تحرص مدينة تطوان خلال شهر رمضان شهر الخير والبركات على الجمع بين أجواء العبادة والترويح عن النفس وتكريس الطقوس والعادات والتقاليد الدينية والاجتماعية الأصيلة المتوارثة والضاربة جذورها في التاريخ. فطقوس شهر الصيام والقيام في تطوان, وإن كانت لا تختلف كثيرا عن نظيرتها في باقي المدن المغربية سواء تعلق الأمر بعادات المأكل والمشرب والتردد على بيوت الله للصلاة والتقرب والاستغفار والاجتهاد في الطاعات والسعي إلى اغتنام الأوقات بقراءة القرآن الكريم، أو ما رافق هذا الشهر الفضيل من تقاليد السهر وارتياد المقاهي وبعض الفضاءات التجارية والثقافية فإنها تتميز بخصوصيات تستلهم من معين تنوع الحضارة العربية الأندلسية الإسلامية. وتشكل المساجد مصدر فخر لساكنة "تطاوين"، ومن أبرزها الجامع الكبير الذي بناه السلطان المولى سليمان في القرن الثامن عشر، تنضاف إليها الزوايا “الريسونية” والحراقية” و”الكتانية” وغيرها، فضلا عن أماكن أخرى يقع معظمها داخل المدينة العتيقة، والتي تتميز بأجواء روحانية تدعو للتأمل والتدبر. كما من عادة أهل تطوان في هذا الشهر الكريم أن يكثروا من قراءة القرآن إما بشكل فردي أو بشكل جماعي في مناسبات عديدة منذ اليوم الأول ، مع الحرص على استكمال 60 حزبا أو ما يعرف محليا ب"السلكة الكاملة " فيما يحرص البعض على ختم القرآن مرات عديدة خلال شهر رمضان.
وما يجمع هذه العادات الأصيلة المتوارثة والضاربة جذورها في التاريخ الإسلامي المغربي فإنها تعمل على تهذيب النفس وتحدد طريق التقوى وتفتح المجال للتأمل في أمور الدين والدنيا وتشجع الناس على الاقتداء بالسلف الصالح وتبعدهم عن كل ما من شأنه أن يبطل صيامهم. وهناك خصوصية أخرى لساكنة تطوان، حيث تنشط جمعيات محلية في إحياء مهرجانات السماع والمديح .فضلا عن أمسيات رمضان المنظمة من قبل الحضرة النسوية، وهي مجموعات من النساء تؤدي، من خلال طقوس تدخل في نطاق الثقافة الصوفية، ابتهالات وأدعية في الثناء على الله ومدح رسوله سيدنا محمد. إلا أن هناك بعض العادات في طريقها إلى الاندثار بفعل التكنلوجيا الرقمية كمدفع الإفطار وإيقاظ الطبال والنفار للناس للسحور أو ما يعرف بالفياق. ولعل من أبرز العادات التي مازالت مستمرة الاحتفاء بصيام الفتيان والفتيات لأول مرة وما يرافق ذلك من إعداد شتى الأطعمة والحلويات وتقاليد كالشدة التطوانية للفتيات واللباس التقليدي للفتيان وعادة صعود السلم. وهو تعبير رمزي لتحبيب الصيام للصغار وتربية الحس الديني لديهم منذ الصغر.وتتميز هذه الاحتفالية بزيارة الأقارب والجيران. وفضلا عن طابعها الديني، تفتخر مدينة تطوان أيضا بموقعها الجغرافي بالقرب من شواطيء البحر الأبيض المتوسط ، والتي تحج إليها ساكنة تطوان ونواحيها بعد صلاة التراويح، للاستفادة من طراوة نسائم البحر. وعلى الرغم من انشغال الناس بالعديد من الأمور اليومية مازال يتميز الشهر الفضيل عن غيره من الشهور بالبر والإحسان و بزيارة الأهل والأحباب وإحياء صلة الرحم .وهو ما يضفي على هذا الشهر الكريم نفحات ربانية وأجواء روحانية تدعو للحميمية والتماسك الاجتماعي.