في الثالث عشرة من شهر غشت 1961 بدأت قصة جدار برلين. وهي بداية مرتبطة مع انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، حيث وجدت ألمانيا المنهزمة في الحرب نفسها تحت وصاية اتفاقية "يالطا" التي قسمتها إلى 4 مناطق تحت نفوذ الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. وحينها تشكلت دولتان لشعب واحد. وأصبحت مدينة برلين فضاء واسعا للصراعات الاستخبارية والشحن السياسي والتهديدات الساخنة. جاء بناء الجدار من قبل جهورية ألمانيا الديمقراطية لوقف النزيف الاقتصادي الذي عانته، بسبب هجرة الناس منها إلى الجزء الغربي لألمانيا. فقد هاجر أكثر من 1.6 مليون ألماني من شرق البلاد إلى غربها. قيادة الحزب الشيوعي الحاكم بدأت ببناء الجدار تدريجيا، ومات 138 شخصا خلال محاولاتهم عبور الجدار بعد أن أطلق حراس الجدار النار عليهم. فهل استفيد من دروس الجدار وسقوطه، اوروبيا وخارج اوروبا ايضا، ولا سيما عندنا في وطننا العربي الذي امتلأ بمثيلاته ومرادفاته، من سايكس بيكو و"وعد" بلفور واتفاقيات ومعاهدات سيفر وسان ريمو وباريس ولوزان ويالطا وغيرها؟!!. من انتصر بعد الجدار ومن شرع الأبواب لزمن آخر بعده؟. الصراعات السابقة لم تنته، ولم تعتبر. لقد حاول المعسكر الغربي استثمار السقوط لمصلحته و"نهاية التاريخ" عنده. ووسع من امتداداته وتصوراته وهيمنته. فالاتحاد الاوروبي تجاوز اضعاف عدد دوله وهو مكسب اوروبي وتطور ايجابي، كان المفروض ان يكون قدوة ومثالا للبناء والتقدم رغم وما له وما عليه. وحلف شمال الاطلسي/ الناتو زاد عن حدوده وفاض على جيرانه. رغم تأكيده في كل مناسبة أنه لا يزال يحترم تعهداته، إلى أن وصل إلى ضم دول البلطيق الثلاث (لتوانيا، لاتفيا، استونيا) التي كانت تابعة للاتحاد السوفييتي في القرن الماضي، ويعمل الان نحو دولتي جورجيا وأوكرانيا. وهو عمل عدواني صريح، يستهدف محاصرة روسيا وإضعافها على مختلف الصعد بحسب موسكو. وبعد سقوط الجدار وضع الالمان على بقاياه قبل تهديمه كاملا صورة كبيرة يقبّل فيها الرئيس السوفيتي بريجنيف الرئيس الالماني الديمقراطي اريك هونيكر، وكأنهم رسموا فيها قبلة الموت لكليهما، لسياساتهما ولطريقتهما في الإدارة والتعامل مع الواقع، والوقائع التي كانت ترسي نفسها في النظام والمعسكر والعالم. وعكست اغترابا من مجرى التغيير والتحولات العالمية. وبالمناسبة صرح الرئيس الاميركي باراك اوباما أن سقوط جدار برلين قبل 25 عاما كان تقديرا لأولئك الذين لقوا حتفهم في محاولة للوصول إلى الحرية، وللتحالف الاميركي الالماني الغربي، إبان فترة الحرب الباردة. وقال أوباما انه لن ينسى أبدا صور سكان برلين الشرقية وهم يهدمون الجدار ويتدفقون إلى برلين الغربية. واستطرد أوباما قائلا: "وكان ذلك تذكيرا بأن الجدران الخرسانية والأسلاك الشائكة لا يمكن في نهاية المطاف أن تقف في وجه إرادة الرجال والنساء العاديين الذين عزموا امرهم على العيش أحرارا". في قلب العاصمة برلين بقي جزء بسيط من الجدار قائما، ليبقى ذكرى للحرب الباردة. لكن قطعا صغيرة وكبيرة منه أضحت تباع كتذكار وهدايا تُذكر بالفترة التي قسمت العالم إلى شطرين. بعضها أصبح ميدالية للمفاتيح، البعض الآخر ربط بمغناطيس ليعلق على باب الثلاجة، أو وضع على طاولة المكتب أو على جدار المنزل. ففي محل لبيع الهدايا قرب نقطة "تفتيش شارلي" الشهيرة تباع قطع صغيرة ملونة بخمس يوروهات تقريبا. ليرتفع السعر تدريجا حسب حجم القطعة.