أكد المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج أن مبادرة المندوبية العامة لتعديل القانون المنظم للسجون تندرج في سياق استكمال تنفيذ محاور استراتيجيتها الجديدة والمندمجة، والتي تروم تأهيل قطاع السجون بشريا وبنيويا ولوجيستيكيا، إضافة إلى أنسنة ظروف اعتقال السجناء وتحسين معاملتهم. وقال التامك في كلمته الافتتاحية خلال الندوة التي أقيمت يوم أمس الثلاثاء بالرباط لتقديم مسودة مشروع تعديل القانون المنظم للسجون، إن "مبادرة المندوبية العامة حول القيام بتعديل شامل للقانون المنظم للسجون لم يكن مرتجلا ولا اعتباطيا، وإنما يأتي من قناعة ترسخت في ضوء ما يفرزه التدبير اليومي لظروف اعتقال السجناء، من إشكاليات وصعوبات تزداد تعقيدا مع ارتفاع عدد المعتقلين، واختلاف مرجعياتهم الجنائية من حيث الخطورة والهشاشة أيضا"، يورد المتحدث نفسه. واعتبر التامك أن العمل بالقانون الحالي المنظم للسجون، الذي مرت عليه ستة عشر سنة "يشكل في حد ذاته منعطفا أساسيا جسد المفهوم السليم للعقوبة السالبة للحرية ولمبدأ العناية بظروف اعتقال السجناء وصون كرامتهم، كما شكل قطيعة مع الممارسات التقليدية في تدبير ظروف اعتقال السجناء"، لافتا إلى أنه بعد مضي هذه المدة من الزمن "برزت معالم قصور في مضامين هذا القانون على مستوى معالجته لبعض الإشكاليات المرتبطة بالجوانب الأمنية والإدماجية في تفعيل دور المؤسسات السجنية". وأوضح التامك أن المندوبية العامة ستوسع دائرة تشاورها وانفتاحها على ملاحظات ومقترحات مختلف الفعاليات الحكومية المعنية عبر تمكينها من نسخة من المسودة الأولية، لإبداء رأيها وملاحظاتها ومقترحاتها، مضيفا أنها ستعمل على عقد لقاء دراسي خاص حول هذا المشروع بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تدعو له جمعيات المجتمع المدني، للتفاعل مع ملاحظاتها ومقترحاتها وأخذها بعين الاعتبار في بلورة مشروع تعديل القانون. بالمقابل، نبه المسؤول الأول عن سجون المملكة إلى أن تعديل القانون المنظم للسجون، مهما بلغ من درجات الدقة والنجاعة والملاءمة، ومهما بلغت جهود تنزيل مضامينه، "فلن تتحقق العدالة المنشودة إلا من خلال إعمال سياسة جنائية، وعقابية على وجه التحديد، تعتمد ترشيد الاعتقال وتفريد العقوبة السالبة للحرية وإعمال آليات موجبة للإفراج قبل موعده"، على حد تعبيره. وأضاف أن وضع الأسس السليمة لهذه السياسة الجنائية لابد وأن ينطلق من "رصد علمي ودقيق لظاهرة الجريمة بغية التمكن من بلورتها بشكل فعال تتحقق معه العدالة في أبعادها الحقوقية والقانونية والتنموية". أما عز الدين بلماحي المنسق العام لمؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، فأكد أن "تحديث الإدارة السجنية مسؤولية الجميع، من قطاعات وزارية، ومجتمع مدني، وكافة المتدخلين في هذا المجال"، معتبرا أن مؤسسته طرفا شريكا في أنسنة الفضاء السجني، وتطوير الامكانات اللوجيستيكية وتمتين الترسانة القانونية، إضافة إلى مواكبة السجناء خلال فترة الاعتقال وبعد مغادرتهم أسوار السجن. واستطرد بلماحي قائلا: "مبادرة المندوبية لتعديل قانون السجون يندرج ضمن مطمح إنساني ونبيل لتوفير كل الرعاية للسجناء باعتبارهم مواطنين يتمتعون بكامل الحقوق التي يتمتع بها المواطن خارج المؤسسة السجنية". مبادرة المندوبية لاقت تقدير المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي، حيث عبرت المديرة الإقليمية لشمال إفريقيا والشرق الأوسط، تغريدة جبر عن إعجابها بخطوة المندوبية الرامية إلى الرقي بالقانون المنظم للسجون من خلال تعديل القانون المنظم للسجون. وقالت جبر في كلمتها إن المسودة المشروع تعتبر نموذجية وفريدة من نوعها على مستوى الوطن العربي باعتبار أنها تمت صياغتها وفق أحدث معايير الأممالمتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء المعروفة اختصارا بقواعد نيلسون مانديلا. وتابعت جبر حديثها بالقول: "هذه فرصة المغرب من أجل قطع شوط مهم في ترسيخ حقوق النزلاء"، موضحة أن قضايا إصلاح العدالة الجنائية والسجون على وجه التحديد تلقى "اهتمام أعلى سلطة في البلاد بشكل مباشر ويدل على حرصه الإنساني العال لاحترام قيم العدالة وحقوق الإنسان". ويهدف هذا اللقاء، المنظم من قبل المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بشراكة مع مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء والمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي والسفارة البريطانية، إلى تسليط الضوء على الحاجة الملحة إلى الدواعي المنهجية والمرجعية لتعديل القانون المنظم للسجون. كما ترمي الندوة التي شارك في هذا اللقاء ثلة من الخبراء على المستوى الدولي والعربي، إلى إبراز مستجدات مسودة مشروع القانون المنظم للسجون والمرجعية.