لا شك أن المغرب قد خطا خطوات جبارة في اتجاه تأصيل المنظومة التربوية ، أقصد في اتجاه مغربة التعليم و تعميمه و تعريبه على الأقل على المستوى التشريعي وعلى مستوى الهيكلة . إلا أنه بالعودة إلى أرض الواقع نصطدم بحقائق جارحة ، والأقبح من ذلك أنه مسكوت عنها بذرائع يرتبط بعضها بالأنانية المفرطة و مصلحة الأبناء تارة ، و يرتبط بعضها بالخوف من تعرية هذا الواقع غير السوي في ممارسة مسؤولية التربية و التعليم و يرتبط بعضها بالإيمان بالتغيير التدريجي الشيء الذي لا يبدو في الأفق ما يوحي ببدايته . يتعلق الأمر هنا بالهرولة في اتجاه الساعات الإضافية بعرضها من طرف بعض الأساتذة على التلاميذ و الآباء و الضغط عليهم بطريقة مباشرة قد تصل إلى التلويح بخصم النقط لغير المستجيبين ، أو بوضع إعلانات في بعض المواقع الإليكترونية تحت عنوان " الأستاذ في خدمتك " .. وقد يصل الأمر إلى استغلال سبورة الإعلانات في الثانوية لكتابة اسم الأستاذ و رقم هاتفه بغية تسهيل الاتصال به خارج أوقات التدريس بالمؤسسة كما حدث في الثانوية التأهيلية (اِ - ي) بمدينة خريبكة السنة الفارطة . قد يسأل سائل : ما مناسبة الحديث عن أمر كهذا في هذا الوقت بالذات ؟ و يكون الجواب ببساطة : إن هذه الفترة من السنة الدراسية التي يتزايد فيها العرض اللاقانوني للساعات الإضافية ، كما أسلفت ، ينعدم انضباط الأساتذة في عملهم داخل المؤسسات التعليمية ، هذا مع العلم أن هذه الفئة من الأساتذة - و منذ بداية السنة الدراسية - قد دأبت على تقليص زمن الحصص الدراسية من 55 دقيقة إلى أقل من 40 دقيقة و التكاسل في الالتحاق بقاعات الدرس ، كما دأبت نسبه كبيرة من هؤلاء " المربين " على مغادرة القاعة مباشرة بعد الالتحاق بها ليُترَك أبناء هذا الوطن يواجهون مصيرهم لوحدهم - إن كانت ميزانية آبائهم لا تسمح بأداء التكلفة الباهضة للساعات الإضافية – وذلك لعقد اجتماعات للثرثرة و اللغو أمام القاعات ، وكل زائر للثانوية المذكورة أعلاه يقف على هذه الحقيقة الصادمة . و عليه ، فإنه يلزم من باب المسؤولية التاريخية تجاه أبنائنا أن نتحلى بقدر من الجرأة في الرأي و نعمل على الكشف عن هذا الداء الذي ينخر جسم أسرة التربية و التعليم خاصة ومجتمعنا العزيز عامة في أفق تحقيق دمقرطة للتعليم العمومي الذي يُعَوَّلُ عليه في تكوين و تخريج مواطن يعمل على خدمة البلاد و العباد . نهاد ألفي خريبكة