فاجعة "الماحيا".. ارتفاع حالات التسمم ل 114 وعدد الوفيات يستقر في 8 أشخاص    أغلبهم إناث.. 73 ألف مترشح يجتازون البكالوريا بسوس ماسة    الحركة الشعبية بتطوان تعقد مؤتمرها الإقليمي    إضراب بالمكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي احتجاجا على تأخر إخراج القانون الأساسي    "المدونة" تؤجل حسم مواد بقانون المسطرة المدنية ووهبي يتمسك بواجب التحفظ    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدرهم ليوم الأربعاء    الرباط تستعد لاحتضان معرض العقار "سكن إكسبو"    ارتفاع أسعار الذهب بدعم من ضعف الدولار    بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات على وقع الانخفاض    النفط يتراجع لسادس يوم على التوالي وسط زيادة كبيرة في المخزونات الأمريكية    كيوسك الأربعاء | المغرب ثاني بلد عربي يطلب الحصول على بيانات مستخدمي "فيسبوك"    الإسباني فرناندو هييرو مديرا رياضيا للنصر السعودي    رونالدو ورحيمي ينافسان على جائزة خاصة في دوري أبطال آسيا    "هي فوضى" في الدوري الجزائري لكرة القدم (فيديوهات)    مجلس المستشارين يصادق على مشروع القانون المتعلق بالعقوبات البديلة    بنعبد الله: هوة كبيرة بين البرلمان والمجتمع    مراكش.. شاب يقتل والده بطريقة بشعة ويلوذ بالفرار    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    وزان: مبادرة تحتفي بزي "الحايك" الأصيل    علماء أمريكيون يقتربون من تطوير لقاح مركب ضد جميع فيروسات الإنفلونزا    المنتخب الأولمبي المغربي لكرة القدم يتعادل وديا مع نظيره البلجيكي    إطلاق نار على السفارة الأمريكية في بيروت    تقرير: 70 في المائة من الأطباء يتمركزون في أربع جهات فقط وطنجة ليست ضمنها    قصف مستمر على غزة والجيش الإسرائيلي مستعد "لتحرك قوي" على حدود لبنان    الإمارات: احتجاز ضابط بريطاني سابق منذ سبعة أشهر في دبي بتهمة التجسس    23 قتيلا و2726 جريحا حصيلة حوادث السير بالمدن خلال أسبوع    تفاصيل فضيحة بنك بتطوان    حافلات حديثة تكسر عزلة مطار طنجة وتشرع في ربطه بالمحطة السككية    الخبرة المغربية تتألق في صناعة حراس عالميين بهولندا    أفلام مغربية داخل وخارج المسابقة بمهرجان "فيدادوك" الخامس عشر    العصبة الاحترافية تحدد موعد إجراء نصف نهائي كأس العرش..    مغاربة يطالبون بالرباط بوقف "مذابح رفح"    ليدك .. إنشاء خزانات للماء و محطات الضخ لتقوية منظومتي التخزين و التوزيع    سلوفينيا تعترف بدولة فلسطين    بطولة رولان غاروس: الايطالي سينر يبلغ نصف النهائي ويضمن صدارة التصنيف العالمي بانسحاب ديوكوفيتش    مهرجان سيدي قاسم للفيلم المغربي القصير يفتح باب المشاركة في دورته الجديدة    لطيفة رأفت: القفطان المغربي رحلة طويلة عبر الزمن    مجلس النواب الأميركي يصوّت على معاقبة مسؤولي "المحكمة الجنائية الدولية"    خبراء: حساسية الطعام من أكثر الحالات الصحية شيوعا وخطورة في زمن تنوع الاطعمة    فرق محترفة تقدم توصيات مسرحية    لماذا يعتبر الشراء بالجُملة "أوفر" مادياً و"أفضل" بيئياً؟    الرجاء يتلقى ضربة موجعة قبل موقعة مولودية وجدة    افتتاح فعاليات الدورة ال12 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    حكم يدين إدريس لشكر بسب صحافيين    كيف ذاب جليد التطبيع بين إسرائيل والمغرب؟    السر وراء رسو ناقلات النفط الروسي قبالة سواحل المغرب    يستكشف تأثير "الإهمال والصراع" على العلاقة الزوجية.. "واحة المياه المتجمدة" في القاعات السينمائية    "أونسا" يكشف نتائج التحقيق في أسباب نفوق أغنام ببرشيد    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (15)    مبيعات الفوسفاط ومشتقاته تقفز إلى أزيد من 25 مليار درهم خلال 4 أشهر    السعودية تحذر من درجات حرارة "أعلى من المعدل الطبيعي" خلال موسم الحج    بوريطة يبرز الرؤية الملكية للتعاون الإفريقي والشراكة متعددة الأطراف في مكافحة الإرهاب    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    التباس مفهوم العدالة وتحولاتها التاريخية    دراسة: القطط بوابة خلفية لانتقال أنفلونزا الطيور إلى البشر    تصريحات صادمة لفاوتشي بشأن إجراءات التباعد وقت كورونا تثير جدلا    الأمثال العامية بتطوان... (615)    وصول أولى طلائع الحجاج المغاربة إلى المدينة المنورة يتقدمهم حجاج الأقاليم الجنوبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وحده الموت قادر على أن يعيدني إلى بيت أسرتي
نشر في الأحداث المغربية يوم 30 - 04 - 2010

شابات يملكن كل مواصفات «بنات دارهم» غير أن أخطاء بسيطة جعلتهن يحملن لقب «الهاربة»..لكل واحدة مسارها، إلا أن هذه المسارات تتأرجح في الكثير من الأحيان ما بين الخدمة في البيوت أو تأثيث الفضاءات الليلية، أغلبيتهن يكون «التكرفيس» عنوانا لحياتهن، والقليلات ينجحن في بداية حياة بسيطة.. لكن دائما بعيدا عن الأسرة.
