضات على اتخاذها على حسب موقع الفاعل في المجتمع المدني إن كان من الأغلبية أو المعارضة.
وأخيرا وليس آخرا، خلاصة لكل لما ذكرنا وقبل ثماني سنوات، جاء في خطاب جلالة الملك محمد السادس، بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء ال34، حيث قال حفظه الله: “نؤكد أنه لم يعد هناك مجال للغموض أو الخداع، فإما أن يكون المواطن مغربيا أو غير مغربي، وقد انتهى وقت ازدواجية المواقف والتملص من الواجب، ودقت ساعة الوضوح وتحمل الأمانة… فإما أن يكون الشخص وطنيا أو خائنا، إذ لا توجد منزلة وسطى بين الوطنية والخيانة".
هذا الكلام ينطبق على الفترة الراهنة وليس هناك بديلا على إعادة النظر في طريقة التفكير وإشراك الجميع في خلق شروط تفعيل قوانين ومقررات التنمية على أرض الواقع، بقبول الرأي والرأي الآخر واستثمار كل ذلك في تحقيق تنمية مجالية مستدامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.