لا يمكن التكلم عن القاعدة دون ذكر بعض الأسماء الوازنة في عمليات الجهاد في الجزائر. حيث أن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تعتبر استمرارا فكريا و نهجا و تكتيكا لمجموع الحركات الإرهابية التي ضربت الجزائر و ذلك منذ 1991، تاريخ التدخل العسكري من أجل سد الطريق نحو فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الانتخابات. و هكذا تأسست الجماعة الإسلامية المقاتلة و جماعة الدعوة و القتال ثم تلاها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي فالموقعون بالدم و المرابطون في 2013. الجماعة الإسلامية المسلحة أسسها جمال الزيتوني و الذي رفض بيعة أسامة بن لادن بل تقول بعض المصادر أنه هدد بن لادن بعدم التدخل في الشؤون الجزائرية. و يقول نفيس مصدق أحمد بأن الجماعة الإسلامية المسلحة جيا أسستها السلطات الجزائرية و في حوار في مجلة 90 دقيقة على قناة كنال بلوس في نوفمبر 2012، يقول الكاتب حسين واكنون أن الزيتوني كان عميلا للمخابرات العسكرية الجزائرية. أما القبطان أحمد شوشان و في نفس البرنامج فإنه يقول بأن الجنرال كمال عبد الرحمان عرض عليه العفو مقابل أن يكون اليد اليمنى لجمال الزيتوني، و هذا العرض كان بحضور البشير طرطاق و إسماعين لعماري. الجماعة السلفية للدعوة و القتال تأسست سنة 1998 من طرف حسن حطاب بعدما انسحب من الجماعة الإسلامية المسلحة، ويعتبر أكثر دموية ، و أعلن الجهاد الدولي و ليس فقط في الجزائر. حسن حطاب هذا سيقيله نبيل الصحراوي في 2003 الذي سيقتل سنة 2004 ليبسط عبد المالك درودكال سيطرته على الجماعة . و هذه الأسماء جميعها يقر كثير من الملاحظين و المختصين بعمالتهم للمخابرات الجزائرية سواء جزائريون أو دوليون أمثال أيميريك شوبرال و جون شارل بريزار. القاعدة في شمال إفريقيا عندما قتل الصحراوي و جاء مكانه درودكال سيعلن هذا الأخير بيعته لبن لادن و عن تعاطفه مع مصعب الزرقاوي. و بالتالي صارت الجماعة الإسلامية للدعوة و القتال إلى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. إننا نحن أمام منظمة إرهابية انطلقت من المحلي إلى العالمي. انطلقت من الجزائر بل من المخابرات الجزائرية لتصير بعبعا دوليا مخيفا عصف باستقرار دولة مالي بين 2011 و 2012. و في كل مراحل تطورها أي من الجماعة الإسلامية المقاتلة إلى الجماعة السلفية للقتال وصولا إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. DRS كانت تحركاتها و تستجيب لطموحات مديرية المعلومات و الأمن الجزائرية * فالجماعة الإسلامية المسلحة تأسست من أجل القيام بأعمال إرهابية محلية تجعل الجزائريين ينفرون من الإسلاميين جملة و تفصيلا. * و الجماعة السلفية للدعوة و القتال تأسست من أجل الزج بفرنسا و أوروبا عموما في شراكة مع الجزائر من أجل : * المشاركة الفعلية في محاربة الإسلاميين * عدم التدقيق في جرائم الحرب التي يرتكبها الجيش ضمن عمليات محاربة الإرهاب كشن هجمات جوية، استعمال الأسلحة الثقيلة…… و لقد أذعنت فرنسا لرغبة حكام الجزائر الفعليين أي جنرالات بن عكنون إسماعين لعماري، كمال عبد الرحمان و البشير طرطاق تحت قيادة توفيق