كل وعيد تقارير الأممالمتحدة لا يجدي نفعا في فيافي الصحراء بالنسبة لجبهة البوليساريو؛ فقد باشرت مجددا مسلسل إنشائها لمبان تضم مؤسسات مدنية بمنطقة "تيفاريتي"، تهم أساسا توفير فضاءات الاشتغال لما يسمى ب"شبيبة البوليساريو"، وذلك بحضور قيادات عسكرية، معتبرة أن "الإجراء الجديد يأتي لبسط السيطرة عليها (تيفاريتي)، ومواصلة الإعمار". ومازالت الجبهة ماضية في خيار اختراق المنطقة العازلة رغم الملاحظات التي أبداها الأمين العام الأممي بهذا الخصوص، كما تجاوزت الشكايات التي قدمها المغرب بشكل رسمي إلى مجلس الأمن سلطات الأممالمتحدة، والتي نبه فيها، في دجنبر الماضي، إلى خطورة إقامة البوليساريو لمؤتمرها في المنطقة الواقعة شرق الجدار الأمني الدفاعي. ومنطقة تيفاريتي كانت تابعة لتراب مدينة السمارة، قبل أن يتصادم بها الجيش المغربي مع عناصر جبهة البوليساريو سنة 1991 وتدمر بشكل كامل، ويلتحق بعض سكانها بالسمارة والبعض الآخر بمخيمات تندوف، وباتت بعدها منطقة منزوعة السلاح، لا تلج إليها سوى قوات الأممالمتحدة، قبل أن تستولي عليها الجبهة تحت مطية "تحرير الأراضي". وبالنسبة للشرقي الخطري، مدير مركز الجنوب للدراسات والأبحاث، ف"تيفاريتي منطقة عازلة مرتبطة بخطوط عدم التماس". وقال الشرقي إن الأممالمتحدة تعتمد أساسا على مفهوم "التحوط الاستراتيجي" في تدبير النزاع، أي "إيجاد موازنة بين مواجهة صلبة وناعمة تجنب الطرفين المواجهة المباشرة، وهو ما تم إلى حد الآن بفضل فرض الأمر الواقع على طرفي النزاع". وأضاف في تصريح لهسبريس أن "ما تقوم به جبهة البوليساريو فيه إثارة لنعرات كثيرة، وتجاوز للوضعيات الموجودة"، مسجلا أن "هذه التحرشات انطلقت منذ سنة 2000 بعد تبني الجبهة لما يسمى بالأراضي المحررة، وإقامتها لتجمعات ومهرجانات عسكرية أثناء اشتداد الصراع أو مناقشة مجلس الأمن للملف". وأوضح الباحث في العلوم السياسية أن "تحركات الجبهة تروم تحقيق بعض المكاسب الظرفية في ظل النكسات المتوالية"، وأشار إلى أن الأممالمتحدة مطالبة بالحد من تحركات البوليساريو في سعيها إلى ترسيخ قواعد جديدة تنبني أساسا على مفهوم "الدفاع النشط"، من خلال تبني إقامة المناورات والتجمعات في المناطق العازلة بشكل عادٍ.