شهدت مدينة طنجة لقاء كبيرا نظمه المركز الأكاديمي الدولي للدراسات الاستراتيجية يوم السبت الماضي، بشراكة مع مجلس جهة-طنجة-تطوان-الحسيمة حول موضوع: "الأجندة الإفريقية حول الهجرة، قراءة في مضامين الرسالة الملكية السامية إلى قمة أديس أبابا"، شارك فيه عدد من الخبراء والمهتمين. وعرض الدكتور عبد الرحيم العلمي رئيس المركز السياق العالمي الذي جاء فيه الاهتمام المتزايد بمسألة الهجرة والمهاجرين. خصوصا في ظل تدفق موجات غير مسبوقة من المهاجرين لم يسجل لها مثيل منذ الحرب العالمية الثانية، إذ تجاوزت 240 مليون مهاجر، إضافة إلى تحول مسارات الهجرة ومسالكها من مسار الهجرة جنوب - شمال إلى مسار جنوب - جنوب، خصوصا في اتجاه بعض البلدان المستقرة مثل المغرب. وأضاف العلمي أن المملكة المغربية أصبحت تؤوي آلاف المهاجرين الفارين من النزاعات المسلحة في بعض بلدان الشرق الأوسط، أو الوافدين من مناطق الأزمات الاقتصادية، خصوصا من إفريقيا جنوب الصحراء، الذين وصلوا إلى المغرب كمحطة للعبور نحو ضفة الشمال وبقوا عالقين في انتظار فرصة لتحقيق هدفهم. وقد أشار العلمي إلى أن موضوع الهجرة، من التحديات التي رفعها المغرب بجدارة، بفضل رؤية الملك محمد السادس، وفي انسجام مع جهود المجتمع الدولي من خلال ما يعرف ب"الميثاق العالمي لهجرات آمنة ومنظمة ومنتظمة" الذي تم اعتماده في نيويورك في 19 شتنبر 2016. وقد لقيت جهود المغرب، وفق كلمة العلمي، ترحيبا أمميا، أفضى إلى تولي المغرب الرئاسة المشتركة إلى جانب ألمانيا، للمنتدى العالمي للهجرة والتنمية الذي ستحتضن مراكش دورته الحادية عشر في دسمبر 2018، وإلى توليه ملف الهجرة ضمن الاتحاد الإفريقي. وفي هذا السياق أشار العلمي إلى الرسالة الملك محمد السادس الموجهة إلى القمة الإفريقية يوم 29-1-2018 بأديس أبابا التي دعت إلى التعامل مع الهجرة من منظور واقعي عقلاني وإيجابي، وفهمها وتصحيح المفاهيم السائدة حولها، كما دعت إلى نقل المقاربة المغربية وفلسفتها الإنسانية إلى الأشقاء الأفارقة، كرافعة للتنمية المشتركة وركيزة للتعاون جنوب - جنوب وعاملا للتضامن، وأكدت كذلك على العمل المؤسسي والتشاركي، من خلال انخراط كل الأطراف الوطنية والإقليمية والدولية في أجندة افريقية شاملة حول الهجرة. ومن جانبه قال عبد الحميد الجمري رئيس اللجنة الأممية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم بالأمم المتحدة، والخبير لدى الاتحاد الأوربي، وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالمغرب، وعضو مجلس الجالية المغربية بالخارج، أن الانجازات التي حققها المغرب في مجال حماية المهاجرين تعتبر رائدة ومتميزة على جميع المستويات. وأضاف الحمري أن المغرب يعتبر من الدول القلائل في العالم التي تمتلك في مجال الهجرة سياسة جريئة، وآليات واضحة، وهو الأمر الذي جعل المغرب محط أنظار المهتمين والفاعلين الدوليين، مبينا أن المنجزات المغربية المتميزة على هذا المستوى معروفة ومحط إعجاب وتقدير ومتابعة في الخارج أكثر مما هي عليه في الداخل، خصوصا في بعض الجوانب القانونية والإدارية التي أشار إليها السيد الجمري والتي لا يتوفر بعضها حتى لدى الدول المتقدمة. وفي الأخير خلص المحاضر إلى أن الرسالة الملكية جاءت تتويجا قوية، وتؤسس لمرحلة جديدة ورؤية جديدة لمفهوم الهجرة ينبغي أن تتضافر كل الجهود القطاعية لتفعيلها وحسن تنزيلها، كما ينبغي أن تستفيد منه القارة كلها. هذا وقد شهد اللقاء نقاشا واسعا من طرف الحضور، والملاحظات التي تم تقديمها بحضور عدد من المختصين والمهتمين بموضوع الهجرة، قبل أن يختتم اللقاء بتكريم الأستاذ الخبير عبد الحميد الجمري وتسليمه الدرع الفخري للمركز مع الشهادة التقديرية.