تواصل الأستاذة والكاتبة حورية فيهري نشر فصول من روايتها "رحلات بنكهة إنسانية" على موقع "العرائش أنفو" على حلقات يوميا. فصل آخر من رواية رحلات بنكهة إنسانية للكاتبة حورية فيهري قراءة ممتعة -17 من روايتي رحلات بنكهة إنسانية فصل رحلة الوليمة والشهامة اخذت مقعدها كما الآخرون بحافلة تعددت سحنات راكبيها،كان الجو خانقا حارا ،ولا غرو فهو جو روما ….!!! ما انفكوا مستظلين بحا فلة رابضة فوق ارضها،روما والانحباس الحراري،تاملت لوهلة الاشجار المتفرقة هنا وهناك…..لم يكن عددها ليظل مدينة بضخامتها….!!!تلك الاشجار وذاك الموقف لكنه يعيدها لسنوات للوراء…مغادرة روما لم تترك لديها احساس بالفقد…..فالعديد من الاشخاص هناك متقاربون في اشياء متعددة مع أشخاص آخرين بأماكن عدة من هذا الكوكب …!!! تلك الهبة والبذرة الإنسانية الرايضة باعماقها لا محالة رافضة لاستاثارها بذاك الاريج الزكي ،لا محالة طفقت تلك العطار تنتشر رويدا رويدا بين جدران الذاكرة لتعكسها مراياها وينشر ذاك الاريج ويضفي على قلوب اخرى هبات رحمة وانسانية،ولم لا؟!!!اليس كل من عليه له لحظات ضعف واستجداء؟!!! الهب البرق ،ودوى الرعد بشدة في أرجاء ذاك الفضاء الذي كانا يسيران فيه،لامست احذيتهما البلاستيكية تلك الزنابق البيضاء الصغيرة اللطيفة والناعمة الملمس ،كانت سيقان تلك الزنابق تحميها من تلك الهجمات الغير المقصودة،كانت تلك السيقان تقاوم ذاك التدمير لتنحى وريقاتها الى الخلف بدلال… استمرت احذيتهما في اختراق تلك الأمواج اللطيفة المتكونة فوق سطح الماء والمتقاذفة بسلاسة كلما تقدما خطوات الى الامام اعتلاج موج خفيف هنا وهناك، …كان جودا ليس بالهين هناك في تلك الارجاء، الأدعية كانت ماتزال مسموعة ،وهما لم يبتعدا بمسافة كبيرة عن الدار لم يطل صمتهما إذ ما لبث أحدهما ان خاطب الآخر قائلا: كانت ليلة رائعة ووليمة فخمة..الطعام كان مطهوا بشكل جبد كالعادة….. نعم فعلا هو كذلك…الترحيب كان كما العادة…لم ينايا اميالا عديدة.،هاهما مستمران في سماع الادعية …. لكن بشكل ضعيف….كانا يصيخان السمع كلما سمعا أصواتا غير مألوفة تقترب منهما. حثا الخطا للخروج من ضاحية البلدة والاقتراب أكثر من محليهما متعة تلك الجلسة الدافئة والوليمة السخية …. لم تبرح مخيلتيهما شعرا وهما مستمران بالمشي بتلك الظلمة،وكان احذيتهما اصبحت أكثر خفة…..لقد اجتازا تلك المروج الصغيرة والحقول الخصبة بأمان…. بلا هوادة وعلى حين غرة تهاطل جود غزير وتساقطت قطراته بقوة لتغمرهما وتبلل جلابتيهما الصوفيتين… لامست احذيتهما الطريق الاسفلتي ،فيما توارت القرية خلفهما عن الانظار… رافقهما الصمت المهيب للحظات ،لم يكن ليتخلله سوى قطرات الغيث التي تقل حينا وتكثر أحيانا اخرى ….. انزلاق…سقوط ….واختفاء مفاجئ…صيحات مكتومة،ومزيج من الذعر والخوف والرهبة تكرر تلك الاستغاثة اليائسة من عمق سحيق.محاولة استيعاب للفاجعة…. ليس ثمة وقت للتفكير ولا التردد،التفكير والتردد مرادف للفقد المفاجئ،اجمع امره،خلع جلبابه ارتمى خلفه داخل قناة صرف صحي …او ربما حفرة شاردة…!! ،في محاولة مستميتة لانتشاله …يد ممسكة بقوة ب حافة صخرية صلبة ويد ممدودة له،صراع مرير بين الاستسلام والتشبت بالحياة …هناك كان اريج الإنسانية ينساب بين ثنايا الظلمة والقر ليضفي على الأرجاء ذاك البريق الأخاذ لينيره إنسانية ،تضحية وتشبت بالرفقة والحب والحياة… لم يكن ليثنيه ذاك الألم المتسرب بقسوة بين اعضاء جسده المنهكة تعبا وارهاقا بشقاء الحياة،ولا مصارعة ذاك السيل الجارف الذي يحيل مهمته لمهمة اشبه بالمستحيلة ،بل غامر بكل ما أوتي من قوة لانقاد تلك النفس… بريق امل بزغ فجأة وسعادة خفية غمرته نشوة وطربا وهو يشعربملامسة يده ليد الغريق تشبت بطوق النجاة والإصرار على الانقاد، كانا كفيلين بتحقيق المنى والمبتغى وماهي الا هنيهة حتى اانتشله من بين براثن الوحل…الماء …الطين. وبعض العيدان الحادة الصلبة.. طفق جسده يقشعر بردا ،فيما كان رفيقه يرتعش من بقائه لتلك الدقائق بعمق تلك الحفرة او المجرى ….. أشفق عليه للمرة الثانية…!! و بلا تردد حمله فوق ظهره ،وانطلق بخطوات ضعيفه،تشتد سرعتها بين الفينة والأخرى كلما أدرك في قرارة نفسه ان التأخير قد يحيل حالته للأسوأ…. طرق الباب،دلف الى منزله…اجلسه على كرسي ثم عاد ادراجه يروم الوصول لبيته ،كانت ملابسه المبتلة تحيل جسده النحيف لقطعة برد او جليد شديد البرودة ،،تجمدت اطرافه قليلا…لكن ذاك الدفى الانساني الدفين بثنايا فؤاده ما فتى يزوده طاقة خفية دفينة …فدفء الانسانية ما فتئ يشحن أفئدة هؤلاء الانسانيون…فالإنسانية لها رجالها كما نساؤها…ما انفكت مواقفهم الحياتية الفجائية الحانية تحف الآخرين أينما حلوا وارتحلوا…..رحلة إلى وليمة كانت نهايتها غوص في أعماق حفر بالضواحي…!! لكن تلك اللفتة الإنسانية احالتها لتشبت بالحياة عوض انكسار… انكسار بعز البرد والقر وهطول جود غزير…ظلام وامور اخرى. يتبع