وسط أجواء الأزمة الإقتصادية القاتمة التي تحوم حول مدينة تطوان والمدن المجاورة، وأمام شح المبادرات التنموية التي قد تقي شباب وشابات المنطقة من أزمة البطالة وتدمجهم في النسيج المهني المحلي، تُطل علينا مثبطات وعوائق عدة تقف حجر عثرة أمام تنزيل بعض المبادرات الذاتية التي تسعى إلى تحريك العجلة الاقتصادية بالحمامة البيضاء وإدماج الباحثين عن الشغل. سياق هذا الكلام يجسد واحدة من أغرب قصص العرقلة التي تعرض لها مقاول شاب أراد خلق مقاولة مهنية ذاتية بالمنطقة الصناعية بتطوان متخصصة في صناعة النسيج والألبسة، ووعد صاحبها بتشغيل حوالي 500 يد عاملة من أبناء وبنات المنطقة، إلا أن أيدي بعض صانعي القرار المحلي ورجال السلطة كان لهم رأي أخر ليذهب المشروع أدراج الرياح. وإلى جانب الحيثيات التي سبق ذكرها في الجزء الأول من هذه القصة (نشرتها بريس تطوان قبل أيام) يؤكد الجزء الثاني من هذه الواقعة الغريبة وجها آخر من أوجه "الظلم" الذي تعرض له المقاول الشاب والشطط الذي واجهه من قبل أحد رجال السلطة بتطوان. ففي غمرة استعداد "المقاول" لإطلاق مشروعه تفاجأ بحضور قائد الملحقة الإدارية المطار بمعية بعض أعوانه، ودون سابق إنذار قام بهدم حائط كبير داخل المشروع، دون أن يوجه أي إنذار قبلي بالمخالفة ودون توفره على إذن بالهدم، وهو ما يتنافى مع القوانين المنظمة للتعمير والبناء بالمغرب، كما قام القائد باحتجاز بطاقة وطنية لأحد العمال بدون وجه حق، مع توجيه وابل من الكلام النابي والسب والقذف في مشهد "بئيس" يعود لسنوات الجمر والرصاص ويتنافى مع دولة الحق والقانون التي لطالما دعا جلالة الملك محمد السادس على ترسيخها، داعيا –جلالته- في أكثر من مناسبة رجال الداخلية بتنزيل المفهوم الجديد للسلطة وحماية حقوق المواطنين والمواطنات وتنفيذ القانون. بعدها سيعمل المقاول الشاب على رفع دعوى قضائية ضد قائد ملحقة المطار بتطوان متهما إياه بالشطط في استعمال السلطة وتعريض ممتلكاته الخاصة للهدم والإتلاف دون سند قانوني إضافة إلى تهمة السب والقذف والترهيب والاحتجاز. القضية التي مازالت معروضة على القضاء لعلها تنصف المقاول الشاب وتعيد له كرامته وحقوقه المغتصبة وتساعده على استئناف المشروع "المعلق"، ستتخذ طريقا مغايرا بعدما وجد القائد المذكور نفسه أمام فداحة التهم الموجهة إليه. وأمام هذا الخرق القانوني الواضح، سيعمل ممثل وزارة الداخلية المذكور على تحرير محضر معاينة يدعي فيه بأن المقاول الشاب قام بإضافة بناء داخل مقر مقاولته دون التوفر على التراخيص القانونية اللازمة وقام بإبلاغه للمقاول الشاب بأثر رجعي، لكن القائد سقط في "المحظور"، فمحضر المعاينة الذي يدعي أنه قام به لتأكيد المخالفة التعميرية وضعه بتاريخ يسبق حتى تاريخ تأسيس الشركة التابعة للشاب المذكور، فكيف لمخالفة تعميرية أن يتم معاينتها في تاريخ يسبق التاريخ القانوني لخلق المقاولة وقبل أن تطأ قدمي الشاب المنطقة الصناعية بتطوان؟ هذا الأمر يفتح أكثر من علامات الإستفهام حول الخروقات والإختلالات الثقيلة التي تورط فيها القائد المذكور، ضاربا تعليمات صاحب الجلالة عرض الحائط، دون الإكتراث إلى مآل فئات عريضة من اليد العاملة التي كانت ستجد موطئ قدم لها في سوق الشغل بالمنطقة الصناعية بتطوان.