تسعى وزارة التربية الوطنية المغربية إلى تقنين استعمال الهواتف المحمولة داخل المؤسسات التعليمية، في خطوة تروم ضبط علاقتها بالوسط المدرسي وتحجيم الانعكاسات السلبية على سلوك التلميذات والتلاميذ. وأعلن محمد سعد برادة، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، عن إعداد دليل تنظيمي خاص، سيحدد بوضوح شروط الاستعمال المسموح به للهواتف داخل الفصول الدراسية، مع التركيز على البعد التربوي والتقني في حالات استثنائية. وأوضح الوزير، في جواب كتابي موجّه إلى مجلس النواب، أن استعمال الهواتف المحمولة قد يُرخّص به في بعض الأنشطة المرتبطة بالحياة المدرسية، لكن ضمن ضوابط دقيقة، من بينها التوقيع على "ميثاق القسم" والحصول على إذن صريح من الأستاذ، لتفادي أي استخدام غير تربوي أو مشتت للانتباه. ويأتي هذا التوجه في سياق جدل واسع يشهده الوسط التربوي بالمغرب، بعد تزايد الشكاوى من تحول الهواتف إلى مصدر تشويش داخل الفصول، ووسيلة لتبادل محتويات غير ملائمة، ما دفع العديد من المؤسسات إلى فرض حظر غير رسمي على هذه الأجهزة. لكن الوزارة، بدل المصادرة الشاملة، تراهن على مقاربة تنظيمية متدرجة تتيح الاستفادة من الإمكانيات التي تتيحها الهواتف الذكية في التعلم الرقمي، دون التفريط في الانضباط داخل الأقسام. وتعتزم في هذا الصدد تنزيل الدليل التنظيمي في إطار تشاركي مع الأطر التربوية والإدارية. ويعكس هذا التوجه مساعي الوزارة إلى الموازنة بين التحولات الرقمية المتسارعة وحاجة المدرسة العمومية إلى بيئة تعليمية آمنة ومنضبطة، في ظل تصاعد النقاش العمومي حول تأثير التكنولوجيا على المردودية التعليمية والقيم المدرسية. ويشدد الفاعلون التربويون على أن النجاح في تقنين استعمال الهواتف المحمولة يظل رهينا بإشراك جميع مكونات المجتمع المدرسي، خاصة الأسر، وبإرساء ثقافة رقمية مسؤولة لدى التلاميذ، بدل الاقتصار على مقاربات زجرية لا تحظى دوماً بفعالية دائمة.