لم تكن يوما وضعية المقابر بمدينة القصر الكبير على ذلك الشكل الذي يرضي طموحات المواطنين في مقابر بمعايير تحترم شعور الأحياء وأرواح الموتى على حد سواء ، استجابة لتعاليم ديننا الحنيف فقد جاء في الأحاديث النبوية ما يؤكد على حرمة القبر وكرامة الميت ففي الحديث الشريف عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لئن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير من أن يجلس على قبر» أخرجه مسلم. لقد كرم الله سبحانه وتعالى بني آدم في حياتهم الدنيا وبعد مماتهم, ومن عدل الله ورحمته أن جعل كبيرهم وصغيرهم وغنيهم وفقيرهم يتساوون في القبر, وهو أول منزلة للإنسان لحياته الآخرة. لقد عانى سكان المدينة في السابق من عدم وجود سياسة واضحة بخصوص المقابر فكنت وانت في طريقك الى زيارة قبر عزيز على قلبك تجد نفسك بين متاهات الطرقات العديدة بين قبور الموتى تسبح أرجلك في بحر شاسع من الشواهد واللحود المتشابهة ، ففي كل مرة تتغير معالم المقبرة. لقد كانت العشرات من الصفوف الجديدة تفاجئك في كل زيارة بإغراق القبور في الابتعاد أو الاختفاء. حتى العلامات التي تستدل بها على المكان . لقد شهدت المقبرة الوحيدة بالمدينة مقبرة مولاي علي بوغالب حالة غير مسبوقة من الإكتظاظ لكثرة الضغط عليها، جراء توافد الموتى حيث كانت تتم عملية الدفن عبر المسالك التي كانت مخصصة في وقت سابق لمرور زوار المقابر أو في أماكن لقبور استعملت فيما مضى. وأمام هذا المشكل بات من الضروري على المسؤولين الجماعيين البحث عن عقار من أجل إحداث مقبرة بمواصفات تحترم حرمة القبور حتى أننا استبشرنا خيرا في المقبرة الجديدة (الضريسة) بعدما وضعت الجماعة الحضرية للمدينة مخططا لإقامة مقبرة جماعية نموذجية بتدبير جيد لعمليات الدفن في مقابر تراعي حرمة الأموات، فمن الملاحظ عند السير بداخل المقبرة الجديدة أن تجد المقابر ملتصقة ببعضها البعض، فلا مجال حتى للوقوف من أجل الدعاء للموتى ويبقى السؤال حول من يتحمل المسؤولية؟ إذا كان تدبير المقابر من مسؤولية السلطات المحلية ، لا سيما الجماعات، فإن جهات أخرى بدورها تتحمل المسؤولية ويجب عليها العمل باستمرار لتحسين مقابرنا كالمجتمع المدني الذي بدوره معني بهذه المسألة، فعليه أن يبذل كل جهوده بإشراك كل الجمعيات المهتمة. لقد حان الوقت للنظر في المسألة بجدية ومن منظور روحاني وإنساني، فموتانا يستحقون الاحترام، وأرواحهم كذلك.