ركزت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الثلاثاء، اهتماماتها على التصريحات "الاستفزازية" للوزير الأول والأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي بخصوص الاعتصامات والحركات الاحتجاجية الاجتماعية، التي تشهدها العديد من القطاعات منذ عدة أشهر، معتبرة أن التدبير السيء لهذا القطاع الحساس والمواقف المتناقضة للمسؤولين تؤثر سلبا على الانسجام الحكومي والمؤسساتي للبلاد. وكتبت صحيفة (ليبيرتي)، في هذا الصدد، أن الوزير الأول أحمد أويحيى، الذي يواجه احتجاجات اجتماعية متواصلة، ليست لديه النية لتهدئة الأزمة الاجتماعية التي تشهدها البلاد حاليا. وأضافت أنه خلال تجمع ببسكرة وبصفته أمينا عاما للتجمع الوطني الديمقراطي، خاطب أويحيى، الذي يعتقد دائما أنه على صواب، النقابات بلهجة حادة وغيرها من الائتلافات التي تحتج منذ عدة أسابيع، وبكلمات مستفزة والتي لا يمكن إلا تفنيدها في ظرفية اجتماعية وسياسية أكثر اضطرابا كتلك التي تشهدها البلاد حاليا. وأكدت الصحيفة في افتتاحية بعنوان "كلمات من أجل الاستفزاز" أن هذه التصريحات تتعارض مع توصية رئيس الدولة بإعطاء الأفضلية للحوار الاجتماعي من أجل تسوية النزاعات في أوقات الأزمة هذه والتقشف. وأضاف صاحب الافتتاحية أن أويحيى، ومنذ أن تقلد مسؤوليات على مستوى الجهاز التنفيذي، كوزير، ورئيس حكومة ووزير أول، سعى دائما إلى فرض آرائه أكثر من سعيه للإقناع، وإلى إجبار الآخرين عوض إشراكهم، مسجلا أنه لم يعمل على تعديل هذا السلوك على الرغم من الاحتجاجات على طريقة تدبيره، من طرف خصومه السياسيين في أغلب الأحيان، ومن قبل مؤيديه أحيانا، ومن طرف الرأي العام دائما. وأوضح أن أويحيى ومن خلال هذه التصريحات تجاه المحتجين يكون قد تجاهل النواب، الذين ناقشوا أمس قانون تسوية الميزانية، واستغلوا هذه المناسبة ليجاهروا بانتقاداتهم اللاذعة لتدبيره للاحتجاجات النقابية، على الرغم من يقينهم بأن المؤاخذات التي عبروا عنها سيكون لها وقع ضعيف على نهج وتعاطي أويحيى. من جهتها، اعتبرت صحيفة (الفجر) أن التصريحات النارية لأحمد أويحيى، الذي كان يتكلم بصفته أمينا عاما للتجمع الوطني الديمقراطي، بمناسبة الاحتفال بذكرى تأسيس هذا الحزب ببسكرة، قد تشعل الجبهة الاجتماعية عوض تهدئتها. وأضافت أن زعيم التجمع الوطني الديمقراطي وبتهجمه على المحتجين والمضربين، الذين يشكلون الحدث على مستوى الحقل الاجتماعي منذ أسابيع عدة، ودون تمييز ولو على سبيل بيداغوجي و دبلوماسي من أجل إعطاء فرصة للحوار الذي يتعثر أصلا بشكل كبير إلى حد تعميق النزاع، فإنه يكون قد أعاد، عن وعي أو بدونه العداد إلى الوراء. وأشارت إلى أن الأقوال التي أدلى بها أويحيى ببسكرة بصفته الحزبية، والداعية إلى مقاومة المناورات السياسوية والديماغوجية الرامية إلى زعزعة الجبهة الاجتماعية، فإنه صب الزيت على النار، معتبرة أنه بالنسبة للعديد من الملاحظين فإن نبرة وفحوى كلام أويحيى تبدو في غير محلها إزاء خطورة الوضع والطابع الحساس والاستراتيجي للقطاعات المشتعلة بالتحركات الاجتماعية، من قبيل الصحة والتعليم، وكذا إزاء الجهود المضنية التي تبذلها الجهات الوصية، والنقابات المستقلة وممثلي الأطباء المقيمين المضربين من أجل إيجاد حل لهذه النزاعات. وفي الاتجاه ذاته، كتبت صحيفة (الفجر) أن رد الأطباء المقيمين والنقابات المستقلة لقطاع التعليم على التصريحات "المستفزة" للوزير الأول لم يتأخر كثيرا، فأمام التهديد المبطن بالكاد لأويحيى من أجل وقف "قطار الفوضى"، رد الأطباء عبر تنظيم تجمع عفوي بمستشفى مصطفى باشا بالجزائر العاصمة رافعين شعار "لسنا خائفين". وقد اعتبرت الصحف الجزائرية أن استراتيجية الملل والضجر التي يبدو أن النظام يراهن عليها من أجل السيطرة على هذه الحركات، عبر تحريض أولياء التلاميذ على الأساتذة والنقابات المستقلة، عبر تقسيم هيئة التدريس وخلق مواجهة بين الأطباء والمواطنين، لا يمكن أن يكون مصيرها سوى الفشل، محذرة من أن الأخطر من ذلك هي هذه الفتوى بالتنكيل بالأساتذة والأطباء والتي تحمل في طياتها بذرة انزلاقات خطيرة وتهديدات ثقيلة للتماسك الاجتماعي.