مدين. القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي 1 العلاقة بين تنظيم القاعدة و تجارة المخدرات تعرف القاعدة نفسها على أساس أنها منظمة تسعى إلى استعادة مجد الإسلام و إنشاء الخلافة الإسلامية من جديد. و سعيا منها وراء هذا المعطى الإيديولوجي فإنها شاركت في كل الحروب التي كان فيها المسلمون مضطهدون، سواء في أفغانستان ضد التدخل السوفياتي أو البوسنة ضد يوغوسلافيا و غيرها أو في الشيشان… كما تسعى القاعدة إلى استغلال إحساس بعض الشباب المسلمين بالدونية و الاحتقار بل و الاحتقان من أجل تجنيدهم في حربها أو حروبها على مستوى كثير من بقع العالم في أفغانستان، العراق، اليمن، الجزيرة العربية، سوريا، نيجريا، سيناء المصرية و في الساحل من خلال القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أكمي . و لكي تنجح هذه الحروب فإن أموالا ضخمة يجب أن تستثمر من أجل إنجاح مشروع القاعدة. أ. دار الإسلام و دار الكفر يعتمد العقل الإسلامي على التفريق بين دارين :دار الإسلام حيث تقوم الدولة بتطبيق الشريعة و هكذا يصير أبناء تلك الدول مسلمين و بالتالي يصير دمهم حرام فلا يجب قتلهم أو ترويعهم. ثم دار الكفر و هي كل دولة لا تقام فيها الشريعة حسب فهم غلاة القاعدة أي بقية العالم. هذا التقسيم المانوي بين الخير المطلق و الشر المطلق يعطي مساحة كبيرة لمنظري التنظيم بشن كل الحروب ضد دار الحرب بما فيها حرب المخدرات ب. المخدرات كجهاد وفي إطار هذه النظرة الاختزالية، خرجت مجموعة من الفتاوي التي تجيز بيع المخدرات للكفار و من هم في مقامهم أي المتعاونون معهم لأنها تدخل في إطار إضعاف العدو و من أجل الإجهاز عليه. هكذا صار الحرام بيع المخدرات حلالا بل و جهادا و هذا هو ما لم يستطع فهمه كثير من المتتبعين الغربيين الذين أثاروا السؤال حول الكيفية التي سيبرر بها التنظيم العقدي التجارة الحرام. ت. القاعدة تتبنى طريق القوافل إنني أميل إلى احترام القدرات التكتيكية للتنظيم العالمي للقاعدة، و هذا الاحترام أظنه لازما لكل باحث لأنه من دون هذه الاحترام لا يمكننا الوصول إلى المنطق الذي تشتغل به القاعدة و بالتالي محاربتها. فالاحترام هنا ليس تماهيا بل فقط من باب احترام الأعداء و قدراتهم الفكرية و الإستراتيجية. إن القاعدة من هذا المنطق حاولت أن تسيطر على التجارة العالمية للمخدرات بكل أنواعها : الكوكايين اللاتيني، الهيروين الأفغاني بالخصوص، و هاتان المادتان هما عصب تجارة المخدرات. و هكذا يقول المعهد الإسباني للدراسات الإستراتيجية بأن هناك تكاملا و تعاملا بين منظمة الفارك الكولومبية و تنظيم القاعدة. و يقوم هذا التعاون على إيصال كميات المخدرات التي تنتجها الفارك إلى جنوب إسبانيا حيث تستقر عائلتين كبيرتين من المافيا هما ندان كيطا و كامورا. و في هذا الإطار يشكل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لاعبا مهما. فهو يستقبل شحنات الكوكايين في الرأس الأخضر و عن طريق القوافل تصل إلى جنوب إسبانيا مرورا بمالي، الجزائر فإسبانيا، معتمدة على قراءتها لتاريخ المنطقة و لأدوارها التاريخية و مستعيدة طريق القوافل القديم الذي كان يربط بين مملكة كاوا و مملكة المغرب، و لكن هذه