بقلم: أحمد الدرداري حرب كوريا الشماليةوأمريكا: هل ستؤدي إلى نهاية الأنظمة العسكرية و بداية التعددية القطبية؟ إن التوتر بين كوريا الشماليةوأمريكا باعتماد آليات ونظريات وخطط حرب نوعية تعد الأصعب في التاريخ الحربي منذ اكتشاف السلاح واستخدامه، فتاريخ آسيا المرتبط بالولايات المتحدة تاريخ دموي ومأساوي، وثقافة آسيا مختلفة عن الثقافة الغربية، وكوريا الشمالية استثناء بين الثقافات الآسيوية حيث تجمع بين حكم الإمبراطور القديم والاشتراكية العسكرية المتشددة، وقد مر على الثورة الروسية قرنا من الزمن حيث كانت الثورة على مراحل بين فبراير وأكتوبر 1917، وبمرور قرن على حدث إنهاء الإقطاع والحرية الإقتصادية في روسيا بقيت كوريا الشمالية النموذج الوحيد ذي التوجه العسكري الحاد والمتشدد عبر العالم، وهو ما يجعل أية مواجهة حربية معها ستكون حرب جنونية يقودها مجانين العالم الذين وصلوا إلى الحكم في كوريا الشمالية وفي أمريكا ابان هذه العشرية، فلا يكفي شجاعة القول ولا تكفي قدرة الفعل بل لابد من إدراك المخاطر المتنوعة في حالة وجود حرب باسلحة فتاكة ومدمرة وفوق العادة وكلفتها باهضة، فما تزال آثار استخدام الأسلحة النووية التي استعملت ضد اليابان 1945 مستمرة في مدينتي ناكازاكي وهيروشيما والمناطق التي وصل إليها الإشعاع النووي، بينما الأسلحة المتوفرة اليوم فهي أكثر خطورة من الأسلحة النووية المستعملة. إن الوصول إلى نقطة تخويف الشعب الأمريكي ستكون نهاية لقوة أمريكا وستؤدي إلى ظهور نظام دولي تعددي وسيتحول إلى فوضى عالمية مما سيؤدي إلى زوال الأممالمتحدة وستنهار البرلمانات المعاصرة لفائدة الشركات والتدرع بالدين بسبب الخوف الذي سيعم العالم وفقدان الثقة في الحكام الشياطين منهم خاصة الذين ينفذون خطط لوبيات ضاغطة بدلا من مراعاة مصالح الشعوب. إن عقلية ترامب وشجاعته الزائدة في مقابل الاندفاع اللاإرادي لدى زعيم كوريا الشمالية، وإصرار كل منهما على المواجهة بدعوى الدفاع عن النفس ستعطي نتائج مختلفة عن التي نتجت عن التدخل الأمريكي في العراقوسوريا وغيرها، حيث أن كوريا الشمالية تعلم بالفيتو الأمريكي وتعلم أن محاسبة أمريكا غير ممكن مهما كانت جرائمها، لذا في حالة نشوب حرب مع أمريكا فإنها ستركز على إبرتها النووية وقد تجر حلفاءها أو شركاءها العسكريين والنوويين لنصب فخ للعملاق النووي وأسلحة الدمار الشامل بتعاون مع روسيا وإيران ومباركة دول آسيا. لقد قدم ترامب تجربتين الأولى في سوريا والثانية في أفغانستان في مقابل سكوت العالم بسبب الحجج المقدمة حيث الأولى لها علاقة بقتل المدنيين باستعمال الغازات السامة من قبل سوريا والثانية لها علاقة بعناصر داعش الارهابية، بينما كوريا الشمالية فالوضع مختلف لكون الأمر يتعلق بإجراء تجربة نووية لكوريا الشمالية ترفض أمريكا إجراءها، بينما تجارب أمريكا فلا تحتاج إلى أي رأي دولي بشأنها. ويبدو التوتر الحالي بين كوريا الشماليةوأمريكا أنه جد مقلق بحكم الإندفاع والثقة الزائدة في العتاد العسكري وخطط الإستهداف الدقيقة ودرجة إحتساب الاحتمالات الحربية يأخذ بعين الاعتبار كل النتائج الممكنة وبحكم حدة العناد والحمق اللذين يتميزان بهما كل من الزعيمين. ويطرح التوتر من جانب آخر مسألة الإقتصاد العالمي وتمييز الاقتصاد الآسيوي عن الاقتصاد الغربي حيث تطرح مسألة الحرب في سياق أزمات اقتصادية عالمية قد تدفع امريكا إلى الحرب للتأثير على الاقتصاديات الصاعدة للنمور الآسيوية، لكن إذا كانت آسيا جد واعية بهذا الأمر فهل ستبحث عن طرق لتجنب اقتصادياتها الانهيار برفضها للحرب في الجغرافية الآسيوية التي ستأثر على الملاحة والتجارة والأسواق خارج آسيا. إن أية حرب متطورة ستؤثر على العالم أجمع وإمكانية وقوعها أمر ممكن ببساطة مادام الاحتكام إلى العقل غير وارد بين كيم و ترامب ومادامت الدول الكبرى تعد حساباتها الافتراضية في حالة نشوب حرب، وليس الشرق الأوسط كآسيا، وأمريكا تعلم بذكاء وهوية وإصرار الجنس البشري الأصفر، ولن تمر أية حرب بين البلدين دون أضرار كبيرة بينهما كما ستضر بالكثير من مصالح الدول، أما إذا توفقت أمريكا بضرب القوة العسكرية لكوريا الشمالية فستكون بذلك نهاية للأنظمة العسكرية وبداية للتعددية القطبية.