«ماذا كانوا ينتظرون مني..
طردت من البيت رغم أن عمري لم يتجاوز بعد 15 ربيعا.. أرادوني أن أتحمل المسؤولية قبل الأوان وبالفعل كان لهم ما أرادوا، وانظري إلى واقعي اليوم».
واقع ليلى (اسم مستعار) يعيدها إلى سنوات طفولتها، عندما اكتشف والدها أنها على علاقة بأحد زملائها في الدراسة، وأنها أخطأت ومنحته جسدها في غفلة من عائلتها، لم يستسغ الأمر وطردها من البيت.
لحظة خروج «ليلى» من بيت والدها، كانت قاسية عليها، فكل أفراد الأسرة تنكروا لها! خرجت إلى الشارع وهي لا تعرف ماذا تفعل، فهي لم تعتد على العمل «بنت لفشوش»، ولا أحد سيقبل بها. بعد الليلة الأولى خارج البيت، تلقفت أمينة الأيادي وأخذت تنتقل من مقهى إلى آخر ومن يد رجل إلى آخر.. ليس اختيارا منها، بل كانت مجبرة لأن الباحث عن المتعة يؤمن لها المبيت لليال.. هكذا ولجت «أمينة» عالم العمالة الجنسية، لتتحول إلى واحدة من رائدات بارات وسط مدينة الدار البيضاء.
ظلت «ليلى» لأزيد من ثلاث سنوات على هذا الحال، من غرفة إلى أخرى، ومن رجل إلى آخر، ووقعت في الحب في أكثر من مناسبة لكن في كل مرة كان الفشل لصيقا بعلاقاتها، وإحداها أوصلتها إلى السجن.
بعد ثلاث سنوات من طردها من بيت أسرتها، وصلت «ليلى» إلى السجن. ذكرى مريرة تدخلها محاولة استرجاعها في حالة هستيرية من البكاء. أمضت «ليلى» تسعة أشهر خلف القضبان، لم تستقبل خلالها أي زيارة، بل اضطرت طوال هذه الفترة إلى خدمة زميلاتها من السجينات، كن يعاملنها بقسوة كبيرة، وهي لا تستطيع إلا أن تكون في خدمتهن وإلا ستموت جوعا.
ولجت «ليلى» السجن، بعد ثمان ليال حمراء قضتها في إحدى الشقق مع رجل اعتقدت أنه مختلف عن الآخرين، كان يردد على مسامعها باستمرار أنه يحبها، لكن الحقيقة أنه يحب جسدها فقط، وعند أول مشكل وقع لها تخلى عنها، بل اختفى عن الأنظار نهائيا. لكن في إحدى الليالي طال انتظارها له ولم يظهر له أثر، والغريب أن صبيحة ذلك اليوم وبينما هي غارقة في النوم بعد ليلة من الانتظار، استيقظت على طرقات قوية.. فتحت الباب وفهمت أن سكان العمارة أبلغوا الشرطة، والنتيجة تسعة أشهر من السجن.
بعد خروجها من السجن، عادت مجددا إلى بارات الدار البيضاء، لكنها عقدت العزم على ألا تقع في حب أي كان. علاقتها بالرجال بات يحكمها منطق «البزنيس»، وأصبحت حذرة في علاقاتها لدرجة أن من لا يقدم كل الضمانات على سلامتها لا ترافقه مهما كان المقابل الذي سيقدمه لها. وبعد سنتين من خروجها من السجن وبعد أن تعبت من التنقل بين الذكور، اكترت شقة وحولتها إلى «بانسيون» لاستقبال الفتيات اللواتي يحترفن العمالة الجنسية واللواتي لا يتوفرن على مكان للاستقرار.
