مع بداية أربعينيات القرن الماضي، كان النظام العالمي يعاني تفاقم الأزمات الاقتصادية، وتخبُّطاً في السياسات المالية، فضلاً عن الآثار المدمرة للحرب العالمية الثانية. كل ذلك دفع القوى العالمية، بقيادة الولاياتالمتحدة، إلى عقد اجتماع أممي في عام 1945، ضم 44 دولة، نتج عنه توقيع اتفاقية بريتون وودز، التي تم بموجبها إنشاء صندوق النقد والبنك الدوليين. وكان الهدف الرئيس من إنشاء صندوق النقد الدولي هو تحقيق النمو الاقتصادي بعد الحرب العالمية الثانية، وتعزيز سلامة الاقتصاد العالمي، إضافة إلى منع وقوع الأزمات المالية، من خلال إلزام الدول الأعضاء باعتماد سياسات اقتصادية سليمة. ومع مرور السنوات اتضح أن إنشاء صندوق النقد والبنك الدوليين الهدف منه الهيمنة على اقتصاد العالم، وجعل البلاد العربية عرضة للإفلاس وصناعة الفقر، من خلال الضغط على الدول للالتزام بسياسات الصندوق. ويفرض صندوق النقد الدولي شروطا قاسية على البلدان التي تطلب قروضاً، ويلزمها بتنفيذ حزمة من الإجراءات التدميرية للاقتصاد والتي تؤدي بدورها إلى ارتهان إرادة البلدان المقترضة إلى مشيئة البلدان والمؤسسات الدولية الدائنة وتضمن صناعة الفقر فيها وتتلخص تلك الشروط على صعيد سياسة فتح البلاد للمؤسسات الاستعمارية وخصخصةالقطاع العام وإعطاء الدور الأساسي في النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص إن النهج الذي يتبناه الصندوق على صعيد الاستدانة الخارجية، يجبر البلدان المدينة على التخلي عن الدعم المالي للسلع الضرورية للحياة والمشتقات النفطية وغيرها من السلع التي تشكل القوت اليومي للناس. ويلزمها كذلك بتخفيض عملتها النقدية مقابل العملات الأجنبية كي تصبح المواد الخام والسلع الأخرى المصدرة إلى الخارج بأقل ثمن. كما يلزم البلدان المقترضة بتقليص الإنفاق على القطاعات الخدمية وزيادة الضرائب. كما أن السياسات التي يتبناها صندوق النقد الدولي تهدف إلى تحويل البلدان المقترضة إلى أسواق مفتوحة لتصريف بضائع الدول الرأسمالية بأسعار عالية، وتخلق الظروف الموضوعية لتحويل الاقتصاد القائم على التخطيط والتوجيه المركزي إلى اقتصاد سوق رأسمالي تعبث به الرأسمالية المتوحشة التي لا تعرف سوى الجشع ومزيد من الأرباح.