تناقلت العديد من المنابر الإعلامية المحلية والوطنية في الآونة الأخيرة خبر احتجاجات ساكنة البناندة التي حاصرتها قوات الأمن المشكلة من الدرك الملكي والقوات المساعدة والتدخل السريع، هذه المنطقة التي تبعد عن مدينة القصر الكبير بحوالي 6 كيلوميترات والتابعة إلى الجماعة القروية اقصر بجير. وقد سبق لبوابة القصر الكبير التطرق للموضوع من خلال معاينتها للأحداث من عين المكان، لهذا سأحاول التحدث عن الموضوع بشكل عام والتركيز على أهم التطورات التي عرفها هذا المشكل في السنوات الأخيرة. فهذا الحصار الأمني جاء ردا على محاولة قاطني المنطقة حرث أرض فلاحية تبلغ مساحتها حوالي 700 هكتار، كانت تستغلها شركة إسبانية منذ عقود. وللإشارة فإن هذه الأراضي لا يطالب بها أهالي البناندة لوحدهم، بل إن ساكنة منطقة الصنادلة هي أيضا تطالب بنصيبها منها، وهذا ما أدى إلى معركة طاحنة في يونيو الماضي بين البناندة والصنادلة، خلفت عدة جرحى من كلا الطرفين. كذلك في السنة الماضية وبالضبط في شهر نونبر عرفت البناندة سيناريو مشابها، من خلال إنزال أمني مكثف في المنطقة، قابلتها احتجاجات للساكنة مما ترتب عنها عدة اعتقالات قبل أن يتم إطلاق سراحهم فيما بعد. لكن أهالي دوار البناندة قاموا بعد ذلك باستغلال 75 هكتار من تلك الأراضي في زراعة القمح، تم جني محصولهم في آخر السنة بدون أي تدخل أو منع مما يؤكد حجج ودلائل أهالي المنطقة. وفي يوم 12 من شهر نونبر الماضي، أصدرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع القصر الكبير بيانا للرأي العام، تتهم فيه رئيس الدائرة بالقصر الكبير بتهديد أحد المواطنين من دوار البناندة من أجل التراجع عن مطالبهم باستغلال هذه الأراضي. وبعد ثمانية أيام وبالضبط يوم الخميس 20 نونبر 2014 عرفت المنطقة إنزالا أمنيا مكثفا وقامت باعتقال بعض الحقوقيين قبل أن يتم إطلاق سراحهم ومحاولة حجز جرار تابع لتعاونية البناندة. ومن خلال تصريحات لبعض أهالي المنطقة، فإنهم يتهمون رئيس الدائرة بالقصر الكبير على أنه يحاول وضع عراقيل أمام حل هذا المشكل، وأن السبب الحقيقي هو محاولة تأجيرها لمستثمر إسباني. كما صرح لنا شيخ كبير في السن من المنطقة أن هذه الأراضي يملكونها أبا عن جد وبعقود ووثائق تتبث ذلك، وأن الاستعمار الاسباني الذي دخل إلى المنطقة في بداية عهد الحماية قام بنزعها منهم بالقوة، وبقي الحال على هذا المنوال، وبعد استقلال المغرب سنة 1956 تولت إحدى الشركات الاسبانية استغلال هذه الأراضي لعدة عقود، وتوقفت سنة 2012 بعد إعتراض أهالي المنطقة. ويضيف أحد قاطني المنطقة أنه لايمكنهم بأي طريقة من الطرق التخلي عن أرضهم، مهما تطلب منهم ذلك، لكونهم يقفون وقفة رجل واحد بعين المكان ضد كل من دخل أرضهم التي تعود منفعتها إلى الجماعة، ويضيف أيضا أنهم لم يعودوا يجدون أي مورد لرعي ماشيتهم وفلاحة أرضهم. من هنا يمكنني أن أتساءل، هل حقا أن هذه الأراضي في ملك أهالي المنطقة؟ وإذا كان الأمر كذلك، لماذا لايتم تفويتها إليهم وحل المشكل؟ أم أن نزع الأراضي لهؤلاء الفلاحين البسطاء وتأجيرها لمستثمرين أجانب هو الحل الأنسب ؟