المرحوم عبد الخالق الطريس من مواليد مدينة تطوان سنة 1910 درس تعليمه الأولي بالكتاب كسائر عموم الطبقات الشعبية وبعد ذلك التحق بالمدرسة الأهلية بتطوان وهي اول مدرسة ابتدائية حرة غير نظامية تخرج منها فطاحلة الأدب وقادة الوطنية والمقاومة بالمنطقة الخليفية وبعد تشربه النزعة الوطنية والقومية يمم وجهه قبل مدينة فاس وبالضبط الى القرويين ليستكمل تكوينه هناك الى جانب اخوانه من الشباب المؤمن بالقضايا الوطنية والقومية وبعد ذلك انتقل الى القاهرة ليتابع دراسته بالجامعة المصرية ثم الى باريس ليطعم تكوينه بالفكر الحداثي أنذاك مما اهله بان يحتل مكانة مرموقة ويتصف بعدة اوصاف ساهمت في ظهور مواهبه المتعددة الخطابية والأدبية التي برزت للعيان بمناسبة الزيارة التاريخية التي قام بها زعيم القومية العربية الأمير شكيب ارسلان لتطوان سنة 1930 والتي اوحت اليه بتأسيس جمعية سنة 1932 كانت بمثابة الخطوة الأولى لتأسيس حزب سياسي أطلق عليها اسم جمعية الطالب المغربية ومعنى هذا ان المجتمع المدني بتطوان له جذور ضاربة في القدم وهو المحرك الأساسي لتكوين وتأسيس الهيئات السياسية بالمغرب واليكم بعض المحطات الأساسية التي ميزت تاريخ هذا الرجل العظيم الذي يعد بحق زعيم متعدد المناحي بامتياز: أصدر سنة 1934 جريدة الحياة وهي بالمناسبة أول جريدة وطنية عربية بالمغرب في سنة 1936 شارك بمعية رفاقه الوطنيين في تنظيم الكتلة الوطنية التي ستسفر عن حزب الاصلاح الوطني في 18دجنبر 1936 تحت قيادته وزعامته المنقطعة النظير. شارك سنة 1938في أشغال المؤتمر البرلماني بالقاهرة دفاعا عن قضية العرب الأولى فلسطين ولقد سببت له حيويته وإيمانه بحرية شعبه والاستقلال الفكري والسياسي والاقتصادي لعموم الشعوب المستعمرة بصدور حكم بالإعدام في حقه غيابيا من المحكمة العسكرية الفرنسية بمكناس. ويحسب للزعيم الخالد تأطيره ودعمه لحركة التحرر الوطني بتوفير الوسائل اللوجستيكية وتأمين العدة والعتاد والإيواء بالمنطقة الخليفية التي كانت معقلا وموطنا وقاعدة لانطلاق المقاومة المغربية المنظمة, كما ساهم بفعالية المقاوم المحنك والقائد الذكي في مخطط اختطاف البطل والمجاهد محمد عبد الكريم الخطابي وأفراد عائلته من الباخرة التي كانت تنقلهم من منفاهم بجزيرة رينيون إلى فرنسا أثناء توقيفها بقناة السويس فالطريس من خلال هذا البروفيل رجل سياسي وزعيم وطني لا يشق له غبار وهذه سمات ميزته عن غيره بالإضافة الى اهتمامه بمختلف الأجناس الأدبية والتي كانت تخدم في معظمها حراكه السياسي فكان المتعدد الواحد : الأديب والفنان والمسرحي والمقاوم والدبلوماسي موظفا كل هذا في احياء وبعث الروح الوطنية والعزة والنخوة القومية مما صقل شخصيته السياسية وزعامته الوطنية الحقة بعيدا عن مساحيق التجميل واقتناص فرصة الظهور واستغلال رصيده الزاخر لاحتلال مواقع كان اولى بها من غيره هذا هو الطريس زعيم الوحدة م ع الداودي