عملها الجديد وفر لها بعض الاستقرار المادي، وفتح لها المجال على عوالم أخرى، إذ باتت على اطلاع بتفاصيل أكثر ترتبط بعوالم احتراف الجنس. هنا حدث التحول الأخير في مسار حياتها والذي مازالت عليه إلى اليوم، فمن راعية «بانسيون» إلى مالكة «شقق» معدة للعمالة الجنسية والدعارة، تجني منها مالا كثيرا، حياتها تغيرت ماديا إلى الأحسن، لكن معنويا مازالت أسيرة خروجها من بيت الأسرة، لا تتحمل التفكير في إخوتها الذين يقاطعونها، والأكثر من ذلك تخاف الموت، فهو الوحيد القادر على إعادتها إلى أسرتها.
لا تتحدث ليلى عن موتها، بل تقصد أن تفقد أحد والديها أو إخوتها، وهنا فقط سيكون اللقاء بباقي أفراد أسرتها ليدركوا ما اقترفوه في حقها.
خادمة ولن أعود إلى بيتنا
منذ سنوات، انقطعت عن هاجر الجبلية أخبار أفراد أسرتها، لا تبحث عنهم، ولا تريدهم أن يعرفوا طريقا لها، كانوا قساة معها، ظلموها والنتيجة (...)، تتوقف «هاجر» عن الحديث وتطلب من محدثتها التمعن في يديها.. يدان تختلفان كثيرا عن يدي الفتيات في مثل عمرها. يدان تملؤهما التشققات كما لو أنهما لبناء اشتغل لسنوات في البناء.
يدا هاجر عنوان معاناتها، فمنذ أن اضطرت للهرب من بيت أسرتها قبل عشرين سنة، وبالضبط في مارس 1995، تحولت إلى خادمة ببيوت الآخرين، رغم أن أسرتها عريقة وميسورة الحال بإحدى المدن الشرقية. تستمر «هاجر» في سرد قصة عذابها قائلة «أنتمي إلى أسرة غنية ومحافظة جدا وحكم علي القدر أن أخرج في مراهقتي وبداية عز شبابي، لأشتغل كخادمة في البيوت وأتذوق مرارة العنف والسب والشتم من لدن المشغلات والمشغلين، وأكابد قسوتهم».
لم تستطع أن تنال حظها من الدراسة، توقفت في حدود السنة السابعة إعدادي بعدما اعتبر إخوتها الذكور تدريسها سبة في حقهم، علما أنهم كانوا متعلمين. وانتقلت من بنت أسرة ميسورة إلى خادمة، كيف ذلك؟ الأمر بسيط ويعود تاريخه إلى ذلك اليوم اللعين الذي قررت فيه أن تخرج من البيت هربا من بطش إخوتها الذكور ومن سيطرتهم غير المبررة، فبعد وفاة والدها تحول أخوها الكبير إلى الآمر الناهي بالبيت، وباتت زوجته هي المتحكم فيها، تقول «نحنا لبنات لا يمكننا أن نستمتع بما تركه لنا الوالد رحمه الله علما أن والدتي توفيت وأنا في ربيعي السابع، أما باقي إخوتي الذكور فقد استغلوا هذه الفرصة وأسس كل واحد منهم بيته الخاص، فيما تحولت أنا وأخواتي إلى خادمات ببيت أخي الأكبر».
ضاقت ذرعا من تصرفات زوجة أخيها، ومن جبروتها واستغلالها ففكرت في أن تغادر البيت لعل هذه الخطوة تغير من تصرفات أخيها وتجعله يفكر في أخواته، لكن لا شيء من هذا تحقق، فما إن غادرت البيت حتى أغلق جميع أبواب العائلة في وجهها وتحولت إلى «الطايشة.. المسخوطة اللي بغات تشوه العائلة».
المهم، أنها انتقلت من مدينتها الأصلية ليستقر بها المقام بعدد من المدن، وأخيرا بالدار البيضاء.. لكن ما إن وطأت قدماها مدينة فاس، حتى التقت بسيدة تعاطفت معها بعدما حكت لها تفاصيل معاناتها، وساعدتها في إيجاد عمل لدى إحدى الأسر الفاسية كخادمة.
في البداية اعتقدت أن الأمر سيكون مرحلة استثنائية إلى حين أن تجد عملا آخر أفضل، لكنها ظلت تنتقل من بيت إلى آخر. هاجر تحمد الله لأنها لم تقع في الخطأ طوال هذه الفترة، فرغم أنها فقدت دفء العائلة وفقدت الحق في استغلال نصيبها من الميراث، وأصبحت خادمة، إلا أن حياتها اليوم أفضل، ولها الحق في أن تستمتع بها كما أرادت..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.