تنشر الأستاذة والكاتبة حورية فيهري فصولا من روايتها "رحلات بنكهة إنسانية" على موقع "العرائش أنفو" على حلقات يوميا. فصل أخر من رواية رحلات بنكهة إنسانية للكاتبة حورية فيهري 12- ضمن ادب الرحلة اصنف روايتي رحلات بنكهة إنسانية وهنا فصل اخر منها: بعدما يئس النفر من حضور تلك السيارة التي ستقلهم الى حيث يلتقون برفقة الطريق التي سيرافقونها الى حيث المكان المتفق عليه، للسفر جميعا الى المغرب ،حيث قرروا جميعا …. ،قررت مع النفر خاصتها الخروج بذاك الظلام الدامس الذي لم تكن تخفف من شدة سواده ،سوى تلك الانوار الخافتة المسلطة من مصابيح معلقة على اعمدة ليست بالقصيرة،كانت البرودة تشعرهم با رتعاش خفيف خصوصا وان ملابسهم كانت خفيفة صيفية، وقفوا هنيهة أمام باب الفندق وهم يحملون امتعتهم الخفيفة على ظهورهم فيما كانت القبعات تحف رؤوسهم ،كانت قطرات العرق قد بدأت تتصبب من جبينها رغم الجو القليل البرودة،كان العديد من سكان روما يستغرقون بنوم هادئ،هم ايضا كانوا ضمن هؤلاء النائمون والنائمات ،لكنهم في فجر هذا اليوم قرروا كسر القاعدة ،وتوديع اسرتهم باكرا ،قبل خلودهم للنوم ،جمعوا اغراضهم ونظفوا مايمكن تنظيفه بمقرهم ذاك،انها عادات دابوا عليها، فمن شب على شيئ شاب عليه،أحدهم قرع بابهم ليلا انها سيدة ايطالية ،كان ان طلبت منها ان تجد لها من يوصلهم فجرا الى حيث اتقفت مع هؤلاء الرفقة ،كان مكان موعدهم بأحد شوارع روما،حسموا الامر وضبطوا موعد الرحلة…. هي من تكفلت بالذهاب إلى حيث كان الاتفاق كان الجو شديد الحرارة .قائظا،خانقا ،كانت تشعر وكان أنفاسها تكاد تقف من شدة ذاك المجهود المضاعف الذي كان يثقل عليها كلما نزلت من حافلة وانتقلت إلى مترو اخر …تلك الخطوات تحت لهيب الشمس الحارقة ولو انها قليلة كانت تحسبها وكأنها قطعت اميالا واميالا!! نزلت من المترو وهي عائدة ذات يوم من إحدى عملياتها البحثية،هكذا كانت تطلق على رحلاتها الداخلية في هذه الفترة،صيف،عطلة،واشياء اخرى …،إعداد ضخمة تلك التي تريد العودة للبلد الام،رحلات عديدة واتمنة لا قدرة لها عليها،الحاجة تدفع البشر في اي بقعة باصقاع المعمور الى ايجاد البديل،ذاك البديل الذي غالبا ما يجمعك بما هم في مثل وضعك….هذا ما حصل معها، لم يعد معها ما يكفي دفعت ما تملكه للرفقة تلك ثم عادت لبقية النفر…. عرجت عند بائع فواكه بعد نزولها من مترو الانفاق،كانت تشعر وكان الجفاف سيد الموقف بلسانها،ما بقي من سنتيمات ايطالية هكذا كانت تسميها ،لقد اعتادت على جمع تلك القطع النقدية الصفراء وإعطائها أهمية مبالغ فيها ،لطالما كانت كفيلة بانقادها من مواقف عدة…. اختارت حبة فاكهة كبيرة كانت باردة ومنعشة،بدأت بفتح حقيبتها اليدوية الصغيرة لتخرج تلك السنتيمات الإيطالية الصفراء ،ليبادرها ذاك الفتى المصري الذي كان واقفا خلف الآلة الحاسبة قائلا:خذيها ا.. لا لا يجب أن أدفع… لا لن اقبض منك.. لكن …ستدفع انت ثمنها… لا لا خذيها بلهجة مصرية أصر الفتى ان تاخذ تلك الفاكهة ،كانت ملامحه تعكس طيبة جلية وكرما متوارثا ….،صحيح أن هناك أشخاص صغر سنهم او كبر تبقى ذرات الإنسانية بطيات افئدتهم ، كامنة لتنشر عطرها كلما منحت فرصة ما…. او كلما وضعت في موقف صغر او كبر فللانسانية رجالها كما نساؤها……