شكلت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تنخر الجزائر، أبرز موضوع اهتمت به الصحف الصادرة، اليوم الأربعاء، حيث ركزت الصحف على الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، التي تغرق فيها البلاد، بالتزامن مع تراجع الموارد المالية وغياب نموذج اقتصادي حقيقي. وكتبت صحيفة "ليبيرتي"، بخصوص هذه الازمة التي تنخر الجزائر، أن الثورات الاجتماعية، والمطالب الفئوية، والاستياء السياسي والجماعي حاضرة بقوة في الجزائر، ويبدو أنها تتجه لتتضاعف أكثر. وتساءلت الصحيفة، تحت عنوان "ما بعد البترول: العودة إلى ما قبل البترول"، أين تجد هذه الحمى المطلبية العلنية والصاخبة تفسيرها؟، معتبرة أنه من المرجح أنها وليدة هذه العلاقة المجزأة والرهينة بالجانب المادي بين الدولة والمجتمع التي أرساها نظام بوتفليقة. ولاحظت الصحيفة أنه "ابتداء من مطلع الألفية، تم تسخير المكاسب المالية المتنامية لخوض حرب سياسية"، مسجلة أن الهدف كان يتمثل في ضمان الاستقلالية الاقتصادية والاجتماعية لشرائح واسعة من المجتمع وأن السياسة الاجتماعية، في حد ذاتها، تم تسطيرها استنادا للخلفية السياسوية، ممثلة في إطلاق العنان للدعم، والزيادة في الأجور لأغراض انتخابية، والاستعمال دون رقيب للقروض الموجهة للشباب العاطلين. وأضافت أن سامي الموظفين كلما كانوا أكثر قربا من الحكم، كلما تعززت امتيازاتهم، وأن المناصب السياسية البرلمانية تتم إحاطتها بامتيازات باهضة، دون احتساب المنظومة التمييزية التي يستفيد منها كل هؤلاء في مجال التقاعد. وتابعت أن "النظام الجزائري لا يستعمل المال العام فقط للظفر بتحالفات ويخلق لنفسه موالين، فهو يستخدمه أيضا من أجل تغذية والسيطرة على مصادر الدعم أو الاحتجاج: الإرهابي الذي يثوب، المتظاهر الذي يتراجع، المعارض الذي ينضم للموالاة...". من جهتهما، كتبت صحيفتا (الحياة) و(الشروق) أن الريع، وعوض استعماله لإطلاق تنمية اقتصاد منتج قابل للحياة، تم استخدامه لضمان استمرارية النظام. وأبرزتا أنه لكي يصبح "هذا الاستقرار الريعي" ممكنا، كان يتعين، على الخصوص، الحيلولة دون انبثاق وانتعاش اقتصاد منتج، معللتين ذلك بكون انعكاساته السوسيولوجية، من حيث إعادة التوزيع، ستؤدي في النهاية إلى الاحتجاج على احتكار النظام للاقتصاد. وكشفت الصحيفتان أن المشكل المطروح بالنسبة للنظام، يتمثل في كون منظومة الريع لا يمكن أن تصمد سوى في فترة ارتفاع أسعار النفط، فقد اعتاد الكثيرون على تلقي المساعدة، غير أن الكثيرين لاحظوا أيضا أن مستواهم المعيشي يتدهور بسرعة، جراء سياسة اجتماعية يصعب ضمان استدامتها، مسجلتين أن المشكل بالنسبة للبلاد يتمثل في كون الزمن والمال اللذين كان يتعين استعمالهما في إطلاق تنميتها، انتهيا بإرجاعها، ما أن يستنفذ الريع، إلى الوضع الذي كانت عليها ما قبل حقبة اكتشاف البترول. من جانبها، عادت صحيفة (كل شيء عن الجزائر) الإلكترونية، إلى النداء الذي أطلقه ائتلاف (نبني) من أجل مباشرة نقاش وطني حول ما يعتبره "ورش العشرية" الرئيسي، مؤكدا أن الحكومة "أخطأت الطريق" في ملف إصلاح الدعم. ولم يقتصر التجمع على التعبير عن تشكيكه في النهج الذي يتبناه الجهاز التنفيذي، ولكنه قدم أيضا خارطة طريق مفصلة، ومعززة بالأرقام ومعللة حول ما يتعين أن يكون عليه إصلاح حقيقي وتدريجي للمنظومة الوطنية للدعم. ويرتكز المستجد الرئيسي ضمن مقترحاته على إرساء نوع من الحد الأدنى الاجتماعي، اعتبارا من سنة 2019، والذي يستهدف شرائح واسعة من الساكنة ويعوض عبر مراحل ارتفاع أسعار المواد المدعمة. وفي السياق ذاته، كتبت صحيفة (لوماتان دالجيري) أنه تم إهدار سنوات طويلة، لكن هناك دائما إمكانية ل"توزيع ارتفاع أسعار المواد المدعة على مدى فترة معقولة"، محذرة من أن تأخير هذا الإصلاح أو إطالة أمده يعرضه أيضا لخطر التوقف مرة أخرى، بالدورة الانتخابية التي تقترب أكثر. بدورها، أوردت صحيفة (ليكسبريسيون) تصريحا للوزير الأول، أحمد أويحيى، الذي أكد أن الترسانة الجديدة لتأطير الواردات كانت لها أهداف حمائية، وهو ما دافعت عنه دائما السلطات الجزائرية. وأكدت الصحيفة أنه من الناحية الرسمية، فإن حظر استيراد بعض المواد والتقليص من واردات أخرى، عن طريق نظام الحصص والرخص، موجه للحد من تآكل الاحتياطات من العملة الصعبة.