المرة لتجارة غير مشروعة. و أهمية تنظيم القاعدة لا تتجلى في تأمين شحنات الكوكايين الكولومبي بل حتى الأفيون الأفغاني يصل إلى أوروبا عن طريق دول الساحل، و لقد رأينا آنفا أن طريق باب المندب إلى مالي قد سد بعد المتغيرات الدولية و خاصة إعلان استقلال دولة جنوب السودان. فإن شحنات الهيروين و الأفيون الأفغاني تصل عن طريق نيجيريا ، لذلك تنشط جماعة بوكوحرام و تتجه أنشطة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي إلى جمهورية إفريقيا الوسطى و ذلك لتأمين مرور السلعة من نيجيريا إلى إفريقيا الوسطى، ثو تشادفجنوب ليبيا و منه إلى الجنوبالجزائري و من هناك إلى الجنوب الإسباني. 2 أموال تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يقول الملاحظون بأن أموال تنظيم أكمي هي بين 50 مليون دولار و 200 مليون تتأتى غالبيتها من أموال الفدية. و هذا ما ذهب إليه زين الشرفاوي في جريدة الوطن الجزائرية ل 12 أكتوبر 2010و غيره من الكتاب الغربيين الذين يعتقدون بأن حوالي 90 إل 95 في المائة من أموال التنظيم تتأتى من خلال الفدية، و أظن أن هذا خطأ كبير في التقدير، ذلك أن أموال المخدرات هي أكثر بكثير مما يتصور و أن أموال الفدية تكون كنوع من التبييض الإيديولوجي لتلك الأموال كما و أن العمليات الجهادية داخل هذا المنطق تكون من أجل : * البقاء الوجودي على مستوى الإعلام * النقاء الإيديولوجي أمام الأتباع إن أموال تهريب الكوكايين و الهيروين تقدر بملايير الدولارات و ليست بالملايين. 3 القاعدة تقدم خدماتها حسب الطلب أ. تجربة أفغانستان كمرجع حاول بن لادن إقامة دولة إسلامية بشراكة مع الملا عمر و غيرهم، دولة حسب فهمه للشريعة. هذه التجربة سرعان ما فشلت مع التدخل الأمريكي الذي جاء مباشرة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، فانهزمت الدولة الإسلامية كما أسسها بن لادن ليبدأ مرحلة جديدة من التفكير قوامها إضعاف الضعيف و مد يد العون للقوي، و ذلك في حسابات إستراتيجية لا علاقة لها بالدين و لا بمبادئ عامة. فمثلا ، القاعدة تتبنى الهجوم تلو الآخر ضد السعودية من خلال تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة، و تتعاون مع المخابرات السعودية و القطرية في العراق و سوريا. هكذا لم يعد مهما بالنسبة لقادة القاعدة وجود دولة تتبنى أفكارهم و تطبقها بقدر ما يهمها أن تتواجد بالقرب من أسواق منتجاتها و أقصد الكوكايين و الهيروين. و إدا نظرنا إلى خريطة تواجد القاعدة فهي تحيط بدول الخليج باعتبارها سوقا يتزايد الطلب داخله على المخدرات. فهي توجد بالعراق، اليمن و السعودية ثم تقترب من أوروبا عندما سنحت لها الفرصة بالتواجد في سوريا. ثم إنها تتواجد في جنوبموريتانيابمالي، تشاد، النيجر، نيجريا و إفريقيا الوسطى لتأمين شحنات المخدرات لإيصالها إلى أهم سوق لها أي أوروبا الغربية. عدم حاجة تنظيم القاعدة إلى دولة هو الذي يفسر انسحاب مقاتلي القاعدة من مالي بعدما تدخلت فرنسا و عودتهم إلى قواعدهم جنوبالجزائر و جنوب ليبيا و في النيجر. وفي مقابل ذلك، استعاض تنظيم القاعدة في نسج علاقات مع القبائل لتأمين وجود محطات استراحة للقوافل، و هي محطات إما قبلية