كما سبق وأشرنا إلى ذلك إن نقد الواقع دون العمل على تغييره، هو تكريس لأزمة هذا الواقع ليس إلا… الكل يجمع على أن المدينة تعيش وضعا كارثيا بكل المقاييس والمؤشرات سواء كانت سياسية، اقتصادية، ثقافية، أو اجتماعية، وأصبحت مرتعا للفساد والسماسرة والبؤس والمخدرات والتهميش والبطالة… ، وهذا ليس باكتشاف علمي طبعا، وليس الأمر متعلق بسبق صحفي يسعى صاحبه إلى النجومية. بل فقط هو الواقع يتكلم بدون مكياج، والواقع حين يتحدث لا يمكنك شراء صمته لا بكيس دقيق ولا بعلبة شاي ولا حتى ب 100 درهم. ومن لا يرى من الغربال فهو أعمى البصر ومريض البصيرة… واهم من يعتقد أن ما تعيشه المدينة هو نتاج تسيير وتدبير مجموعة من الحمقى والانتهازيين للشأن المحلي خلال العقود الماضية، وإن كان لهؤلاء دور أساسي في إفساد ما يمكن إفساده مقابل الاستفادة من ريع المخزن وامتيازاته ونهب وسرقة المال العام. إن واقع المدينة هو نتاج أزيد من نصف قرن من التهميش المتعمد، تذوقوا خلاله ساكنة المدينة مرارة الظلم و الحكرة من أعلى سلطة في البلد (ابناء الشمال اوباش، مثلا) كضريبة على المواقف التاريخية للمدينة ضد كل أشكال تسلط واستبداد وفساد سلطة المركز. وحتى نكون أكثر وضوحا فمشكل المدينة هو سياسي بالدرجة الأولى، وتبقى تجربة العدالة والتنمية على رأس مجلس المدينة لثلاث ولايات متتابعة مثال حي على ما نقول في ظل تلك الشعارات الجوفاء حول الاصلاح ونظافة اليد… ما العمل …؟ يقول لينين : بدون خط تكتيكي مرن، مبني على تقييم الوضع السياسي الجاري، مقدماً إجابات محددة لمواجهة المشاكل المعقدة التي نعيشها، قد نصبح في نهاية الأمر حلقة من المنظرين لكن ليس كياناً سياسياً فاعلاً. إن أي حراك شعبي، هو مسألة حتمية ومسألة وقت فقط في ظل الأوضاع المزرية التي تعيشها المدينة وكل المؤشرات تذهب في هذا الاتجاه. لكن بالمقابل لا يجب أن نسقط في نفس التحليل القائل بأن الشروط الموضوعية ( الفساد والفقر والبطالة…) كافية لإنتاج هذا الحراك، ولا أقصد هنا غياب أو استحضار الشرط الذاتي ( ولنا كل الثقة في مناضلات ومناضلي المدينة ) بقدر ما أركز على تجاوز أخطاء حركة 20 فبراير من خلال فتح نقاش موسع مع كل مكونات الصف الديمقراطي وكل من له غيرة مبدئية على المدينة ومع الجماهير الشعبية بالدرجة الأولى حول ملف مطلبي واضح ومتفق عليه. إن أي حراك يستمد قوته من الطاقة الخلاقة للجماهير الشعبية ومن احتضانه لكل الآراء و التعبيرات السياسية حتى وإن اختلفنا معها. يتبع …