تقول حكمة صينية: "لا تعطيني سمكة ولكن علمني كيف أصطادها". عن أي نموذج تنموي يتحدثون؟ نموذج تنموي للسلطة أم نموذج تنموي للمجتمع؟ وهل التنمية تنبع من المجتمع كخيار ديمقراطي يعبر عن مستوى الوعي الطبقي (مشروع مجتمعي) أم تُمنح من طرف السلطة للمجتمع (التنمية الممنوحة)؟. ما بين "النموذج التنموي المجتمعي" و"النموذج التنموي الممنوح" تتضح الفروق، فإذا كان الأخير يهدف إلى حرق مراحل تطور الوعي الطبقي بل تأجيله، فإن منطق السلطة لا تهمه المقاربة الديمقراطية وخطاباتها بقدر ما تهمه التنمية وإنجازاتها المادية لكسب شرعية إضافية (شرعية الإنجاز)، وخاصة أن الحركات الاحتجاجية الجديدة في المغرب كانت أغلب دوافعها تؤشر على فشل النموذج التنموي المغربي في الشغل والصحة والتعليم (حراك الحسيمة)، والحق في الماء (حراك زاكورة)، والحق في اقتسام الثورات الطبيعية (حراك جرادة - ما تبقى من الفحم الحجري - وحراكات بعض الأقاليم الجنوبية - والحق في الثروة السمكية والفوسفاط). أما النموذج التنموي وليد تطور الوعي الطبقي الحامل لمشروع سياسي واجتماعي فيعد التعبير الصادق عن النموذج التنموي للدولة. لكن، وأمام ضعف الطبقة الوسطى المغربية وغياب بورجوازية وطنية بالمفهوم الحقيقي، وليس الهجين، كان ومازال النظام يبادر دائما إلى طرح مشاريع سياسية (اللجنة الملكية الاستشارية لوضع دستور 2011 / مشروع الحكم الذاتي)، أو اقتصادية (مشروع طنجة ميد / المغرب الأخضر)، أو تعليمية (الرؤية الإستراتيجية لإصلاح منظومة التعليم)، أو تنموية (مشروع النموذج التنموي الجديد 2020) . يتبع: النموذج التنموي والتخلف البنيوي. *جامعة الحسن الأول بسطات