أو تابعة لتنظيم القاعدة كقواعدها في نيجيريا و إفريقيا الوسطى حاليا، و في النيجر كما كان الحال عليه شمال مالي في 2010 و 2011، و محطات تقع تحت سيطرة مجموعات مسلحة ، أي محطات لا تخضع لسيطرة مباشرة لدولة قائمة، و هنا تظهر أهمية منطقة تندوف بالنسبة لتنظيم القاعدة. ب. أهمية تندوف للقاعدة تشكل منطقة الساحل الإفريقي منطقة وصل بين آسيا شرقا و أمريكا غربا حيث تنزل شحنات الكوكايين الكولومبي و الهيروين الأفغاني ، و تقوم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بتأمين وصوله إلى جنوب إسبانيا. و في هذا الإطار قلنا بأن التنظبم يحتاج إلى محطات استراحة للقوافل البرية، ذلك أن مجمل الشحنات يحملها بغال و حمير لا تعدو قوة تحملها على مسيرة يوم واحد. و لذلك فهي تحتاج إلى محطات استراحة كما أشرنا سابقا، و تندوف تقع في ملتقى القوافل القديم. و من الغريب أن القاعدة التي دخلت في معارك مع الجميع بقيت علاقتها مع البوايساريو دون أي احتكاك. و هذا يتطلب تفسيرا عقلانيا. ت. العلاقة بين البوليساريو و القاعدة أكمي تقع تندوف في الجنوب الشرقي للجزائر في الحدود مع موريتانيا و بالقرب أيضا من مالي و هي نفس مناطق نشاط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. و مع أن تنظيم أكمي دخل في حرب مع مالي، و مع موريتانيا و مع النيجر و أحيانا مع الجزائر، فإن العلاقة بينه و بين البوليساريو علاقات لا يرد ذكرها في الصحافة الإقليمية و الدولية. لقد رأينا سابق أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يعود تاريخ نشأته إلى تنظيم الجماعة الإسلامية المقاتلة و هو التنظيم الذي تواترت الشهادات حول ضلوع جنرالات المخابرات الجزائرية على خلقه و مده بالعتاد و بالخبرة. و هذا ينطبق تماما على البوليساريو. فهي نفسها أداة في يد االمخابرات الجزائرية، و بالتالي فإن البوليساريو و أكمي لم يدخلا في أي شنآن اعتمادا على أنهما يعملان معا .DRS لنفس الجهة أي المخابرات الجزائرية و هكذا نسجت البوليساريو و القاعدة علاقات وطيدة سمحت بموجبها المخابرات الجزائرية بأن تكون تندوف إحدى أهم محطات استراحة حمولات الكوكايين و الهيروين الذي تنظم القاعدة تأمين مسارهما في اتجاه جنوب إسبانيا. د سلاح ليبيا بيد البوليساريو و أكمي تشير كثير من الوقائع و الدلائل أن السلاح الليبي قد وقع بيد الإرهابي مختار بلمختار و أيضا بيد البوليساريو، و هذه القرائن هي كالتالي : * سيطرة تنظيم القاعدة على مناطق شاسعة أواسط 2012 من مالي مما نتج عنه التدخل الفرنسي في شمال هذه الدولة. * تنفيذ عملية إن أميناس و هي عملية نوعية و خطيرة و بأسلحة من خزائن ليبيا و بمقاتلين من بوكوحرام و من مالي و مصر و غيرها بقبادة المدعو مختار بلمختار. * أما البوليساريو و عندما وصلته شحنات من السلاح الليبي وهي التي أعانت عقيد ليبيا المطاح به بأكثر من 2000 عسكري من قواتها إبان الثورة الليبية 2011. تجرأ عبد العزيز المراكشي و لمرتين بإعادة حمل السلاح ضد المغرب . و هنا يجب طرح سؤال آخر و هو كالتالي : لماذا احتكرت أكمي و البوليساريو السلاح الليبي ؟ إن الجواب على هذا السؤال الاستشكالي يطرح أيضا على الجزائر.