إن المتأمل في المشهد التشكيلي بالمغرب؛ سيلاحظ بأن هناك شريحة كبرى من الفنانين ثَم توجيههم لخدمة أجندات كبرى، هدفها أن يستمر فساد الذوق وانحطاطه. فغاية هؤلاء هي الظهور بجوار الوزراء، والعمال، والولاة، والقواد، وأصحاب السلطة، ورؤساء المجالس البلدية، وصناع القرار السياسي… وذلك عن طريق أخذ الصور التذكارية أوما شابه ذلك داخل المعارض المناسباتية، والتي تكون بعيدة عن مجال الإبداع الفني وشروط البحث الجمالي. فنجد مثلا من يضع بمدخل الرواق بورتريهات للملك وللأسرة الملكية -رغم أنها لا تناسب موضوع المعرض- إذ يتم اقحامها لعلها تشفع له وللفئة العارضة معه، بالانتساب لطائفة خدام الأعتاب. فضلا عن ذلك، فإن المشهد التشكيلي ببلادنا لا يخلو من سلسلة واسعة من النفاق الاجتماعي والمحاباة الشخصية التي تتواءم مع سياسة أن “والدك صديقي”.. و “أنت من أبناء المنطقة”.. و “أنت صديقنا المقرب”.. و “أنت من خدام البلاط”… فمعايير الأعراس والحفلات تُطبَّقُ على المعارض إنْ بصيغةٍ أو بأخرى. دون أذنى مراعاة لمستوى الأعمال التشكيلية أو لثقافة الفنان ومعرفته بالمجال الفني الذي يشتغل فيه. ناهيك عن حدود هذه المعرفة، بالنظر إلى المجالات العلمية والمعرفية المجاورة للتخصص التشكيلي. وعلى هذا الأساس فإنه مخطئ من يعتقد بأن دور الفنان التشكيلي هو التقليد أوالنسخ، تلك المهمة التي تناط لموظف الحالة المدنية عندما يكتب تاريخ الإزدياد أو النسخة كاملة… إن وظيفة الفنان تتجه نحو الخلق والإبداع، ونقد بنيات المجتمع بالتعبير عن المسكوت عنه impensée من داخل الثقافة وخارجها، بالمشاركة الفعّالة في قضايا مجتمعه. عليه أن يحارب الفساد والزبونية، أن يعبّر عن هموم مجتمعه. أن يرفض المشاركات في المعارض الصفراء المؤدى عنها… فالفنان في نهاية المطاف مواطن مثل كل المواطنين. فمن غير اللائق أن يعتبر بعض التشكيليين أنفسهم في مرتبة فوق المواطنين أو أنهم بفنهم أعلى من الجميع. ___________________________________ (*) فنان تشكيلي مغربي وباحث في النقد الفلسفي للفن.